قرارات ارتجالية للهيئة الناظمة للاتصالات
دارين السكري دارين السكري

قرارات ارتجالية للهيئة الناظمة للاتصالات

ضمن جملة التصريحات الحكومية التي ما زالت إلى تاريخ هذا اليوم تنهك المواطن السوري «المُغلوب على أمره»- والذي يُمثل الغالبية العظمى من الشعب- والتي تزيد الطين بلة حقيقيةً، وتزيد الأعباء على عاتقه.

بدون أي سابق إنذار أو كما يقال «من دون لا أحم ولا دستور» وبشكل مفاجئ، علقت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد السورية التصريح الإفرادي (جمركة الهواتف النقالة) عن الأجهزة الخلوية اعتباراً من تاريخ 18 آذار 2021 ولمدة ستة أشهر، ريثما يتم استكمال الدراسات التنظيمية والفنية للمشروع، دون أن توضح ماهية المشروع.

تخطيط تكتيكي

في ظل التعليق الجمركي للهواتف الخليوية، والذي بُرر هذا القرار بأنه «تم تعليق التصريح عن الأجهزة الخلوية (بعد التأكد من توفر الأجهزة اللازمة لعمل جميع المشتركين الحاليين، أو الراغبين بالاشتراك، وتوافر أعداد أجهزة خلوية أكثر من ثلاثة أضعاف أعداد المشتركين الحاليين)، من أجل إعطاء الأولوية لاستيراد المواد الأساسية اللازمة لاحتياجات المواطنين».
ظهر بشكل مفاجئ أيضاً، تصريح لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بتاريخ 23 آذار 2021: بـ «وقف استيراد الموبايلات عبر وقف قبول طلبات الاستيراد ووقف منح إجازات استيراد الموبايلات». مع تنويه، أن قرار وقف الاستيراد لم يحدد موعداً لانتهاء مفعوله وتُرك مفتوحاً حتى إشعار آخر.
من المؤكد أنه لا يوجد أي توضيح أو حتى مجرد تبرير لهذا القرار، وبالتزامن مع قرار وقف الاستيراد، فقد انعكس فوراً على سوق «الموبايلات»، حيث ارتفعت أسعار «أجهزة الخليوي» إلى مستويات خيالية تفوق القدرة العقلية والشرائية للمواطن السوري «المستهلك»، ووصلت نسبة هذا الارتفاع لـ 40% على الأقل، مع وسطي أجور يعادل 60 ألف ليرة سورية، ولن يستطيع أي عقل بشري حل هذه المعادلة عصيّة الحل، وبالتأكيد هذا غير مهم للمعنيين.

«كنسلة» الهدايا «موبايلات»

من المعروف في ظل التدني الرهيب للوضع المعيشي الذي يعيشه المواطن السوري اليوم، فقد بات البعض يعتمد على أقربائه المغتربين لمساعدته على سد رمقه في بعض الأحيان، حتى بات البعض يرسل لأهله وذويه «هواتف خليوية» كهدية من الخارج بسبب الارتفاع غير العقلاني بأسعار الهواتف الخليوية، وبات البعض يطلب أجور التصريح «الجمركة» مع الهاتف لأن أجور التصريح الداخلة لجيب المستفيدين من هذه العملية تفوق قدرة المواطن. ولكن بعد تلك القرارات سيبقى الحصول على هاتف ذكي ذي مواصفات عالية مع شريحة اتصال سورية- حُلماً لكل سوري ذي دخل محدود.

«عوجا»!!

أصبحت أجهزة الخليوي بنظر الهيئة الناظمة للاتصالات ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية من «الكماليات»، ولا داعي لوجودها، ولا داعي للتطور التكنولوجي في البلاد، وسيبقى كل شيء عبارة عن حلم صعب المنال لدى الشعب السوري.
القرار الصادر من المعنيين لا يصبّ في مصلحة البلد والمواطن، ولا يصبّ إلّا في مصلحتهم الشخصية. التعليق ومنع الاستيراد «الكماليات» كما وصفوها، كان من المفروض أن يُوضع حدّ لها، ويُمنع استيرادها سابقاً، هذا المنع لن يرفع من الاقتصاد السوري، ولن يجدي نفعاً طالما أننا ما زلنا نشهد نقصاً وعجزاً حكومياً في تأمين الأساسيات المعيشية، والتي لم نرَ عملاً حكومياً حقيقياً في هذا الصدد لرفع اقتصاد سورية والمستوى المعيشي المتدني.
فمثل هذا النوع من القرارات الارتجالية يتم تفصيله على مقاس المحتكرين المنفذين لاحتكار الاستيراد لهذه السلعة «الهواتف الذكية» وغيرها من السلع، وبالتالي، يتم التلاعب بسعر هذه السلعة في الأسواق. ولهذا فإن قرار منع استيراد الأجهزة الخليوية يعبر عن السلوك الحكومي الشاذ الذي تمارسه لـ «شل المواطن» وهو يقف عاجزاً- مدهوشاً- متفرجاً على قراراتها المفاجئة التي ما زلنا على ثقة كبيرة بأنها تصبّ في مصلحة جيوبهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1011
آخر تعديل على الإثنين, 29 آذار/مارس 2021 14:25