حلب.. ملف الانهيارات بانتظار حلول بعيدة المدى!

حلب.. ملف الانهيارات بانتظار حلول بعيدة المدى!

انضم ضحايا جدد بنتيجة انهيار مبنى سكني آخر في محافظة حلب مؤخراً إلى قوائم الضحايا السابقين للسبب نفسه، مع عدم اليقين من أن هذا الملف سيغلق بالشكل المطلوب بما يضمن عدم زيادة تعداد الضحايا لاحقاً، بسبب استمرار الاستهتار الرسمي المزمن بسلامة وحياة المواطنين واحتياجاتهم.

حادثة الانهيار التي جرت مؤخراً لأحد الأبنية في حي الصالحين في حلب لم تكن الأولى، فقد سبقتها عدة حوادث انهيار سابقة، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة، طالما استمرت آليات العمل الرسمي على السياق نفسه من اللامبالاة، مع طغيان أوجه الفساد عليها.
فالبناء المنهار بقدرة قادر لم يتم لحظه من قبل اللجان المكلفة من المحافظة للكشف على سلامة الأبنية في المناطق المتضررة! وبقدرة قادر كان هناك استمرار للمخالفة فيه تمثلت ببناء طابق إضافي خامس، ربما كانت سبباً مباشراً للانهيار! وهذه بعض التفاصيل التي رشحت عبر بعض وسائل الإعلام عن الحادثة المؤسفة، وبعد وقوعها.
آلاف الأسر مهددة
والخطط بعيدة المدى
ما يفقأ العين مع تكرار هذه المأساة، وبعد وقوع الكارثة الأخيرة وضحاياها، والحديث عن «فتح تحقيق للوقوف على تفاصيل الحادثة» بحسب توجيه المحافظ، هو ما رشح من تفاصيل تخص عمل المحافظة عبر «إذاعة الخبر» نهاية الأسبوع الماضي، عن لسان أحد أعضاء المكتب التنفيذي في محافظة حلب، بأن المدينة «تشمل 23 منطقة مخالفات و60% من المدينة سكن عشوائي»، وبأنه: «بحسب تقارير لجنة السلامة العامة، فإن ثلاثة آلاف تقرير تشير إلى ضرورة إخلاء السكان لمنازلهم، ويبدو ذلك صعباً في ظل عدم وجود أماكن سكن بديلة».
بمعنى آخر، فإن محافظة حلب قد تركت هذه الأسر لمصيرها مع علمها بالمخاطر عليها، مع ترك الباب مفتوحاً أمام تسجيل المزيد من المآسي والضحايا لاحقاً، والسبب عدم توفر المساكن البديلة، وهو عذر مشروع على ما يبدو بنظر المحافظة، بغض النظر عن كل النتائج الوخيمة المتوقعة.
ولعله من المفترض أن يبدأ التحقيق في هذه المعلومات، باعتبار أن مصدرها المحافظة نفسها، وهي بعهدتها ومسؤوليتها أولاً وآخراً.
وبهذا الصدد نتساءل عن «الحلول على المدى الطويل» والمتمثلة بـ«المخططات التفصيلية للمناطق كل منطقة على حدة، وتنفيذ المخطط التنظيمي لحلب، والذي تمت المصادقة عليه مؤخراً»، بحسب عضو المكتب التنفيذي، وهل من الممكن للأبنية المهددة، المقدرة بالآلاف، أن تنتظر تلك الحلول بعيدة المدى؟
أكثر من تهرب من المسؤولية
بداية لا بد من التأكيد على أن المواطنين يلجؤون اضطراراً للسكن في الأبنية غير المنظمة، وغير المستوفية لشروط السلامة والصحة في مناطق المخالفات والعشوائيات، ولو أتيحت لهم البدائل المناسبة سعراً ومواصفة لما امتنعوا عنها بكل تأكيد، فموضوع التأخر بالمخططات التنظيمية مزمن، وموضوع المشاريع السكنية التي من المفترض أن تتصدى لها الدولة لحل مشكلة السكن والإسكان أقدم بكثير.
فمناطق المخالفات ليست حالة طارئة وليدة المرحلة الزمنية الراهنة أو القريبة، بل هي تراكم لعشرات السنين من الإهمال والتهرب من المسؤوليات على المستوى الرسمي، وعلى كافة المستويات، والتي تزايدت خلال العقود الأخيرة تماشياً مع السياسات الليبرالية التي كرست تراجع دور الدولة وانكفائها عن مهامها الرئيسية والثانوية، لتأتي سنوات الحرب والأزمة مخرجة كل قباحة هذه السياسات المتراكمة دفعة واحدة، والتي يدفع ضريبتها المفقرون والمهمشون فقط دوناً عن سواهم.
والمفارقة، هي القفز على الواقع والتعالي على مآسي هؤلاء المضطرين، والأسوأ هو تحميلهم أوزار تقاعس كل الجهات الرسمية، ليس الآن ولهذه الحادثة فقط، بل خلال كل السنوات والعقود الماضية، وعلى حساب احتمالية بقائهم على قيد الحياة من عدمها، عبر تركهم لمصيرهم المفتوح على الأسوأ!
فهل من استهتار رسمي أكثر من ذلك؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
981
آخر تعديل على الإثنين, 31 آب/أغسطس 2020 11:13