حلب.. زيارة حكومية جديدة فهل ستكون النتائج أفضل من سابقاتها؟!

حلب.. زيارة حكومية جديدة فهل ستكون النتائج أفضل من سابقاتها؟!

خلال الزيارة الحكومية الأخيرة إلى حلب، مطلع الأسبوع الحالي، تم وضع حجر الأساس لمشروع إنشاء محطة توليد الشيخ نجار الكهرضوئية باستطاعة 33 ميغا واط، مع الإعلان عن البدء بتأهيل المحطة الحرارية.

فكيف ستنعكس هذه الاستطاعة على الحاجة الفعلية للطاقة الكهربائية في المحافظة؟ وهل ستنفذ وعود تأهيل المحطة الحرارية هذه المرّة؟

وفرة في الزيارات والوعود دون جدوى!

كثيرة هي المشاكل والأزمات المتراكمة التي يعاني منها الحلبيون، كما غيرهم من السوريين طبعاً، وكثيرة كانت الجولات والزيارات الحكومية إلى المحافظة طيلة السنوات الماضية، والتي ترافقت مع وفرة بالوعود لكن دون جدوى، أو بنتائج متواضعة غالباً، وخاصة بما يتعلق بملف الطاقة الكهربائية، الذي يعتبر من الملفات الهامة بالنسبة للمواطنين، والذي فرض وجوده على جداول أعمال الزيارات والجولات الحكومية، وخاصة مع زيادة المعاناة من الأمبيرات وتجارها ومستثمريها استغلالاً وفساداً.

فمن جملة ما تم الوعد به خلال السنوات الماضية أن تتم إعادة تأهيل المحطة الحرارية في حلب من أجل حل جزء من مشكلة التزود بالطاقة الكهربائية، سواء بالنسبة للمواطنين واحتياجاتهم المنزلية والحد من اللجوء إلى تجار الأمبيرات، أو بالنسبة للصناعيين ومتطلبات العملية الإنتاجية في منشآتهم ومناطقهم الصناعية، ولكن لم يتم البدء بذلك حتى الآن!

اتُخذ القرار.. بانتظار التنفيذ!

ورد على صفحة الحكومة بتاريخ 10/4/2021 عن لسان رئيس الحكومة ما يلي: «بتوجيه من السيد الرئيس بتأمين الكهرباء لمحافظة حلب، تم اتخاذ القرار بإعادة تأهيل المحطة من خلال التعاون مع الشركات الصديقة، حيث تمت المباشرة بالعمل وستبذل جهود مضاعفة لوضع إحدى مجموعات المحطة بالخدمة نهاية العام الحالي، أو بداية العام القادم على أبعد حد لافتاً إلى أن الحكومة تعمل بكل الإمكانات المتاحة رغم ظروف الحصار لوضع المجموعتين الأولى والخامسة بالخدمة، وتأمين كمية 400 ميغا لمدينة حلب لتضاف إلى كمية 250 ميغا التي يتم تأمينها حالياً».

وكأن هذا التصريح والإعلان الرسمي يعني أن قرار إعادة تأهيل المحطة لم يكن متخذاً طيلة السنوات الماضية، وتم اتخاذه الآن! مع ما يعنيه ذلك من أن كل الوعود الرسمية التي قُطعت بشأن المحطة طيلة السنوات الماضية كانت مجرد كلام لذر الرماد في العيون ليس إلّا!

بمطلق الأحوال، إن ما يهم الحلبيين الآن أنه تم اتخاذ القرار بشأن إعادة تأهيل المحطة الحرارية، وتم الإعلان عن ذلك رسمياً من قبل رئيس الحكومة، وهم بانتظار البدء بالتنفيذ الفعلي هذه المرة.

الأزمة ستستمر أعواماً اضافية

بحسب ما ورد على صفحة الحكومة فإن 250 ميغا هي ما يتم تأمينه من طاقة كهربائية لمدينة حلب الآن، بمقابل 1065 ميغا كانت تؤمنها المحطة الحرارية للمدينة قبل خروجها عن الخدمة.

أما الوعود الحالية، فهي أن يتم تأمين كمية 400 ميغا إضافية، بعد البدء بإعادة تأهيل جزء من المحطة الحرارية، وسقف الوعود الحكومية أن يتم العمل على تأمين 500 ميغا للمحافظة خلال العام الحالي والقادم، وذلك بالتعاون والشراكة مع القطاع الخاص.

