أين أمننا الغذائي.. وهل يحق لنا التساؤل حياله؟!
عادل إبراهيم عادل إبراهيم

أين أمننا الغذائي.. وهل يحق لنا التساؤل حياله؟!

فتحت الحكومة الباب أمام جميع الراغبين لإمكانية استيراد الدقيق، وكذلك وافقت على منح موافقات لكافة المستوردين لاستيراد القمح والطحين بغض النظر عن المنشأ.

فقد ورد على صفحة الحكومة بتاريخ 28\3\2020، ما يلي: «وافق الفريق الحكومي على منح الأفران والمطاحن الخاصة وكافة المستوردين تسهيلات لاستيراد القمح والطحين اللازم لعملها بالطاقة الإنتاجية القصوى بغض النظر عن المنشأ، على أن يتم إلغاء ترخيص الأفران الخاصة التي تتوقف عن الإنتاج خلال هذه المرحلة».
وكذلك ورد بنفس التاريخ ما يلي: «بناء على ما قرره الفريق الحكومي المعني بإجراءات التصدي لفيروس كورونا عمم وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بالسماح باستيراد الدقيق لكافة الراغبين بذلك بحيث تصبح عملية الاستيراد لهذه المادة مفتوحة وغير مقيدة بفئة من الصناعات أو الفعاليات الإنتاجية».

قرارات تدعو للتساؤل

الواضح أن القرارات أعلاه جديدة وفريدة واستثنائية بحيثياتها ومفرداتها الآن، فمن المعروف أن هذه المواد (الدقيق- الطحين- القمح) كانت شبه محصورة بمؤسسات الدولة، ربما مع بعض الاستثناءات الخاصة ببعض الصناعات المحلية، وخاصة بما يتعلق بعقود الحبوب والمطاحن، مع الأخذ بعين الاعتبار دور بعض المحظيين الكبار بتنفيذ هذه العقود الكبيرة، وهوامش الربح الكبيرة التي يجنونها مع شركائهم فساداً واستغلالاً، فهذه المواد مرتبطة بمادة الخبز، القوت اليومي للمواطنين.
وربما من الصعب على هؤلاء أن يتخلوا بسهولة عن حصتهم الكبيرة من هذه التجارة الرابحة، فطيلة سنوات الحرب، وذرائع الحرب والعقوبات والحصار، لم تشكل مبرراً كافياً لفتح باب استيراد هذه المواد بهذا الشكل المفتوح والمعمم، برغم الضرورات، إلا إن كان هناك ظرف طارئ واستثنائي مختلف عن كل الظروف السابقة!.
فما الجديد الطارئ الذي اضطر الحكومة لاتخاذ هذه القرارات، وبهذا الشكل المفتوح والمعمم، وبهذا التوقيت؟.

تحليل أولي وتساؤلات

التحليل الأولي ربما يقول أن المخازين المتوفرة لدى الحبوب والمطاحن من هذه المواد أصبحت غير كافية لمتطلبات الحالة الاستثنائية الراهنة، ولضرورات استهلاك المواطنين وحاجاتهم، ولعل ذلك عليه مؤشرات أخرى إضافية تعززها تتعلق مثلا بالتعليمات الجديدة بما يخص توزيع وبيع رغيف الخبز، ووضع سقوف شراء للأسر منه، وغيرها من التعليمات الصادرة بهذا الشأن، مع عدم تغييب التخبط فيها.
لكن ذلك يفرض أسئلة لا بد منه:
أين المخزون الاستراتيجي المفترض من هذه المواد «القمح- الدقيق- الطحين»، وأين التصريحات الرسمية المطمئنة للقائمين على هذا المخزون وعن عمل الحبوب والمطاحن، خلال الفترة الماضية، والتي تحدثت عن وجود هذا المخزون، وبأنه لا خشية أو خوف على هذا المستوى!؟.
فهل انكشف وضع مخزوننا الاستراتيجي من هذه المواد، وأصبحنا مضطرين لفتح باب الاستيراد منها، بغض النظر عن المنشأ أيضاً؟.
وبحال ثبوت هذا الاحتمال، فمن السبب والمسؤول عن ذلك، وكيف ستتم محاسبته؟.
هل أصبح الأمن الغذائي والوطني على المحك
ربما من المبكر الوصول لاستنتاجات نهائية، برغم كل المؤشرات حتى الآن، وهنا ربما لابد من القول أن المحسوبية وغياب المحاسبة وضياع المسؤولية واستشراء الفساد، تعتبر عوامل هدامة لأي مجتمع ودولة، وهي عوامل مجتمعة وموجودة في مجمل تفاصيل السياسات الليبرالية المحابية لأصحاب الأرباح المتبعة منذ عقود، كما في بعض مفاصل العمل الحكومي.
فمن المفروغ منه أن هذه المواد مرتبطة بشكل رئيسي ومباشر بغذاء المواطن الأساسي، المتمثل برغيف خبزه «المدعوم»، ولا يمكن غض الطرف عمن يمكن أن يكون ساهم بوصولنا لهذه المرحلة من العوز للاستيراد بهذا الشكل، بحال ثبوت الفرضية «الاحتمال» السابق، فهذا الاحتمال خطير جداً، ليس على مستوى الأمن الغذائي للمواطن فقط، بل وعلى مستوى الأمن الوطني كذلك الأمر!.
ننتظر، دون تسرع، مع كل الحذر والتحذير، لنرى!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
959
آخر تعديل على الإثنين, 11 أيار 2020 14:06