رفع سعر الدواء... صفعة جديدة مؤلمة
عبير حداد عبير حداد

رفع سعر الدواء... صفعة جديدة مؤلمة

لكل داء دواء... وإن أصبحت أسعار الأدوية هي الداء بذاته، فهل من دواء يشفي من ذاك الداء؟!

بات ارتفاع أسعار الأدوية متسارع ويقفز درجات عدة، فلم يمض الكثير من الوقت على مطالبة المجلس العلمي لصناعات الدوائية برفع أسعار الأدوية نحو 70%، حتى قُبِلَ بالإيجاب من طرف وزارة الصحة مرة جديدة خلال العام الحالي، بتعديل صدر يوم 16 من الشهر الجاري على أسعار الأدوية بزيادة قدرها 30% لنحو 12,750 صنفاً دوائياً!

رضوخ مكعب

فقد رضخت وزارة الصحة مرة ثانية لتلك المطالب، كما توقعنا في مادة سابقة في العدد 1048، تحت عنوان «الأدوية ومسلسل الابتزاز ولي الذراع» حيث سُلِطَ الضوء من خلالها على جوانب عدة، كمطالب المجلس العلمي لصناعات الدوائية، وإمكانية رضوخ وزارة الصحة لها، وانعكاس ذلك على المواطن.
فقرار الزيادة الحالي جاء بعد أشهر قليلة على الانصياع الأول لوزارة الصحة لمطالب المجلس العلمي لصناعات الدوائية خلال شهر حزيران الفائت، حيث كانت الزيادة بنحو 30% لأكثر من 12 ألف صنف دوائي، وعلى الرغم من ذلك لم ترض سقف تطلعات المجلس العلمي بالزيادة التي يرنو إليها وقدرها 100%، إلا أنه قد حقق سقف قدره 60% من مطلبه السابق، مع الإشارة أن بعض أسعار الأدوية فاق النسب الرسمية في الزيادة، بما يضمن مستوى ربح شبه احتكاري، وبأساليب التفافية، سواء من قبل المعامل أو المستودعات والمستوردين والصيدليات، بل والمهربين.
فكما برهنت التجارب أن ما يهم تجار الأدوية جني أرباحٍ موازية لمستوى نهمهم منقطع النظير، أما حال المواطن فلم ولن يكترثوا إليه، ولا حتى الجهات المعنية لم تنظر بعين الرحمة إلى حجم تبعات تلك الزيادات المتتالية على وضعه الصحي المأساوي.
فرضوخ وزارة الصحة على هذا المستوى لا يمكن اعتباره الا بوابة لمزيد من الاستغلال للمرضى، الذين سيضطرون للرضوخ بدورهم الى مشيئة حاصدي الأرباح على حساب صحتهم ومعيشتهم.

 شعار معكوس وحق مسلوب

ما وصلنا إليه من ارتفاعات بأسعار الأدوية لا تفسير له سوى أن صحة المواطن آخر ما تأبه به الحكومة، وشركائها المستثمرين والمستوردين على حد سواء، وكأنما باتت تعتمد شعار رفع الدعم عن مستحقيه وتوجيهه لمن هم الأكثر ثراءً، أي نحو حيتان الاستثمار والاستيراد!
فخلف تلك الزيادة، والحياة القاسية التي أدت لتدهور أوضاع عموم السوريين، يقبع جيش من المرضى يحتاجون للأدوية بشكل شهري ومستمر، وخاصة من ذوي الأمراض المزمنة، وتكلفة العلاج بالأدوية أصبحت باهظة بالنسبة لهم، حتى قبل الزيادة التي طرأت خلال شهر حزيران، فكيف الحال مع الزيادة الحالية، خصوصاً أن غالبية مرضى الأمراض المزمنة لا يقوون على العمل، ومع ذلك فقد انعكست الآية–كما يقال- فبدل أن يشتري الدواء ليحفظ حياته ويقوى على العيش، أصبح يعيش لتأمين تكاليف دواءه الشهري!
الأكثر وضوحاً أن التداوي أصبح أكثر طبقية، فمن معه سيكون قادراً عليه، أما المفقرين فلهم رحمة السماء!

خلاصة القول

يبدو أن الحكومة كانت مصرة على ألا ينتهي العام 2021 دون أن تزيد مأساة المواطن وتعمقها على طريقتها الخاصة!
فلابد لمن تابع الأشهر القريبة الفائتة سلسلة القرارات المتعاقبة، أن يفهم حجم الكارثة الني ستلحق بالمواطن، أو بالأحرى حجم تعمق الكارثة وتعمق انعدام القدرة الشرائية لديه، الذي وصل حد ليس له مثيل من الانهيار الشامل على كافة مستويات المعيشية والخدمية والصحية.
ويمكن تخيل تبعات زيادة الأجور، التي لم تتعد الـ 30%، وحجم مفعولها العكسي على مستوى المعيشة، حيث ستؤدي لارتفاعات في الأسعار تفوق قدرة الزيادة على تغطيتها كما هي العادة، وأولى تلك النتائج كانت التعديل الذي طرأ على أسعار الأدوية.. والتالي أعظم!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1049
آخر تعديل على الأحد, 26 كانون1/ديسمبر 2021 00:02