واقع الكهرباء المتردي والحلول البديلة
عبير حداد عبير حداد

واقع الكهرباء المتردي والحلول البديلة

تشهد البلاد ضيقاً خانقاً على العباد، نتيجة الممارسات التي يقرها أصحاب القرار، فما عاد هناك متنفس للمواطن ليريح ثقل كاهله من تداعيات الأزمات المختلقة، واحدةً تلو الأخرى.

فخلال الأيام الفائتة ورغم الحر الشديد الذي أصاب المحافظات السورية، بقي المواطن دون كهرباء كالعادة، بل وزاد التقنين سوءاً أكثر من ذي قبل، كما نشط المواطنون عبر وسائل التواصل بطرح الأسئلة الكثيرة والاستنكار عن سوء حال الكهرباء، وما يمرون به على أنه جريمة ضد الإنسانية!
أن يترك المواطن في ظل الحر الشديد بلا كهرباء لساعات طوال يعني حرمانه من أبسط مقومات الحياة، الماء البارد ليروي عطشه، ويعني أيضاً: أن ينام الأطفال دون وسائل تكييف تذهب عرقهم الذي يغرقون به طوال ليلهم، كما يعني خسارتهم لمؤونتهم وطعامهم، العاجزين عن حفظه، وقائمة الخسارات كثيرة..

جهود وزارية ترفع لها القبعة!

أقصى ما قدمته وزارة الكهرباء مشكورة الجهود خلال فترة الحر، أن قدم الوزير اعتذاره للمواطنين بتاريخ 27 تموز عن سوء التقنين، مضيفاً: أن السبب وراء ارتفاع التقنين المجحف، نقص بكميات الغاز، حيث 70% من المحطات تعمل على الغاز و30% تعمل على الفيول، وطبعاً تلك الذريعة ليست بجديدة على المواطن، أما بخصوص الذريعة الثانية، فأرجعها لارتفاع درجات الحرارة، السبب الذي أدى لخروج محطات عن الخدمة، كما ذكر الوزير: أن هناك محطات توليد جديدة لم توضع بالخدمة.
وبخصوص ما صرح به الوزير عن سوء التقنين الذي يعود لارتفاع درجات الحرارة الصيفية، فالجدير بالتذكير أن سوء التقنين لا يقتصر على حر الأيام الصيفية، بل أصبح مستمراً مع كل فصل وكل ذروة سواء كانت صيفية أو حتى شتوية.
وما يجدر الإشارة إليه، أن ما يعيش به المواطن اليوم يعود لأحد أشكال تخفيض الدعم الممنهج، والذي طال كافة مناحي الحياة السورية، فمسلسل التقنين سابقاً أي قبل سنين الأزمة كان موجوداً، ولكن ليس بفظاعة الوضع اليوم، ومع دخول الأزمة بدأ يتغير التقنين بين منطقة وأخرى، فقد وصل التقنين حتى 6 ساعات ثم ليتغير ويصبح 12 ساعة، وما بعد ذلك ليصبح التقنين بلا موعد ووقت محدد، كما الحالة اليوم، وهذا من حيث الجوهر، أحد أشكال خفض الدعم المبطن بذرائع وحجج ما أنزل الله بها من سلطان.

