الجرائم المتزايدة والخشية المشروعة
تزايد الاهتمام بأخبار الجرائم والممارسات الشاذة المتفشية في المجتمع، وأصبحت محط اهتمام الكثير من المواطنين، مع الكثير من عوامل الخشية من نتائجها وآثارها السلبية على الأفراد والمجتمع والدولة، وذلك نظراً لتزايدها وانتشارها وتنوع أشكالها.
أما اللافت في الموضوع بالنسبة للمواطنين فهو أن حيثيات بعض الجرائم ومبرراتها تعتبر مستجدة على واقعنا وبنية مجتمعنا، ومع ذلك يظهر الشذوذ لدرجة التوحش في بعض هذه الجرائم وكأنه معتاد لدى الفاعلين!
رصد للأخبار الرسمية خلال أسبوع
الأخبار المتداولة عبر المواطنين عن الجرائم والممارسات الشاذة، ومن خلال صفحات التواصل والمواقع الإعلامية، كثيرة، وربما بعضها يفتقد للمصداقية ببعض تفاصيلها، لكن سنكتفي بسرد بعض الأخبار الموثقة رسمياً، للإضاءة على نوعية الجرائم المنتشرة والمتكاثرة.
وفيما يلي رصد لعناوين بعض الأخبار كما وردت على موقع وزارة الداخلية الرسمي، خلال الأسبوع الماضي فقط:
بتاريخ 5/7/2020:
«أقدما على اغتصاب قاصر وقتلها خنقاً ... وشرطة منطقة دريكيش تلقي القبض على الفاعلين».
«شرطة ناحية جرمانا في ريف دمشق تلقي القبض على عصابة سرقة وتعيد جزءاً كبيراً من المسروقات لأصحابها».
بتاريخ 4/7/2020:
«مواطن يشك بوفاة شقيقه.. ومركز الأمن الجنائي في مصياف يكشف ملابسات الجريمة».
«امرأة تستغل طفلها بترويج المواد المخدرة.. وفرع مكافحة المخدرات في دمشق يلقي القبض عليها وعلى أربعة أشخاص آخرين من مروجي المواد المخدرة».
«قتل شقيقته ذبحاً بالسكين بعد أن اغتصبها ... وشرطة ناحية ببيلا تلقي القبض عليه خلال ساعة واحدة».
«توقيف عصابة سرقة تمتهن سرقة المنازل والمحلات التجارية في حماة».
بتاريخ 2/7/2020:
«خلافات سابقة بين عائلتين في اللاذقية تؤدي إلى حصول مشاجرة وطعن أحد المتشاجرين، وقسم شرطة المدينة الشمالي يلقي القبض على الجاني فوراً ويمنع تطور الخلاف».
«فرع مكافحة المخدرات في حلب يلقي القبض على سبعة أشخاص من مروجي المواد المخدرة».
بتاريخ 1/7/2020:
«ارتكبا أفظع جريمة قتل واغتصاب وحرق عائلة بكاملها ...وشرطة ناحية ببيلا تلقي القبض عليهما خلال ثلاث ساعات».
«مخفر شرطة صيدنايا في ريف دمشق يلقي القبض على لص خطير».
بتاريخ 30/6/2020:
«قسم شرطة الكلاسة في حلب يكشف عصابة سرقة مؤلفة من (10) أشخاص ويلقي القبض على جميع أفرادها».
بتاريخ 29/6/2020:
«مركز شرطة خان الشيح في ريف دمشق يسترد مسروقات بقيمة خمسة ملايين ليرة سورية».
«فرع مكافحة المخدرات في دمشق يلقي القبض على (6) أشخاص من مروجي المخدرات، ويصادر أكثر من (40) كغ من مادة الحشيش المخدر».
بتاريخ 28/6/2020:
«شرطة منطقة الغاب تلقي القبض على شخصين أحدهما متزعم عصابة سرقة واسترداد قسم من المسروقات».
«فرع مكافحة المخدرات في طرطوس يلقي القبض على أحد مروجي ومتعاطي المواد المخدرة ويصادر كمية منها».
«القبض على سارقي منازل في اللاذقية بطريقة الخلع والكسر ليلاً».
بتاريخ 27/6/2020:
«مركز شرطة منطقة القطيفة في ريف دمشق يلقي القبض على ستة أشخاص يتعاطون المواد المخدرة ويروجونها».
