الأسعار الافتراضية ترفع الأسعار في الأسواق
نادين عيد نادين عيد

الأسعار الافتراضية ترفع الأسعار في الأسواق

ما يزال المواطن يجري ضمن حلبة سباق مارثون الأسعار المتغير، مجبراً على ذلك، فلا خيار لديه سوى الجري ضمن حلقات الاستغلال المتتالية، وليبقى الخاسر الوحيد، وباستمرار.

يكاد لا يخلو شهر دون إصدار التعميمات والقرارات والنشرات السعرية الجديدة من قبل الحكومة بشتى وزاراتها، ولا شيء جديد بخصوص ذلك، سوى تعميق أزمة المواطن المنكوب بسوء أوضاعه المعيشية.
وآخر ما حرر، كان تداول بعض الأسعار الجديدة المفصلة عن تكلفة مواد السكر والبقوليات، بدءاً من التكلفة على الموردين وتاجر الجملة، ومن ثم المستهلك، إضافة إلى تكلفة التعبئة، وذلك عبر الصفحة الرسمية للوزارة، نقلاً عن الصفحة الخاصة بوزير حماية المستهلك، مع العلم أنه لم تصدر نشرة رسمية عن الوزارة بذلك المضمون!

مهماز لرفع الأسعار

وفقاً للنشرة المتداولة، فقد ارتفعت الأسعار عما سبق، فعلى سبيل المثال لا الحصر: أصبح سعر كيلو السكر المعبأ للمستهلك حسب التداول الجديد بـ 2800 ل.س، بعدما كان بـ 2500 ليرة، على أن يبقى سعر السكر عبر التدخل الإيجابي على ما هو عليه بسعر 2200 ل.س.
أما بالنسبة لأسعار البقوليات، فقد شهدت أيضاً ارتفاعاً بالتسعيرة المتداولة عمّا سبقها من نشرات رسمية، مع العلم أنها الزيادة الثالثة على أسعار البقوليات منذ بداية العام 2021.
كما أن الأسعار المنشورة عبر صفحة الوزارة لا تتطابق وواقع السوق الاستهلاكي، فاليوم سعر كيلو الطحين بحدود 2500 ليرة، أما عبر نشرة الوزارة فقد حدد بـ 2400 ل.س، والسميد يباع الكيلو المعبأ منه بـ 4000 ل.س بينما بالنشرة الجديدة حدد بـ 3500 ل.س، ما يعني أن الأسعار ستحلق أكثر من ذي قبل.
مع العلم أن هذه المواد غير مستوردة، وتكلفتها أصبحت مرتفعة بشكل جنوني لا يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن.
والسؤال هنا: ماذا بقي للمواطن اليوم من قوت يومه، إذا كانت البقوليات وهي طعام الفقراء من محدوديّ الدخل والمعدمين وصلت إلى هذه الاسعار؟

الإعلامي والافتراضي

إن الأسعار الجديدة لكل من السكر والبقوليات، والتأكيد على ضرورة التزام الموردين والتجار بها، يبقى كلاماً إعلامياً افتراضياً بعيداً عن الواقع السوقي الملموس، وهذا ما علمتنا إياه التجارب السابقة، والأمثلة على ذلك كثيرة، بدءاً من السكر والدخان فالحمضيات، والفروج أيضاً.
فالأسعار التموينية بوادٍ، وتسعيرة التاجر بوادٍ آخر، والمواطن يتحمل العواقب وحيداً منفرداً.
ولا ننسى التدخل الإيجابي الذي طرأ على مادة السكر، أو حتى الزيت النباتي، الذي أصبح من منسيات التدخل الإيجابي عملياً.
فالتدخل الإيجابي قد يظهر بأسعار تقل عن السوق المحلي نظرياً، ولكنه بحال توفره فإنه محدود الكمية، ولا يغطي الحاجة الفعلية للمواطنين، ناهيك عن أثره السلبي على واقع الأسعار في الأسواق عبر التجار والحيتان.
فالجميع يعلم، أنه لا يوجد التزام فعلي من قبل التجار بالنشرات السعرية الوزارية، ولا رادع رقابي حقيقي يطبق على الأسواق، ليبقى المواطن ضحية الفارق السعري المستمر بين تسعيرة الوزارة الافتراضية، وبين واقع السوق الفعلي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1056