صناديق الحرفيين (المساعدة) و(العجز والشيخوخة) بحاجة المساعدة!
تم إحداث صندوق (العجز والشيخوخة) للحرفيين بناء على أحكام المرسوم التشريعي رقم 44 تاريخ 16/5/2010م، وبعد خمس سنوات أقره مجلس الاتحاد العام بجلسته المنعقدة بتاريخ 14-15/6/2015م.
وبعد ستة أشهر من ذلك أقرته وزارة الصناعة بناء على قرار رقم 2142 تاريخ 8/12/2015م، وبعد ثلاثة أشهر إضافية صدرت التعليمات التنفيذية لنظام الصندوق، المعتمدة بقرار المكتب التنفيذي للاتحاد العام للحرفيين تحت رقم(70) تاريخ 22/6/2016م.
الآن، نحن في منتصف الـ 2019م، ولم ير هذا الصندوق النور بعد على أرض الواقع، أي: احتاج المشروع حتى الآن إلى تسع سنوات حتى تمت حفر أحرفه على الورق فقط.
فكرة الصندوق
كما جاء في مقدمة المشروع، بأن التنظيم الحرفي هو الجهة المعنية والمسؤولة عن الرعاية والاهتمام بشؤون الحرفيين، ونظراً للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في الوقت الراهن إضافة إلى انخفاض الدخل للحرفيين، ولمواجهة ظروف الحياة بات من الضروري تأسيس صندوق العجز والشيخوخة للأخوة الحرفيين، لتأمين إعانات للإصابات ورواتب العجز والشيخوخة، ومعاش لورثة المتوفى حسب الأصول.
وتقوم فكرة هذا الصندوق، على التعاون بين مجموعة من الأخوة الحرفيين على منح إعانات ومعاشات تقاعدية، أو أية معاشات لأسرة المتوفى من الحرفيين المنتسبين للصندوق، من خلال اشتراكاتهم الدورية.
موارد الصندوق
لقد اعتمد مُشّرع نظام هذا الصندوق، نفس تشريع بقية الصناديق للنقابات المهنية الأخرى كنقابات (المحامين– المهندسين– الصيادلة ....) واعتمدت الموارد على (اشتراكات الأعضاء– إعانات وتبرعات– نسبة من ريع المشاريع المعتمدة– طوابع– غرامات المخالفين– تصديق الوثائق....).
لكن ما ميز هذه النقابات بأن المُشرّع أعطى الحق لمؤتمراتها بإقرار حقوق لها ولصناديقها، بزيادة واردات الصناديق من خلال رسوم معاملات المواطنين، وبأرقام عالية في بعض الأحيان (كنقابة المهندسين مثلاً)، في حين نظام صندوق الحرفيين لم يعطِ للمؤتمرات هذه الصلاحيات، ولأنه لم يطبق حتى الآن بقيت مصادر موارده محدودة.
مخاوف ومطالب الحرفيين
منذ عشرات السنين وعلى رأس مطالب الحرفيين، سواء في مؤتمراتهم أو غيرها، كانوا يطالبون الجهات المعنية بما يؤرقهم ويقض مضاجعهم وهو الخوف من الشيخوخة، نتيجة لطبيعة عمل الحرفي الدائمة وظروف العمل القاسية والإصابات المتكررة نتيجة طبيعة عمل القسم الأعظم منهم، وعندما زفّ لهم المسؤولون في أحد المؤتمرات خبر إنشاء صندوق للتقاعد يقيهم شرّ الحاجة بعد عجزهم, ضجت القاعة بتصفيق لم تألفه قبل، ومرت ما يقارب عشر سنوات، ولم ير النور بعد، ومعظم الحرفيين الذين انتابتهم موجة الدهشة والسرور كانوا فوق الخمسين من عمرهم، والآن أصبحوا فوق الستين من عمرهم، وأصبح هاجسهم الجديد الخوف من عدم الاستفادة منه، لأن أهم شروط للمستفيد من هذا الصندوق أن يكون قد مضى على تسديد اشتراكاته السنوية، وبانتظام وعلى رأس عمله، لمدة (30سنة) لهذا الصندوق، والصندوق لم يطبق بعد..!!