تكاليف الصيانة مرتفعة... فأين الكهرباء؟؟

تحدث الوزير الكهرباء خلال تصريحه عن واقع المحطات الكهربائية، حيث تم إعادة تأهيل جزء من محطة بانياس، وأما عن محطة محردة فتحتاج لإعادة التأهيل 168 مليون يورو، كما سيتم فصل 3 مجموعات في محطة الزارة للقيام بأعمال الصيانة، حيث ستخرج عن الخدمة لمدة أربعة أشهر، وذلك نتيجة صعوبة تأمين قطع التبديل لتلك المحطات، وسيتم البدء بأعمال الصيانة لمحطة تشرين لإعادة تأهيلها خلال مئة يوم، وتصل تكلفة الصيانة إلى خمسين مليون يورو، وبخصوص محطة تشرين فقد تحدث مدير المحطة لإحدى الصحف المحلية: أن المحطة تعمل حالياً ضمن طاقتها العادية على الفيول، مضيفاً أن الكلفة مغطاة من القرض الروسي.
تعقيباً على التصريحات أعلاه، وعلى الكلفة المهولة التي تحتاجها أعمال الصيانة لكل محطة، يبقى السؤال: أنه مع كل ذلك الانخفاض بعدد ساعات استجرار الكهرباء، تبقى تكلفة الصيانة عالية لإعادة تأهيل المحطات! مع العلم أنه لا يوجد ذلك الاستهلاك الكبير من عمر المحطات الناتج عن استجرار الكهرباء، التي تجعلها فعلاً بحاجة لأعمال صيانة لتعويض الاهتلاكات، والمعنى يبقى أنه طالما انخفضت ساعات استجرار الكهرباء، فمن المنطقي أن تنخفض تكاليف أعمال الصيانة، والتي من الملاحظ أنه دائماً ما نجد تصريحات حول إعادة تأهيل وصيانة للمحطات، فهل هذه الأرقام المهولة فعلاً موجودة على أرض الواقع، أم أنها تبقى أرقام على الورق، تصرف مبالغها بالتحاصص بين كبار الفاسدين؟؟

الطاقة البديلة على طاولة النقاش؟!

كشف مدير عام المركز الوطني لبحوث الطاقة في وزارة الكهرباء لصحيفة الوطن بتاريخ 1 تموز، أنه يتم التباحث في مجلس الشعب حول إقامة صندوق تشجيع مستهلكي الطاقة على استخدام الطاقات المتجددة، ويشتمل على منح قروض من دون فوائد لمن يريد التحول لاستخدام الطاقة البديلة سواء كان للصناعيين لتشغيل منشآتهم أو للمستهلكين المنزليين للطاقة، وتدرج هذه القروض تحت برنامج دعم الفائدة التي تتبناها الحكومة، أو أن يقوم الصندوق بمنح تلك القروض دون فائدة، ليتحمل الصندوق تسديد تلك الفوائد.

آلية منح القروض ومصالح البعض

اشتمل مشروع القانون لإحداث هذا الصندوق على خيار تمويل الصناعيين لتنفيذ منظومة طاقة متجددة لتشغيل منشآتهم من دون فائدة، في حين يتحمل الصندوق تسديد الفوائد المترتبة على مثل هذه القروض، وعلى مستوى المستهلكين المنزليين للطاقة، يُمكّن الصندوق المواطنين من التحول لاستخدام الطاقات المتجددة عبر اعتماد شركات مؤهلة لتنفيذ هذه التقنيات، وفي حال التحقق من تنفيذ الشركة يعمل الصندوق على دفع التكاليف للشركة المنقذة مقابل تحمل المواطن للأقساط دون أية فائدة على كلفة تركيب منظومة الطاقة البديلة.
مثل هذه المشاريع قد تحل مشكلة المواطنين والصناعيين فعلاً، ولكن من المؤكد أن المقصود ليس حل مشكلة المواطن أو الصناعي بالدرجة الأولى!
والسؤال المطروح يبقى: لماذا لا تكون تلك المشاريع تحت إشراف وتنفيذ الجهات الحكومية نفسها، طالما أنها ستقوم بالتمويل من خلال مصارفها، وستتحمل الفوائد؟
وهل فعلاً المواطن اليوم قادر على تحمل تكاليف تلك القروض حتى ولو أنها فعلاً بلا فائدة مضافة على قيمة القرض؟ فالأجر الوسطي للمواطن لا يسد تكاليف غلاء المعيشة الذي وصلنا إليه اليوم!
من المؤكد، أن ذلك يصب بمصلحة الشركات المؤهلة والمعتمدة حكومياً لتنفيذ مثل هذه المشاريع والقائمين على عملية استيراد التجهيزات من بعض الحيتان، وما سيجنونه من أرباح وفيرة لمثل تلك الصفقات!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1025