الخليوي.. ثلاثية احتكارية جديدة
نادين عيد نادين عيد

الخليوي.. ثلاثية احتكارية جديدة

مع استمرار ارتفاع صوت المعاناة لمشتركي الاتصالات، وصمّ أصحاب الشأن آذانهم عن المطالب المحقة بتحسين جودة الخدمات المقدمة عبر شركتي الاتصالات «سيرتيل- أم تي أن» الوحيدتين في سورية، جري الإعلان الرسمي عن اقتراب موعد إطلاق مشروع المشغل الثالث للاتصالات «وفا».

فقد صرح وزير الاتصالات يوم 15 شباط الجاري، خلال جلسة مجلس الشعب الثالثة عشر من الدورة العادية الخامسة للدور التشريعي الثالث، أنه: «سيتم منح المشغل وفا الترخيص خلال الأسبوع المقبل لتكون المكالمة الأولى عبره بعد تسعة أشهر من تاريخ منح الترخيص، بعد استكمال كامل الإجراءات والتجهيزات اللازمة».

تردٍّ في الخدمات

يأتي هذا الإعلان، في ظل استمرار معاناة مشتركي الاتصالات الخلوية في سورية من تردي جودة الخدمة المقدمة عبر شركتيّ «سيريتل-«MTN، وتوفر خدماتها المرتبط بوجود الكهرباء فقط، ويلقى ذلك اعترافاً رسمياً لشركة الاتصالات «سيريتل» بتراجع جودة الخدمة التي تقدمها، دون أن تحرك ساكناً، بل نسبته لسوء وتردي الوضع الكهربائي العام في سورية، بالإضافة للتذرع بالعقوبات والدولار، ضاربة بعرض الحائط أية حلول فعلية من شأنها أن تنهي مأساة انعدام الخدمة عن مساحة واسعة من البلاد، رغم ما جنته من أرباح صافية فاقت 79 مليار ليرة خلال فترة تسعة أشهر، بحسب بعض بياناتها المعلنة مؤخراً!

المشغل الثالث... تفاصيل أكثر

صدّقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، يوم 30 أيار الماضي على النظام الأساسي لشركة «وفا»، التي ستقدّم خدمات المشغّل الثالث لاتصالات الخليوي.
والنظام الأساسي للشركة ينص على أنها تُقدّم خدمة اتصالات الخليوي، وجميع الخدمات الفرعية ذات الصلة، وتسمّى شركة «وفا للاتصالات «تيليكوم» المساهمة المغفلة الخاصة.
كما يبلغ رأس مال الشركة المعلن عشرة مليارات ليرة سورية، بعدد أسهم يبلغ 100 مليون سهم، قيمة كل منها 100 ليرة سورية، ومدّة العقد 22 عاماً تبدأ من تاريخ اجتماع الهيئة العامة التأسيسية، مع جواز التمديد، على أنّ تصدّق الوزارة على ذلك.
ومن حقوق الشركة، أنّ يُسمح لها بإبرام العقود باختلاف أنواعها مع الشركات والمصارف والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، والتعاون مع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المحليين أو الأجانب، وتقديم خدمات دفع أو نقل النقود، وسائر الشؤون المتعلقة بالخليوي.
ووفقاً لمدير الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، سيتم توفير جميع الإمكانات الملائمة لتمكين المشغل الجديد من الوصول إلى شريحة واسعة من المشتركين، من خلال السماح بالعروض الترويجية في المرحلة الأولى للانطلاق، وذلك زيادة عن عروض المشغلين العاملين حالياً، لإتاحة الفرصة له لدخول السوق، إضافة إلى منح المشغل إمكانية الاستفادة من شبكاتهما لمدة عامين في بعض المناطق، ريثما ينتهي من إنجاز وتركيب الأجهزة الخاصة به، واستكمال البنية التحتية اللازمة له، لتحقيق الانتشار الجغرافي وتأمين الخدمة لأكبر عدد ممكن من الأشخاص.
وأضاف، بأن المشغل سينطلق بتقنية 4G مع إمكانية التوسع لخدمات الجيل الخامس 5G من الاتصالات.
وأوضح وزير الاتصالات خلال جلسة مجلس الشعب، أنه تم منح الحصرية للمشغل الثالث لإدخال ميزة الـ 5G خلال مدة سنتين من بدء الحصرية، وفي حال عدم قدرته على تأمين التقنية لذلك خلال الفترة المحددة سيتم الطلب من شركتي «سيريتلMTN/ » تأمين هذه التقنية، موضحاً أن هناك إمكانية لاحتساب تكلفة الاتصال بالثواني، وهي خدمة موجودة حالياً، ولكن هذا يجعل سعر الدقيقة أعلى.