«أقدم على تصويرها عارية وتهديدها بنشر الصور والتحقيقات تؤدي للكشف عن مصدر مخدرات وسرقات في المليحة بريف دمشق».
«توقيف ثلاثة من أخطر المطلوبين بجرائم الخطف والسلب والسرقة في حماة».
«قسم شرطة جوبر يلقي القبض على شخص كان يقوم بسحب حوالات مالية ويزور تواقيع أصحابها ويسترد المبالغ المسروقة».
مع الأخذ بعين الاعتبار أن العناوين أعلاه لا تشمل الحوادث المسجلة لدى المخافر والأقسام الشرطية.
عناوين عديدة يغلب عليها التخطيط المسبق
العناوين أعلاه، تضمنت جرائم (القتل- السلب- الاغتصاب- تعاطي وترويج المخدرات- التزوير- الخطف)، ونظرة سريعة لها ربما توضح أحقية الخشية المشروعة لدى المواطنين، التي تبرر تزايد الاهتمام بمتابعتها ومعرفة حيثياتها، خاصة بسبب بشاعة بعضها.
بالمقابل، ربما تبين الأخبار أعلاه ما وصلت إليه بعض الجرائم من شذوذ لدرجة التوحش، وكيف تترافق بعض الجرائم مع بعضها، أو كيف تؤدي الواحدة للأخرى، مع الأخذ بعين الاعتبار أن غالبيتها تعتبر من الأفعال الجرمية المقصودة، مسبقة الإعداد والتخطيط.
الدوافع الفردية والتأثير الاجتماعي
لا شك أن الجريمة جريمة، مهما كانت دوافعها، ومن كان مرتكبها، لكن عند وقوعها يتم البحث عن الدوافع لها لفكفكة ملابساتها وتبيان حقيقتها، وفقاً للضوابط والأسس القانونية المعمول بها بغاية تطبيق ما ينص القانون حيالها من عقاب بحق مرتكبها، حفاظاً على أمن الأفراد والمجتمع.
فالجريمة، وإن كانت ذات طابع فردي، مجرمين وضحايا، لكن تأثيرها ونتائجها وتداعياتها تمتد خارج حدود المجرمين والضحايا مؤثرة على المجتمع ككل، وقد تقوض أركان المجتمع والدولة في حال تزايدها وانتشارها، وهو ما يُخشى منه.
الظروف المساعدة والمولدة للجريمة
لن نخوض في الدوافع والأسباب ذات الطابع الفردي والشخصي التي تعمل عليها الأجهزة الشرطية والقضائية بحسب ما تنص عليه القوانين، بقدر ما يعنينا التركيز على بعض الظروف والجوانب المساعدة على تفشي وانتشار الجريمة بمختلف عناوينها.
قد لا يختلف اثنان على أن سني الحرب والأزمة وما نتج عنها من تداعيات سلبية دفع ضريبتها غالبية السوريين، بالتوازي مع سياسات الإفقار المعمول بها، تعتبر عوامل مساعدة على تفشي الجريمة ومولدة لانتشارها، ناهيك عن أن بعض الجرائم باتت أكثر تنظيماً وتشبيكاً، بين الفاعلين والمستفيدين، بما في ذلك بين الداخل والخارج أيضاً، مثل: الجرائم المرتبطة بـ(المخدرات- تجارة الأعضاء –الدعارة- تجارة الأسلحة- التهريب- العملة..).
وبعيداً عن الكثير من التفاصيل بما يخص عناوين الحرب والسياسات، يبدو الحديث عن مكافحة الجريمة، والوقاية منها قبل وقوعها، حفاظاً على أمن الأفراد والمجتمع والدولة، بدون الحديث عن الواقع الاقتصادي الاجتماعي، وخاصة الظروف المعيشية للمفقرين، بغاية تحسينها وتأمين المتطلبات الحياتية، المادية والروحية، لعموم المواطنين، حديثاً دون جدوى بهذا الصدد، بل وبلا طائل!
على ذلك فإن المطلوب بكل اختصار، درءاً لتزايد وتفشي الجريمة:
العمل على التخفيف من التداعيات السلبية التي تراكمت خلال سني الحرب والأزمة على المواطنين، وذلك بالحد الأدنى تمهيداً لإنهائها وتجاوزها لاحقاً.
القطع مع كل السياسات الاقتصادية الليبرالية ذات الطابع المتوحش، التي كان من نتائجها المزيد من الإفقار والتهميش، والمزيد من تهتّك البنية المجتمعية، والمزيد من إضعاف الدولة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 973