نظام «GPS» لوسائط النقل من جيوب المواطنين لجيب المورد
قال عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل في محافظة دمشق عبر إحدى الإذاعات المحلية بتاريخ 14/2/2022: «إن تقنية الـ «GPS» ستُطبّق بدءاً من دمشق خلال هذا الشهر، مشيراً إلى أنها ستُعمم على الباصات والسرافيس والبولمانات التي تُزود بالمحروقات».
الحديث عن تزويد وسائط النقل بجهاز الـ «GPS» ليس جديداً، بل تم طرحه خلال السنين الماضية مراراً وتكراراً، وذلك من أجل ضبط ومتابعة حركة وسائط المواصلات، على ضوء عدم التزام بعضها بخطوط السير المخصصة لها، ولجوء بعض أصحاب هذه الوسائط إلى بيع مخصصاتهم من مادة المازوت وتوقفهم عن العمل.
مشروع قديم متجدد
طُرح موضوع تزويد وسائط النقل بجهاز الـ «GPS» في عام 2019، فبتاريخ 17/7/2019 كشف مدير هندسة المرور والنقل في محافظة دمشق عن «إجراء تجربة جهاز GPS المزمع تطبيقه على السرافيس وغيرها من سيارات النقل العام في محافظة دمشق، في حال كانت هذه التجربة ذات جدوى اقتصادية وفنية، مبيناً: أن المديرية قامت بتركيبه على إحدى سيارات المديرية لإجراء التجربة، والعملية بكاملها ستكون محل تقييم متكامل».
وقد تم غض الطرف بعد ذلك على ما يبدو، ولم يتم الإعلان عن نتائج التجربة من الناحية الفنية والاقتصادية، لكن بالمقابل لم يتم طي الموضوع، حيث استمر طرحه خلال السنين التالية وحتى الآن، استناداً لنفس المبررات أعلاه.
استمرار المبررات
ما زالت بعض وسائل المواصلات غير ملتزمة بخطوط سيرها، وبعضها الآخر ما زال يبيع مخصصاته، على الرغم من أن المحافظة كانت قد أعلنت عن اتخاذ العديد من الوسائل والآليات لضبط ذلك، اعتباراً من المراقبين على الخطوط، مروراً بتخفي بعض رجال شرطة المرور باللباس المدني لضبط المخالفين، وليس انتهاءً بإلزام السائقين ببطاقة الآلية، التي تتضمن التوقيع على حركة الآلية وتعبئتها، مع الكثير من الحديث عن التشدد في ضبط المخالفين، ومع ذلك استمر الوضع على ما هو عليه من سوءٍ وتردٍّ على مستوى المواصلات العامة حتى الآن، مع غض الطرف عنها، محاباةً وفساداً، وعمّا يلحق المواطنين من إرهاق واستغلال بسببها.
فهل ستحقق تقنية الـ «GPS» ما عجزت عنه المحافظة وشرطة المرور على مستوى ضبط حركة وسائل المواصلات؟
المورد المحظي
تجدر الإشارة إلى أن الحديث عن تزويد وسائل المواصلات بجهاز الـ «GPS» كان محصوراً في البداية على مستوى محافظة دمشق، وبعد ذلك جرى تعميمه كي يشمل بقية المحافظات، ليس على مستوى وسائل المواصلات فقط، بل وشمل أيضاً كافة وسائط النقل.
وهنا ربما لا بد من الإشارة إلى أن تأمين هذا الجهاز سيتم عبر الاستيراد، أي إن هناك مورداً محظياً سينتفع من عملية إلزام آليات المواصلات والنقل بتركيب هذا الجهاز، وهذه الآليات عددها كبير بمجموعها، وبالتالي فإن مرابح المورد المحظي ستكون كبيرة لا شك، بغض النظر عما إذا كانت هذه التقنية ستحقق الغاية منها أم لا، وبغض النظر عن استفادة المواطنين منها بالنتيجة على مستوى تحسين مواصلاتهم!
من جيوب المواطنين
التكاليف التي سيتكبدها أصحاب وسائط النقل والمواصلات لن تقف عند حدود سعر الجهاز المستورد وأرباحه المقدرة بالعملة الصعبة (مع الهوامش الإضافية المرتبطة بذرائع العقوبات والحصار) فقط، بل ستتعداها إلى أجور التركيب، مع أجور الصيانة اللازمة له بين الحين والآخر، ناهيك عن استبداله إن لزم الأمر، وما يمكن أن تتفتق عنه القريحة بفرض رسوم إضافية على ذلك، وطبعاً كل ذلك لن يكون إلّا من جيوب المواطنين بالنتيجة، أي: إن جيب المواطن ستتكفل بتغطية كافة التكاليف السابقة، مع عدم اليقين بتحسن مواصلاتها من كل بد، خاصة بظل استمرار أنماط المحسوبية والوساطة والفساد التي تغطي على المخالفات والمخالفين، أياً وأينما كان هؤلاء!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1058