تراجع الإنتاج الحيواني والإجراءات الخجول
عادل |إبراهيم عادل |إبراهيم

تراجع الإنتاج الحيواني والإجراءات الخجول

أتت تداعيات الحرب والأزمة على قطاع الإنتاج الحيواني كما على غيره من قطاعات الإنتاج الأخرى، سواء بسبب المعارك المباشرة والتي كانت السبب بنفوق وقتل الكثير من الحيوانات (أبقار- عجول- أغنام..)، بالإضافة إلى هجرة العمل بهذا القطاع بسبب النزوح والتهجير، أو للأسباب غير المباشرة المتشابكة مع تداعيات الحرب والأزمة، والمرتبطة بالسياسات المعتمدة التي لم تدعم هذا القطاع الهام.

والنتيجة، أن تراجع الإنتاج بهذا القطاع خلال السنوات الماضية تم حصاد نتائجه من قبل العاملين فيه أولاً، باعتباره مصدر رزق لهؤلاء، ثم من قبل عموم المستهلكين باعتبار أن كميات منتجاته من اللحوم والحليب ومشتقاته انخفضت، مما أدى إلى تزايد أسعارها، ناهيك عمّا فرضته السوق من ارتفاعات اضافية في الأسعار لأسباب كثيرة أخرى، بما في ذلك والأهم: زيادة الجشع والاستغلال.
الواقع أسوأ من الأرقام التأشيرية
بحسب بعض الأرقام الإحصائية التي أصدرتها وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بمجموعاتها الإحصائية لعام 2017 فإن:
عدد رؤوس العجول في عام 2010 كان 253599 رأساً، أصبح في عام 2017، 199034 رأساً، بانخفاض وقدره 54565 رأساً.
عدد إناث الأبقار الحلوب في عام 2010 كان 518396، وأصبح في عام 2017، 457720، بانخفاض وقدره 60676 رأساً.
مجموع عدد رؤوس الأغنام في عام 2010 كان 15510918 رأساً، أصبح في عام 2017، 13876048رأساً، بانخفاض قدره 1634870 رأساً.
كمية الحليب المستهلك طازجاً في عام 2010 كانت 558865 طناً، أصبحت في عام 2017، 436256 طن، بانخفاض قدره 122609 أطنان.
علماً أن الوزارة نوهت بأن الإحصاءات الخاصة في عام 2017 هي تأشيرية، ما يعني من الناحية العملية أن الأرقام الحقيقية غالباً أقل بكثير من الرقم التأشيري أعلاه، بنتيجة مجمل الأسباب المذكورة سابقاً، مع ما يستتبع ذلك من انحدار أكبر على مستوى كميات الانخفاض بالأعداد والإنتاج، يضاف إلى ذلك طبعاً ما يجري تهريبه من رؤوس أغنام، أو من المنتجات إلى خارج البلاد في ظل حال الانفلات على الحدود المرتبط جزء منها بطولها، وخروج بعضها عن سيطرة الدولة.
إجراءات محدودة وخجولة
الإجراءات الرسمية على مستوى التعويض عن الخسائر التي أتت على أعداد رؤوس الحيوانات المرتبطة بالإنتاج الحيواني ما زالت محدودة وخجولة وقاصرة، بالإضافة طبعاً إلى أن الحكومة لم تتخذ إجراءات حقيقية لدعم هذا القطاع، ولعل المثال القريب المتمثل باستيراد الأبقار دليل على ذلك، سواء من حيث الأعداد المعلن عنها والموردة والمستلمة والموزعة بالنتيجة (عدد محدود يقدر بالآلاف فقط)، أو من حيث إنها اعتمدت على موردين، محليين وخارجيين، مع ما يعنيه ذلك من أرباح خاصة بهم، أو من حيث السعر النهائي الذي فرض على المكتتبين، والتعامل المصرفي مع هؤلاء من أجل تسديد وتقسيط القيمة النهائية، والنتيجة: أن هذا الإجراء الخجول قد أخذ بالحسبان مصلحة الموردين أولاً، ثم مصلحة المصرف ثانياً، لتأتي أخيراً مصلحة المربي والفلاح.
طبعاً، لا يغيب عن الأذهان أن الأعلاف والأدوية البيطرية، والتي تعتبر من مدخلات العملية الإنتاجية في هذا القطاع، سلفاً موجودة بأيدي التجار وتحت قبضة تحكمهم، ناهيك عن دور التجار بعمليات التسويق والبيع لمنتجاته، والنتيجة كما نراها عملياً: مزيد من ارتفاعات الأسعار على منتجات هذا القطاع، مما أدى من الناحية العملية إلى تدني معدلات الاستهلاك لها، اعتباراً من اللحوم، وليس انتهاء بالأجبان، نظراً لعدم تناسب أسعارها مع إمكانات عموم المواطنين في ظل تدني القوة الشرائية وسياسة تجميد الأجور.
والسؤال الذي يتبادر للأذهان: هل مثل هذه الإجراءات كفيلة بالتعويض عن النقص الحاصل على مستوى هذا القطاع الهامّ، بما يؤدي فعلاً لاستعادته مع دوره الاقتصادي والغذائي والمعيشي؟
ووفقاً للمثال «البقري» السابق: تُرى كم من الوقت يتطلبه التعويض عن إجمالي الانخفاض بأعداد الثروة الحيوانية بشكل عام، على ضوء الأرقام أعلاه، التي تعتبر عيّنة صغيرة عن الواقع المأساوي؟.

معلومات إضافية

العدد رقم:
916