رأسمال 10 مليارات ليرة ولكن؟!

وفقاً لما جاء ضمن بنود النظام الأساسي لشركة «وفا»، فإن رأسمالها لا يتجاوز 10مليارات ل. س.
الملفت حقاً أن رأسمال 10 مليارات يبدو قليلاً مقارنة بمشغل جديد سيدخل حلبة المنافسة مع المشغلين الأقدم «سيريتلMTN/ »، مع كل ما يحتاجه لإنجاز وتركيب كافة الأجهزة والمعدات التقنية والبنية التحتية اللازمة على كامل الرقعة الجغرافية المطلوب تغطيتها بالخدمة.
ففي نهاية الأمر يحتاج لبنية تحتية كاملة ليكون قادراً على إيصال الخدمة لشريحة واسعة من المستخدمين، ولتقديم عروض ترويجية تسمح له بدخول عالم السوق ليصل إلى شريحة واسعة من المشتركين، حتى ولو أتيحت له في الفترة الأولى إمكانية الاستفادة من شبكتي المشغلين الحالين، يبقى المبلغ المقدر لرأسمال مشغل بـ 10 مليارات ليرة محط تساؤل وشك، اللهم باستثناء أن يكون ذلك بوابة للتهرب الضريبي، على الرغم من كل المزايا والإعفاءات والحصرية الممنوحة لهذا المشغل الجديد.

قطاع احتكاري خاص كبير

الامتيازات الممنوحة للمشغل الجديد، سواء تلك التي تسمح بالاستفادة من تجهيزات شركتي الاتصالات «سيريتل- MTN» والبنى التحتية لهما ولمدة عامين، أو الامتياز الاحتكاري الذي منح مشغل «وفا» حصرية إدخال ميزة الجيل الخامس «5G» خلال مدة سنتين، أو إمكانية تقديم خدمات دفع أو نقل النقود، تعتبر مزايا ملفتة، وهي بأية حال ليست مقدمات للتنافس فيما بين الشركات الثلاث لاحقاً من أجل تقديم الخدمات الأفضل بالأسعار الأدنى للمشتركين لديها.
فبوابات التعاون فيما بين الشركتين المحتكرتين للاتصالات الخليوية مع المشغل الجديد، ستدخل مرحلة أعلى من التنسيق فيما بين الشركات الثلاث لاحقاً، وطبعاً سيكون ذلك على حساب المشتركين بخدمات هذه الشركات.
فاحتكار سوق الاتصالات الخليوية المحلي أصبح مقسماً على ثلاث شركات بدلاً من اثنتين، مع الفارق النوعي بتقديم خدمة الجيل الخامس في الآجال الزمنية المتوسطة، ضمن آليات الاحتكار القائمة نفسها، مع الميزات الممنوحة للشركات الثلاث بما يتعلق بالتعاون مع المصارف ونقل الأموال وتحويلها، مع نتائج كل ذلك السلبية، ليس بسبب عدم التفاؤل بتحسين شروط ومواصفات وجودة الخدمة، ولا بعدم التفاؤل بتخفيض أسعار الخدمات، بل والأهم هو: جني المزيد من الأرباح، مقابل استمرار عدم استفادة الخزينة العامة للدولة من هذا القطاع الكبير والمربح، الذي تصب أرباحه السنوية في جيوب البعض سنوياً، بسبب التخلي الرسمي عن هذا القطاع، بل وتحويله إلى قطاع احتكاري خاص كبير!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1058