تم تأجيل العيد حتى إشعار آخر!
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

تم تأجيل العيد حتى إشعار آخر!

اقترب العيد، لكن شراء الألبسة الجديدة، أصبح صعباً جداً بالنسبة للغالبية الساحقة والمفقرة من المواطنين، بما في ذلك للصغار الذين ينتظرون هذه المناسبة من أجل فرحة اللباس الجديد فيها، وبسبب ضيق ذات اليد، وبظل الأسعار الفلكية لها في الأسواق، بل وحتى في البالة، أصبحت أسعارها فوق قدرة هؤلاء.

اعتاد المواطنون عموماً على التقتير والتقشف، وعلى اختصار قوائم احتياجاتهم واقتصارها على الضرورات القصوى التي لا يمكن الاستغناء عنها، والتي تركزت على الغذائيات بالدرجة الأولى، مع تقليصها للحدود الدنيا، كذلك الأمر، أما بالنسبة للألبسة فقد تم اتباع أسلوب إعادة تدوير ألبسة الكبير للأصغر سناً وهكذا، واقتصر شراؤها للصغار دوناً عن الكبار غالباً، وذلك بحال العجز عن إمكانية التدوير طبعاً، وقد اقترنت عملية شراء الألبسة بموسم العيد كما جرت العادة، حتى وإن كانت من البالة.

الكذب اضطراراً

لا شك أن كبار السن لم تعد تعنيهم طقوس العيد لا من قريب ولا من بعيد، فقد تم التغاضي عنها وتجاوزها تباعاً خلال السنوات الماضية (الألبسة- حلويات العيد- التنزه- الزيارات..) وربما لم يبق من هذه الطقوس إلا زيارة القبور الآن.
فحتى صلة الرحم أصبحت صعبة ومحفوفة بالمخاطر بظل إجراءات الحجر والحظر خلال أيام العيد القادم، والتي اعتبرها البعض نعمة في ظل واقع الفقر والتردي المعيشي.
لكن كيف من الممكن أن يتم إقناع صغار السن بالتخلي عن بعض الطقوس التي تعنيهم، والتي ينتظرونها على أحر من الجمر، وخاصة الألبسة الجديدة والعيدية؟ وكيف يكون هناك عيد بدون ألعاب ومراجيح أيضاً؟.
المفروغ منه، أن الأمر سيبدو عصياً عن فهم وإدراك هؤلاء الأطفال بكل تأكيد، طبعاً باستثناء اللجوء اضطراراً للكذب والمداورة عليهم، وهو أمر اعتاد عليه الأهل أيضاً مع الأسف، وفي هذا العيد يبدو أن اللجوء للكذب على الأطفال سيزداد تعميماً، وخاصة فيما يتعلق بشراء الألبسة الجديدة!.

أسعار وزبائن

جولة سريعة في سوق الحميدية تبين خلالها أن حركة البيع محدودة ومتواضعة، برغم الازدحام، فالغالبية من رواد السوق كأنهم يقومون بعملية سبر للأسعار فقط، بل لا يصلون لمرحلة المفاصلة مع البائعين، وهذا دليل على أنهم يقومون بجولة اطلاعية ليس إلا، والقلة القليلة فقط قد تراها قامت بعملية شراء لقطعة ألبسة واحدة لا غير، بعد طول جدال ومفاصلة مع البائع، مع الكثير من التبرم والاستياء من السعر في النهاية.
وخلال الجولة تم رصد الأسعار التالية لبعض الألبسة: بنطال جينز بناتي محير 8000 ليرة- بيجاما بناتي صيفي 12000 ليرة- بلوز بناتي صيفي محير 12000 ليرة- قميص ولادي نص كم 9500 ليرة- تنورة محير صيفي 13000 ليرة- توينز بناتي محير صيفي 13000 ليرة- كنزة ولادي محير صيفي 8500 ليرة- بوط رياضة 8000 ليرة.
فإذا كانت هذه الأسعار في السوق الشعبي الأكبر في دمشق، وهي ذات مواصفة وجودة دون الوسط، ومدورة من المواسم الماضية، فكيف من الممكن أن تكون في سوق الصالحية أو الحمراء، التي تعتبر بضائعها متوسطة الجودة، أو بغيرها من الأسواق الأخرى؟.
أما العصي عن الفهم فهو: كيف تتم عملية تسعير الألبسة، وخاصة ألبسة الأطفال التي لا تستهلك إلا القليل من الأقمشة؟ وهل فعلاً هناك رقابة على الألبسة في الأسواق ناحية المواصفة والجودة والسعر؟.

كسوة العيد تحتاج قرضاً

بالمختصر، إن تكلفة كسوة العيد لصغير السن من أحد الأسواق الشعبية تتراوح بين 40- 5 ألف ليرة، والمشكلة بالنسبة لشراء الألبسة، بالحالات الاضطرارية وللصغار طبعاً، وفي ظل هذا النمط من الاستغلال منقطع النظير، أنه لا يمكن لرب الأسرة التي فيها أكثر من طفل أن يشتري لأحدهم ويمتنع عن الشراء للآخرين!.
ومن سيحل مثل هذه المشكلة العصية، فوسطي الأجور بالكاد يكفي لتغطية تكلفة كسوة صغير واحد فقط؟!.
يبدو اللجوء للكذب من قبل رب الأسرة أفضل الشرور، وإلا فإنه سيضطر للاستدانة، أو لسحب قرض ربما، من أجل كسوة العيد لأولاده الصغار فقط!.

لمزيد من التفاصيل علق بنقطة

لذلك، وبدون التعليق بنقطة من أجل المزيد من التفاصيل، انتظروا صدور قرارات أسرية تقضي بتأجيل العيد حتى إشعار آخر، فالأطفال سيبقون بلا عيد وبلا كسوة وبلا فرح، حتى إشعار آخر أيضاً! ولا لوم على الأهالي طبعاً، فمن لا يرغب بتقديم كل ما يحتاجه ويرغب به صغاره من كساء وفرح وألعاب ونزهات وزيارات؟ وكل اللوم والإدانة جراء كل ذلك تقع على عاتق ومسؤولية من لا يرحم من التجار والفاسدين، ومن لف لفهم ودعمهم وتستر عليهم، مع عدم إغفال أصحاب المسؤولية من الرسميين بما يتعلق بوسطي الأجور، والواقع المعيشي عموماً.
وهنا يمكن لكم أن تعلقوا بالكثير من النقاط، بدلاً من عبارات الذم والقدح بحق هؤلاء.

معلومات إضافية

العدد رقم:
965
آخر تعديل على الإثنين, 11 أيار 2020 13:20