نصف السوريين لا يعلمون ما مصدر وجبتهم التالية!
سوسن عجيب سوسن عجيب

نصف السوريين لا يعلمون ما مصدر وجبتهم التالية!

لا جديد يمكن إضافته عبر ما يرد في تقارير بعض المنظمات الدولية عن واقع السوريين، ربما باستثناء الاستشهاد ببعض الأرقام، فالواقع اليومي المعاش أقسى من كل الكلمات والعبارات التوصيفية، مهما حاولت السعي لتخوض في عمق المأساة، الكارثة، المستمرة منذ عشر سنوات وحتى الآن.

فقد ورد مؤخراً على الصفحة الرسمية لبرنامج الأغذية العالمي، بتاريخ 3/2/2021، ما يلي:
«ارتفع سعر الخبز في سورية أكثر من 300٪ في عام واحد. الخبز عنصر أساس في النظام الغذائي السوري الذي تعتمد عليه العائلات بشكل متزايد مع ارتفاع أسعار اللحوم والألبان والفواكه.. مع اقتراب الذكرى العاشرة للنزاع في سورية، يعاني عدد قياسي من السوريين من انعدام الأمن الغذائي. اليوم، 9,3 ملايين سوري- أي: نصف سكان البلد- لا يعلمون ما مصدر وجبتهم التالية.. يقدم برنامج الأغذية العالمي كل شهر المساعدات المنقذة للحياة إلى 4,8 ملايين شخص يعتمدون على هذا الغذاء الآن أكثر من أي وقت مضى».

تقرير قديم لم يتم تحديثه بعد

بهذا السياق تجدر الإشارة إلى أن ما ورد أعلاه هو جزء مما ورد في التقرير الأخير لبرنامج الغذاء العالمي الصادر عام 2020، والذي ورد فيه أيضاً:
«بعد عشر سنوات من النزاع، لا تزال الأسر في جميع أنحاء سورية تتعرض لمستويات متزايدة من الفقر وانعدام الأمن الغذائي، وتستمر الاحتياجات الإنسانية الشديدة في جميع أنحاء البلاد.. ووفقاً لتقديرات البرنامج/ يعاني حالياً نحو 9,3 ملايين سوري من انعدام الأمن الغذائي- بزيادة قدرها 1,4 مليون شخص خلال الستة أشهر الماضية فقط. ولقد أثرت سنوات النزاع المتواصل على حياة الفئات الأشد ضعفاً واحتياجاً في البلاد، كما أضرت بحالتهم التغذوية، ومن بينهم النساء والأطفال.. وتعاني سورية حالياً من أزمة اقتصادية حادة، وسيترتب على ذلك ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي. إن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وانخفاض سعر الصرف غير الرسمي من العوامل التي تزيد من صعوبة حصول الأسر على الأغذية التي تحتاج إليها.. ومع ارتفاع الأسعار، اضطرت الأسر إلى تبني تدابير قد تترتب عليها عواقب ضارة للتكيف مع الأوضاع. وقد كشفت دراسة استقصائية أجراها مؤخراً برنامج الأغذية العالمي: أن بعض الأسر تقلل من عدد وجباتها اليومية من ثلاث وجبات إلى وجبتين، كما تبين ارتفاع عدد الأشخاص الذين يشترون المواد الغذائية بالاستدانة، كما تلجأ بعض الأسر إلى بيع الأصول والماشية لإدرار دخل إضافي».

الواقع أصبح أسوأ

مضى على التقرير أعلاه عدة أشهر، وقد جرى خلالها الكثير على مستوى متغيرات أسعار السلع ارتفاعاً، وخاصة الغذائية، وبالتالي، المزيد من التردي على المستوى المعيشي وانعدام الأمن الغذائي.
فإذا كان التقرير قد أشار إلى وجود نحو 9,3 ملايين سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي في حينه، فإن هذا الرقم حالياً، وبعد موجات الارتفاعات السعرية على المواد والسلع الغذائية، ربما أضيفت إليه بضعة ملايين من السوريين، ممن أصبحوا يعانون من انعدام الأمن الغذائي أيضاً.
وفي ظل استمرار التدهور، فإن الأرقام ستتضاعف، وبالتالي فإن من لا يعلمون ما مصدر وجبتهم التالية من السوريين سيصبحون الغالبية من هؤلاء.

بين الابتزاز الدولي واللا مسؤولية الحكومية

لا شك أن إحدى الغايات من إيراد بعض الأرقام والمعطيات في التقارير الدورية للمنظمات الأممية بما يخص الوضع السوري هي توفير المزيد من التمويل من أجل تقديمها كمساعدات، وهذا أمر قد لا يعيب هذه المنظمات إلى حد من الحدود، لكن ربما ما يعيب هو استثمار هذه الأرقام والمعطيات في بعض التقارير لغايات الاستثمار والابتزاز من قبل بعض الدول، بغايات الضغط السياسي على حساب معاناة السوريين وكارثتهم، وهذا ما جرى ويجري غالباً.
لكن الأكثر فجاجة بهذا السياق، أن يتم تجاهل الأرقام والمعطيات التي ترد في التقارير الأممية من قبل الحكومة، بل والقفز على الواقع المعاش الكارثي نفسه، وكأنها غير معنية وغير مسؤولة نحوه!
فبكل اختصار يمكن القول: إن جزءاً هاماً مما يجري على مستوى التدهور المعيشي وانعدام الأمن الغذائي هو بسبب السياسات الحكومية المتبعة، المحابية لمصالح كبار حيتان المال والفساد في البلد، على حساب الغالبية المفقرة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1005
آخر تعديل على الثلاثاء, 16 شباط/فبراير 2021 21:09