وقد ورد ذلك حرفياً عن لسان رئيس الحكومة ما يلي: «الحكومة ستعمل على تأمين 500 ميغا لمحافظة حلب خلال العام الحالي والقادم، وذلك بالتعاون والشراكة مع القطاع الخاص.. تفقد رئيس مجلس الوزراء مشروع إعادة تأهيل المجموعتين الأولى والخامسة في محطة توليد حلب الحرارية للطاقة الكهربائية، واطلع على نسب أعمال إصلاح الأضرار التي تعرضت لها على يد الإرهاب، والتي أدت إلى خروجها عن الخدمة خلال السنوات الماضية. وبيّن المهندس عرنوس أهمية إعادة تأهيل المحطة الحرارية التي كانت تؤمّن 1065 ميغا من الكهرباء لمدينة حلب قبل الحرب، مشيراً إلى حجم التدمير والتخريب الذي طال المحطة جرّاء استهدافها من الإرهابيين لحرمان المحافظة من الطاقة الكهربائية».

بالمقارنة مع الأرقام أعلاه، ومع عدم التقليل من أهمية مشاريع توليد الطاقة الكهربائية من مصادر مستدامة وصديقة للبيئة، ومع التأكيد على أهمية مشروع المحطة الكهرضوئية التي تمّ وضع حجر الأساس لها، لكم أن تقارنوا استطاعة المحطة البالغة 33 ميغا، مع نقص الحاجة الفعلية المقدرة بحدود 500 ميغا على أقل تقدير.

بمعنى آخر، فإن نقص الحاجة للطاقة للكهربائية سيستمر إلى سنين طويلة قادمة في المدينة، وبالحد الأدنى بما يعادل نصف ما كانت تنتجه المحطة الحرارية قبل سني الحرب، علماً أنها كانت بالكاد تغطي الحاجة الفعلية للمحافظة، أي: بعد كل سني الانتظار، وبعد الإعلان عن اتخاذ القرار بشأن البدء بتأهيل المحطة الحرارية، ما زال على الحلبيين أن ينتظروا أعواماً إضافية وهم يعانون من أزمة الكهرباء، ومن استغلال تجار الأمبيرات.

مزيد من التجاهل والقفز على الواقع

على هامش الحديث عن الأمبيرات وتجارها ومستغليها، يأتي الحديث المنقول عبر بعض وسائل الإعلام عن لسان وزير الكهرباء مطلع الشهر الحالي قوله: «لن أشرعن الأمبيرات طالما أنا في الوزارة»، وهي: «استنزاف للوقود ولموارد الدولة».
فالعبارات المنقولة أعلاه لم تكن بالنسبة للمواطنين المكتوين من نار استغلال تجار الأمبيرات إلّا شكلاً من أشكال التجاهل لمعاناتهم، وقفزاً على واقع الاستغلال الجاري بحقهم من قبل تجار الأمبيرات والفاسدين.
فالاستغلال عبر التجارة بالأمبيرات سبق أن اجتاح محافظة حلب، وجبلة وريف دمشق، والكثير من المناطق الأخرى، سواء تمت شرعنة ذلك رسمياً من قبل وزارة الكهرباء أم لم يتم ذلك!
فالحاجة إلى الطاقة الكهربائية هي المحك على هذا المستوى في ظل استمرار تردي الشبكة الرسمية، وعدم كفاية ما يتم إنتاجه من طاقة كهربائية ليسد الحاجات الفعلية، للاستهلاك المنزلي وللإنتاج الصناعي والزراعي والحرفي، أو الضرورية بالحدود الدنيا.
أما الأسوأ بهذا الصدد، فهو أن مبالغ المخالفات التي تسجل بحق تجار الأمبيرات في بعض الأحيان، أو الإتاوات والرشاوى التي تسدد من قبلهم للصمت على تجاوزاتهم واستغلالهم، تتم إضافتها غالباً على تكاليفهم التي تُجبى بالنتيجة من جيوب المواطنين.
فعن أية شرعنة يتحدث السيد الوزير هنا، شرعنة تجارة الأمبيرات، أم شرعنة الاستغلال والفساد؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1013
آخر تعديل على الإثنين, 12 نيسان/أبريل 2021 13:30