الثروة الحيوانية في خطر.. فماذا عن الأمن الغذائي؟
تصريح خطير من رئيس جمعية اللحامين بتاريخ 5 شباط، يقول فيه: «إن الثروة الحيوانية في سورية آيلة للانقراض وعددها يتناقص، منها العجل والخاروف وحتى الدجاج»، وذلك بحسب ما تداولته بعض وسائل الإعلام خلال الأسبوع الماضي.
هذا التصريح سبب جدلاً كبيراً لدى عامة المواطنين باعتباره ناقوس خطر، خصوصاً أنه لرئيس جمعية اللحامين في دمشق، وليس من أية جهة حكومية، أو من المسؤولين عن قطاع الإنتاج الحيواني، المرتبط بالأمن الغذائي للمواطنين.
بالمقابل، فإن الجهات الحكومية، كانت وما زالت تؤكد بأن سورية بخير والقادم أفضل وما يتبعها من تصريحات شبيهة بنفس السياق، علماً أن الواقع المعاش معاكس تماماً لتلك التصريحات.
مستوردو الأعلاف ومصالح الحيتان
القضية واضحة وضوح الشمس للقاصي والداني بأن المشكلة الرئيسة التي يعاني منها قطاع الإنتاج الحيواني مرتبطة بشكل مباشر بالأعلاف، التي رفعت الحكومة يدها عنها مقابل إطلاق أيدي بعض المستوردين فيها.
فقد كشف رئيس جمعية اللحامين أيضاً: «أن الأسعار ستسمر بالارتفاع إذا لم يتم تأمين الأعلاف ودعمها من الحكومة».
وقد أكد بأن: «أسعار الدجاج واللحم ستستمر بالارتفاع إن لم تتأمن الأعلاف وتدعم من قبل الحكومة، وتزرع 80٪ إلى90٪ من الأراضي من قبل وزارة الزراعة، وتربية المزيد من الحيوانات».
أما أن يصل الأمر إلى انقراض الثروة الحيوانية بسبب الأعلاف وسعرها المحتكر من قبل بعض حيتان الاستيراد فهذا موضوع آخر!
ولعله كان من الأجدى لو أن ناقوس الخطر الذي قرعه رئيس جمعية اللحامين قد صدر عن جهة رسمية ما، عسى أن يتم وضع خطط جدية وحقيقة من أجل تلافي الكارثة المحدقة بنتيجته، ارتباطاً مع الأمن الغذائي الذي من المفترض أن يكون من أولويات العمل الحكومي، لكن عبثاً على ما يبدو!
فآخر هم الحكومة وتوجهاتها هو دعم الثروة الحيوانية أو الإنتاج (الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي، والصناعي والحرفي)، وآخر ما تريده ربما الإضرار بمصلحة حيتان الاستيراد، وأشباههم من كبار أصحاب رؤوس الأموال المحميين والمدعومين حكومياً، الذين يراكمون ثرواتهم على أنقاص الإنتاج الزراعي والصناعي، وعلى حساب مصلحة المواطنين والاقتصاد الوطني عموماً!
سلة الاستهلاك بلا مشتقات حيوانية
يُذكر أن متوسط راتب العامل في الدولة، بعد سلسلة الزيادات، حوالي 60 ألف ليرة سورية فقط، أي: ما يعادل سعر 3 كيلو من اللحم فقط بالشهر، لذلك هناك عملياً نسب مرتفعة من العائلات السورية لا يستطيعون شراء اللحوم، لا حمراء ولا بيضاء، وحسب قول أحد أفراد أسرة ما «لا نستطيع تأمين الخبز بالسعر الحر، فماذا عن اللحوم؟».
فمن المؤكد الآن، أن من يستطيعون شراء اللحوم هم الفئة الناهبة فقط لا غير.
ومع تدهور قطاع الإنتاج الحيواني وتراجع أعداد الثروة الحيوانية وصولاً إلى مشارف انقراضها، فإن كل منتجات هذا الإنتاج ستخرج تباعاً من سلة الاستهلاك اليومي للغالبية المفقرة، فالأمر لم يعد يقتصر على اللحوم فقط، بل تبعتها مؤخراً الأجبان، وربما سيتبعها لاحقاً الحليب والألبان والبيض، بمعنى آخر فإن آخر ما يمكن أن يدخل من بروتينات حيوانية على المائدة اليومية أو الشهرية سيخرج من حيز الاستهلاك للغالبية المفقرة تباعاً.
فإذا غابت مسؤولية الحفاظ على الثروة الحيوانية، وعلى الإنتاج الزراعي والصناعي، فمن المسؤول عن مستقبل الأمن الغذائي للسوريين، في ظل الغياب الحكومي وهذا التغوّل للحيتان الكبار، على حسابهم، وعلى حياتهم التي أصبحت مهددة بالنتيجة؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1004