إعادة إحياء نهر بردى مشروع متجدد.. هل ستختلف نتائجه؟
نادين عيد نادين عيد

إعادة إحياء نهر بردى مشروع متجدد.. هل ستختلف نتائجه؟

أعادت محافظة دمشق، يوم 10 من الشهر الجاري، فتح ملف مشروع «إعادة إحياء نهر بردى» من جديد، معلنةً إطلاقه بعد أن قدمت جامعة دمشق دراستها التمهيدية للمحافظة لتنفيذه ضمن مراحل زمنية يُتفق عليها، وبكلفة مبدئية 14 مليار ل. س.

لقد صرح محافظ دمشق «أن نهر بردى يعتبر أحد رموز دمشق، مضيفاً: لولا بردى لما كانت دمشق، وإن إطلاق المشروع مهم جداً بالتعاون مع الجامعة وجميع الوزارات المعنية ومحافظة الريف، علماً أن هناك تلوثاً بيئياً كبيراً طال النهر عبر سنوات مستمرة.»

مشاريع مشابهة

ليست المرة الأولى التي يطلق فيها مثل هذا المشروع، وبتلك التكلفة المالية الكبيرة!
فقد سبق أن رصدت الحكومة خلال السنوات السابقة مبالغ مالية كبيرة لتنفيذ مشروع مشابه لمشروع إعادة إحياء نهر بردى، وعلى مراحل، والذي تم إطلاقه خلال مؤتمر للجمعية السورية البريطانية من العام 2019، حيث كانت آخرها مرحلة تنظيف مجرى نهر تورا، الممتد من دمر مروراً بحديقة تشرين والمالكي والروضة وصولاً لساحة الميسات، والملفت حقاً أنه لم يكن هناك فارق يذكر من حيث نظافة مياه المجرى، التي يغلب عليها أن تكون مياه صرف صحي، ناهيك عن استمرار حجم القمامة المتراكمة على جانبي النهر، ما جعله مرتعاً للحشرات والقوارض، مع استمرار الروائح الكريهة المنبعثة منه على طول مجراه.

كتلة إنفاق في غير وقتها

وفقاً لتصريح محافظ دمشق «فإن التنفيذ قريب، وبعد انتهاء الدراسة بشكل كامل»، كما ذكر «أن مجلس الوزراء قدم سابقاً 14 مليار ليرة لإحياء نهر بردى، لكن هذا الرقم متغير مع متطلبات الدراسة والتنفيذ، منوهاً بالدعم الحكومي، لكن لا يمنع من مشاركة لبعض المنظمات التي تعنى بالبيئة.»
الجدير بالذكر، أنه تم إطلاق مشروع إحياء نهر بردى، وبهذه التكلفة المليارية القابلة للزيادة، في الوقت الذي أغرقت فيه الحكومة جزءاً غير يسير من الغالبية المفقرة بمستنقع إبداعها الظالم، تحديداً بما يخص رفع الدعم عن شريحة من المواطنين، وإعادة توزيعه لمستحقيه وفقاً لتعبيرها!
وربما كان من الأولى مثلاً، أن ترصد تلك المبالغ المليارية لتحسين ولو جزء يسير من المستوى المعيشي والخدمي الأكثر من سيء، وعلى كافة المستويات.
ففي الوقت الذي يعاني فيه نحو 60% من المواطنين من انعدام أمنهم الغذائي، و90% من السوريين يقبعون تحت خط الفقر، وفي الوقت الذي تعلن فيه الحكومة عن عجز كبير في ميزانيتها، فإن الإعلان عن رصد مثل هذا المبلغ لا يعكس سوى حجم الاستهتار الحكومي واللامبالاة للكارثة الإنسانية التي يتجرعها المواطن السوري يومياً، مُجبرَاً، جراء قراراتها «الظالمة»، كما يعكس أيضاً حجم الفشل الذريع في إدارة الأزمات المستعصية التي يعاني منها الغالبية من السوريين!

رصد المليارات والمعاناة واحدة

من المؤكد، أن مشروع إحياء نهر بردى يعتبر من المشاريع الحيوية والهامة، وستنعكس إيجابياته على المواطنين، وعلى دمشق وريفها، وعلى البيئة بشكل عام، طبعاً هذا في حال إنجاز ما يجب إنجازه بهذا المجال بشكل فعلي!
لكن، هل من الممكن أن نتساءل مثلاً عن المليارات التي تم رصدها وإنفاقها سابقاً تحت عنوان تنظيف مجرى نهر بردى وتفرعاته؟
وهل لنا أن نتساءل عمّا إذا كان المشروع الجديد سيختلف من حيث النتيجة عن سابقه؟
فما تُوصلنا إليه النتائج، بعد الخبرة المتراكمة والطويلة لسياسة وعقلية الحكومة وقراراتها وآليات تنفيذها، أن المشروع الذي أطلق لإعادة إحياء نهر بردى لن يكون ذا فارق عما سبقه من مشاريع كانت محصلتها صفرية على أرض الواقع!
فتلك المبالغ المالية التي صرفت وتصرف بين الحين والآخر لم تغير من واقع حال مجرى نهر بردى وفروعه، بل يمكن اعتبارها أحد أقنية الفساد، سواء على مستوى الدراسات أو على مستوى التنفيذ، حيث لم يلمس المواطن منها أي بصيص نور، سوى ما يجري من حديث عن مراحل الإنجاز، شبه الخلبي، إعلامياً فقط، لتبقى الإنجازات الحقيقية والمطلوبة، والتي تعتبر فعلاً حاجة ملحة للمواطنين والبيئة ودمشق وريفها بلا تنفيذ عملياً!
والأنكى من كل ذلك، هو الاعتماد على بعض المبادرات التي تقوم بها بعض المنظمات تطوعاً للمساعدة في تنفيذ مثل هذه المشاريع، لتذهب جهود المتطوعين وتعبهم أدراج الرياح، فيما يتنعم الفاسدون بحصتهم، المقتطع جزء منها على حساب هؤلاء عملياً!
فذلك ما جرى خلال المشروع السابق لتنظيف نهر بردى، وهذا ما يمكن أن يتم في المشروع الجديد!
فهل من هدر وتبرير لأرقام النهب والفساد للأموال العامة أكثر من ذلك؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
1057