برسم البيع
دارين السكري دارين السكري

برسم البيع

من وقت يلي وعينا ع هل الدنية نحن وآباءنا وأجدادنا وأجداد أجدادنا- عيد الأضحى دائماً مرتبط بشكل الخواريف المربوطة حد محلات اللحامة، أو حد بنايات العالم يلي بدها تضحي بهالمناسبة، والهدف طبعاً طقوس وواجبات دينية وإسعاد الفقرا والمحتاجين.. يلي صرنا كلنا نحن الشعب السوري منون وفيون تحت رعاية حكومتنا الموقرة...

بس هاد المنظر بلش يتقلص شوي شوي من بداية الحرب... ما عاد شفنا الخواريف.. أو المي بالشوارع المعباية دم بعد ما يخلصوا الدبح وهنن عم يشطفوا...
بتعرفوا سعر الكيلو الهبرا وصل لـ 23000 ليرة، وسعر كيلو الحي وصل لـ 6500 ليرة... بس رغم هيك ضل في ناس قليلة كتير عندا ضمير حيّ وآكلة هم شعبا المعدوم.. بالرغم من إنو الأضاحي هالسنة كانوا قلال مقارنة مع السنة الماضية!! بس بيضل اسمون أكلوا هم الفقير أكتر ما تاكل حكومتون همون.. أي والله...
وتأكيداً ع هل الحكي، صرّح رئيس جمعية اللحامين، «بأن الطلب على أضاحي الغنم في دمشق وريفها، انخفض هذا العيد بنسبة تجاوزت٢٠%، مقارنةً بعيد الأضحى من العام الماضي، إذ إن عدد الأضاحي التي ذبحت هذا العيد تراوح بين ٧٠ و٨٠ ألف أضحية، في حين أن عدد الأضاحي في عيد الأضحى الماضي كان بحدود ١٠٠ ألف أضحية».
ع فكرة، ما بطلنا نشوف العالم وهية واقفة قدام يلي عم يدبح أضحية لعل وعسى إنها تحصل على حصة منها كونها مُفقرة وعايفة حالا.. ويمكن من زمان كتير رايحة طعمة اللحمة من تمها...
أبداً، هل الصورة هي هلق بالقرن الـ21 وبالحرب صرنا نشوفها أكتر من الأول بكتيييير... لأنو العالم كلها نسيت طعمة اللحمة الحمرا، إلا «شفاطات المصاري» يلي حرموا الشعب بأكملو كرمال ما يحرموا حالون هنن وولادون...
بس مفهوم الأضحية أيام زمان بيختلف عن مفهوم الأضحية بيومنا هاد....
بمعنى أيام زمان كانت الناس المفقرة والمغلوب ع أمرها تاخد حصتها من الأضحية، وتروح ع بيتها وتطبخها بأكلات بتحتاج اللحمة الكتيرة المتعارف عليها تراثياً بأول يوم العيد لتاكلها مع ولادها...
أما اليوم، فيا حسرتي ع هل المشحورين من الختايرة والنسوان المعدمين يلي بيضلوا واقفين ع رجليهون تحت طقة الشمس ساعات بالزحمة ع أمل إنو يحصلوا ع حصة من اللحمة.. كونوا ضمنياً صاحب الأضحية موزعها سلفاً ع بعض المحرومين اللي بيعرفهم...
هدول الناس سواء يلي واقفة ع رجليها كرمال ينوبها شي.. أو حتى يلي ضل آعد ببيتو واندق الباب عليه وحدا عطاه كيس اللحمة.. طلعولنا بظاهرة جديدة ألا وهية «بيع حصتهم من الأضحية!!»...
والله جد... اللحامة كانوا أول يوم العيد مسكرين، في منون عم يدبح، وفي منون ما جابوا لحمة لتنباع... بس تاني وتالت ورابع يوم حتى.. في من هل اللحامة فاتحين محلاتون وعم يبيعوا شي اسمو «لحمة الأضحية» للزباين...
وهي اللحمة يا حبيباتي هية اللحمة يلي أغلب العالم الغلبانة حطتها بـ«رسم البيع» عند اللحامين... ووقت يلي بيبيعها بيعطي حقا لصاحبها... أي هيك صار مع الأسف..

ما فينا نهمش فكرة إنو اللحام يا عيوني أجتوا فرصة دهبية ع طبق من فقر وتعتير العالم بموضوع الاستغلال... طبعاً بدون تعميم لأن في منهم مو هيك..
حتى هدوليك الزباين يلي راحوا ويشتروا هل الشقفة من «لحمة الأضاحي» بيساوموا عليها اللحام بعد ما يعرفوا أنها لحم ضحية...
وكلو ع حساب صاحب الحاجة- المعتر- يلي مو عرفان شو بدو يبيع ليطعمي ولادو...
لهيك كانت بالنسبة إلو رزقة من فاعل خير.. يلي الحمد لله لهلق ما خليت الدنية منو... وهيك هيك هاد المعتر من الأساس نسيان طعمتا للحمة...
صرلوا سنين لا أكل ولا طعما ولادو اللحمة الحمرا.. ويمكن ولادو ما بيعرفوها شخصي حتى!!
بالنهاية، أكيد هاد مو بخل أو قلة ضمير إنو الواحد ما يطعمي ولادو لحمة... بس الجوع والكفر يلي صار أكبر مما ممكن العقل البشري إنو يتحملوا...
صار الواحد منون يفكر... بطعمي عيلتي وجبة وحدة باللحمة؟ ولا ببيع هل النص كيلو بـ 10000 ليرة، يلي تصدقوا عليي فيه أهل الخير، وبحقوا بجيب خضرة بعمل فيها أربع وجبات؟؟!!
أي رب أسرة حريص ع فك جوع ولادو بيفكر متل ما الأغلبية فكرت... ما حدا مبسوط وهو عم يبيع شي مشتهي هو وعيلتو... بس النهب والسرقة واستغلال عرق الجبين بأدنى الأجور وصّل كتار لهل المرحلة هي.. ويمكن أفظع من هيك...

النهب والاستغلال والتجار والحرامية والسماسرة، مين بدو يوقفون ع حدون؟
لك الفقر والحاجة يلي حققوا هدفون وخلو شعب كامل يعيشوه بأحقر المشاعر، شو نهايتون؟.. والجوع، لوين بدو يوصلنا لسا؟
يمكن ما دام دود الخل منو وفيه.. ح نفقد كل طقوس العيد وفرحتو.. وح نبقى نشوف لحمة الأضاحي مع المحرومين كمان برسم البيع؟
يعني لا زم يا نشيل الدود من الخل.. يا إما نكب كل الخل من أساسو.. والعوض ع الله منعمل بدالو!
فهمتو عليي كيف حبيباتي؟؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
978
آخر تعديل على الإثنين, 10 آب/أغسطس 2020 13:37