الناس لبعضها.. على قيد الأمل
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

الناس لبعضها.. على قيد الأمل

ربما أصبح من المفروغ منه أنه لولا المساعدات والتكاتف الاجتماعي ما كان للغالبية المفقرة من السوريين أن تتمكن من البقاء على قيد الحياة فقراً وجوعاً، في ظل الواقع المعيشي المتردي والمعمم، والمستمر مزيداً من التردي والسوء على كافة المستويات، بسبب سياسات النهب والفساد التي طالت هذه الغالبية بعمق حياتها ومعاشها وخدماتها.

وقد تزايدت فاعلية هذا التكاتف خلال فترة الحجر والحظر بسبب الكورونا، ومع قدوم شهر رمضان، وخاصة المساعدات النقدية التي تأتي تحويلاً من الخارج عبر شركات تحويل الأموال المرخصة، برغم أنها ليست بعيدة عن أوجه الاستغلال هي الأخرى، بل والكبير منها في ظل هوامش العمولة والربح المقتطعة منها على حساب هؤلاء المحتاجين، دون الخوض بتفصيلات فارق السعر الصرف كي لا يتم توريطنا بما لا نرغب فيه بهذا الشأن.

الناس لبعضها

لا تتوفر بيانات عن حجم التحويلات المالية من السوريين في الخارج لذويهم ومعارفهم وأصدقائهم المفقرين في الداخل، لكن كل المؤشرات تقول: إنها كبيرة جداً، وتتزايد مع كل مناسبة وموسم، أو مع الحالات الطارئة، سواء كانت المناسبة رمضان أو الأعياد، أو المواسم المرتبطة بالمونة وبافتتاح المدارس، والحالات الطارئة المرتبطة غالباً بالمرض الخطير والمستعصي، أو عند الاضطرار لعمل جراحي، وغيرها من المبررات الاضطرارية الأخرى التي لا تنفصل عن الواقع المتردي والسيئ عموماً، الذي يعيشه المفقرون داخلاً، وهم الغالبية.
أما عن التكاتف الاجتماعي الداخلي فهو قائم على مبدأ «جود بالموجود»، وأيضاً مرتبط غالباً بالمناسبات والمواسم والحالات الاضطرارية، وهو لا شك كبير جداً أيضاً، بحيث لا يمكن تقديره، لكنه بالترابط مع ما يأتي من الخارج يؤدي الوظيفة المطلوبة في بقاء الغالبية المفقرة على قيد الحياة، بل وعلى قيد الأمل أيضاً.

منظمات وأفراد للتلميع فقط

على الطرف المقابل يجري تسويق وتلميع دور بعض المنظمات والجمعيات، وحتى الأفراد أحياناً، تحت اسم المساعدات والإعانات، بعناوينها البراقة المروجة عبر بعض وسائل الاعلام أيضاً.
فمع عدم التقليل من أهمية جزء من هذه الأدوار، دون تضخيمها، إلا أن الواقع يقول: إن المحسوبية والفساد عشش في عمق آليات عمل هذه الجهات، بمختلف تسمياتها وتبعياتها، بما في ذلك المنظمات الدولية، وقد جرى تسليط الأضواء على البعض منها بحسب توفر المعطيات والوثائق عبر بعض وسائل الإعلام خلال السنوات الماضية.

دعم رسمي مسحوب الدسم

أما على المستوى الحكومي الرسمي فحدث بلا حرج عن التعاضد مع الغالبية المفقرة، فمن المواد «المدعومة» مسحوبة الدسم، بما في ذلك الخبز الذي أصبح غير قابل للاستهلاك، إلى حملات مساعدة المسرحين وذوي الشهداء، وصولاً للتعويض عمّن توقفت أعماله خلال فترة الحجر والحظر المرتبطة بالإجراءات الاحترازية الأخيرة، حيث نسمع عن المبالغ الكبيرة المخصصة لكل تلك العناوين، لكننا نتساءل فيما بيننا عمن استفاد منها فعلاً، خاصة في ظل أوجه وأشكال المحاباة والمحسوبية والفساد السائدة!.
أما أسوأ ما في الأمر فهي محاولات ومساعي تحميل المواطنين المفقرين منيّة على استمرار معيشتهم البائسة، مع المنّية على الحقوق المنتهكة أيضاً، بغاية التغطية على استمرار كل أشكال النهب والفساد والظلم، والمتسببين بكل ذلك، والمستفيدين منه!.
هل من وقاحة أكثر؟!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
964
آخر تعديل على الإثنين, 11 أيار 2020 13:26