مناعة المواطن الذاتية بمواجهة الكورونا
«أكدت وزارة الصحة عدم تسجيل أية حالة إصابة بمرض فيروس كورونا في سورية»، جاء ذلك الإعلان على موقع وزارة الصحة بتاريخ 23/2/2020، بعد كثرة الأحاديث عن المرض الخطير والمخاوف المشروعة منه.
الإعلان الرسمي أعلاه أتى متأخراً كثيراً بحسب بعض المواطنين، كما سجل بعضهم ملاحظاتهم على مستوى التقصير بما يخص المستلزمات والتجهيزات والتحضيرات اللازمة لمواجهة مثل هذه الآفة الخطرة بحال تسجيل إصابات بها.
تفاصيل وزارية
في التفاصيل الواردة على موقع الوزارة: «أشار المكتب الإعلامي في الوزارة في بيان رداً على ما تتداوله بعض منصات التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر عن مرض فيروس كورونا المستجد، إلى أن وزارة الصحة تؤكد بأن الأخبار بخصوص مستجدات هذا المرض في سورية ستنشرها الوزارة عبر الوكالة العربية السورية للأنباء سانا، علماً أنه لم تسجل أية إصابة بالفيروس في سورية حتى تاريخه. وأشار البيان إلى أنّ الفرق المتخصصة التابعة لوزارة الصحة تعمل على مدار الساعة في الترصد والتقصي الوبائي لهذا المرض وفقاً للوائح الصحية الدولية المعتمدة لدى منظمة الصحة العالمية. وكانت وزارة الصحة جهزت مؤخراً المخبر المرجعي بالوزارة بكل وسائل التشخيص المتعلقة بفيروس كورونا الجديد للكشف عن أية حالة مشتبه بها مع مواصلتها تطبيق إجراءاتها الصحية المشددة على المعابر الحدودية وفي المطارات، حيث يتم قياس درجات الحرارة للقادمين إلى سورية وإجراء الفحوص اللازمة للحالات المشتبه بها، ولا سيما القادمين من الصين وشرق آسيا حيث تتم تعبئة استمارة خاصة بأسمائهم ومكان إقامتهم ومتابعة حالاتهم الصحية خلال 14 يوماً وهي مدة حضانة الفيروس».
وقد سبق أن صرَّحت مديرة الأمراض السارية والمزمنة في وزارة الصحة: «لا يمكننا التكهُّن باحتمالية وصول فيروس كورونا إلى البلاد وينصح بالابتعاد عن التدخين «سجائر وأراجيل» لأنها تُضعف المناعة».
إجراءات قاصرة والكمامات مفقودة
المواطنون الذين تابعوا أخبار المرض «الوباء» عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل كانوا مهتمِّين وسبَّاقين في البحث عن بعض وسائل الحماية من المرض الخطير، والتي تمثلت بداية بالكمامات، لكن للأسف فقد كانت هذه السلعة غير متوفرة لدى الكثير من الصيدليات والمستودعات الطبية، كما أن ما هو متوفر منها أصبح يتم بيعه في السوق السوداء، حيث وصل سعر القطعة الواحدة لأكثر من 200 ليرة، علماً بأنها ذات مواصفة متدنية، وبالكاد من المفترض أن يكون سعرها لا يتجاوز الـ20 ليرة، مع عدم تحديد موعد لوصول كميات إضافية من هذه السلعة التي زاد الطلب عليها، بالوقت الذي لم يتم الإعلان الرسمي مثلاً عن ضرورة استخدامها درءاً لأي خطر غير مكتشف.
الاعتماد على المناعة الذاتية
يُعول المواطنون على مناعتهم الذاتية، وعلى إجراءاتهم الاحترازية الخاصة وليس على الإجراءات الرسمية، التي اعتبرها الكثيرون منهم قاصرة حتى الآن.
فالوباء الخطير سبق وأن قرأ المواطنون الكثير عنه، وقد أصبح الجميع يعلم أن أهم أسباب انتشاره هي التجمُّعات البشرية والازدحام، باعتباره ينتقل عبر الهواء وبالملامسة المباشرة.
والسؤال الذي يتبادر للأذهان حيال ذلك، هو بما يتعلق بواقع المشافي والمستوصفات والعيادات الطبية العامة وغيرها، باعتبارها مكتظة دائماً ومن المفترض أن تكون الأكثر حرصاً على تأمين شروط منع انتشار المرض داخل أروقتها، في الوقت الذي تعاني منه هذه الأماكن من كثير من أوجه الترهل، مع الكثير من النواقص في الكوادر والمستلزمات والتجهيزات، وخاصة بما يتعلق بعوامل النظافة والتعقيم.
أما الخشية الحقيقية فهي من واقع الازدحام على طوابير الانتظار الكثيرة التي فرضت على المواطنين، المخابز والمؤسسات والصرافات وغيرها الكثير من الأماكن التي تكتظ بالمراجعين وبالطوابير.
فإذا سلمنا بأن وزارة الصحة تقوم بالمتابعة كما ورد أعلاه، برغم محدوديته وعدم كفايته، بالمقارنة مع وقائع إمكانية انتشار الفيروس الوباء لا سمح الله، فماذا عن الإجراءات المطلوبة والهامة بما يخص أماكن التجمعات والطوابير الكثيرة المنتشرة على طول البلاد وعرضها؟!.
بين التهويل واللامبالاة
لا أحد يريد أن يتم تهويل الأمر، أو استباق البلاء قبل وقوعه، لكن بالمقابل لا بدَّ من بعض الإجراءات والتوضيحات والإعلانات الاستباقية قبل أن تقع الفأس بالرأس، فسورية ليست جزيرة معزولة، والوباء أصبح محيطاً بها في كل الدول ومن جميع الاتجاهات، وقد أعلن عن ذلك رسمياً من قبل هذه الدول.
لكن على ما يبدو أنَّ الحكومة أيضاً تُعول على المناعة الذاتية لدى المواطنين، مع عدم خشيتها من وقوع إصابات أو ضحايا بينهم، سواء باسم الكورونا أو غيره من الأمراض الفتاكة الأخرى، فحتى الكمامات التي تعتبر وسيلة الوقاية الأولى وغير الكافية لم يتم الإعلان عن توفرها حتى الآن، أو السعي إلى ذلك، فهل من لا مبالاة أكثر من ذلك!.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 954