لذلك جلّ مطالبهم الآن الإسراع بتطبيق نظام الصندوق على أرض الواقع، وأن يكون لعملية الاشتراك بالصندوق مفعول رجعي، يُمكّن الحِرَفيّ من دفع اشتراكات السنوات الماضية بالتقسيط، وأن يتم احترام من أمضى عمره في التنظيم الحرفي وهو يناضل ويحلم بهذه اللحظة وبلغ من العمر فوق الستين، أن يمنح اشتراك عشر سنوات مجاناً.
صندوق المساعدة الاجتماعية
كان تقرير اللجنة الفرعية لهذا الصندوق- المقدم للمؤتمر السنوي لاتحاد الحرفيين في طرطوس– متواضعاً كتواضع خدماته، وعبّر التقرير عن الطموح في تطوير وتدعيم إمكانات هذا الصندوق وصولاً إلى خدمات ورعاية أفضل لأعضائه، وعبّر التقرير عن غايته في الوصول إلى الضمان الصحي، الذي هو من أهم المقومات التي تسعى الدول المتقدمة إلى الوصول بها لتأمين شروط أفضل للإنسان، الذي هو في الأساس الغاية الحقيقية في الوجود، حيث كان الاشتراك السنوي ولعشرات السنين (1000) ليرة، وبالتالي كان تعويض الوفاة للحرفي المشترك في الصندوق بانتظام والقائم على عمله (25) ألف ليرة، لذلك طالب الحرفيون في المؤتمر بشطب هذا الرقم من تقرير المؤتمر، حفاظاً على كرامتهم وإنسانيتهم، وفي العام الماضي تم رفع الاشتراك السنوي إلى 4000 ليرة سنوياً، ورفع تعويض الوفاة إلى 100 ألف ليرة، وعندما تمت مطالبة رئيس الاتحاد العام في المؤتمر برفع خدمات الصندوق (وهو يبرر بأن الخدمات جيدة بالنسبة للاشتراك السنوي) وأن يصبح تعويض الوفاة لا يقل عن 500 ألف ليرة، وتصرف نصفها مباشرة لذوي المتوفي لمساعدتهم قال: «طالبنا في المؤتمر العام لاتحاد الحرفيين برفع الاشتراك السنوي، ورفع سقف الخدمات للصندوق، لكن مع الأسف لم يوافق معظم أعضاء المؤتمر على ذلك، ومنهم زملاؤكم الأعضاء من طرطوس ممثلوكم أنتم».
وهنا السؤال عن بنية وهيكلية التنظيم الحرفي، وكيفية وصول الممثلين إلى المؤتمرات العامة، وعن أسباب العجز في اتخاذ قرارات لصالح الحرفيين من قبل ممثلين الحرفيين أنفسهم؟!.
المركزية المعرقلة
أجاز مجلس إدارة الصندوق المركزي في دمشق، للصندوق الفرعي بتقديم الخدمات فيما يتعلق بصرف الوصفات، والمعاينات، والأجور للتحاليل، والصور الشعاعية وغير الشعاعية (حسب تسعيرة وزارة الصحة)، أمّا العمليات الجراحية فتتم إحالتها إلى مجلس إدارة الصندوق بدمشق لاتخاذ القرار اللازم بصرفها، وشكى كثير من الحرفيين من طول المدة التي تبقى المعاملة في المركز، ومنهم من شكى (في المؤتمرات السنوية) بضياع إضبارته بالكامل، ومنهم من عبر عن استيائه من المبلغ المصروف.
مثلاً: «عملية جراحية بفاتورة نظامية كلفت 100 ألف ليرة، تم صرفها من المركز بعد عدة أشهر/4/ ألف ليرة، وعندما احتج الحرفي على المبلغ وأراد أن تعاد الأوراق من جديد، عاد بعد شهر ليفاجأ بأن مستحقاته عمرها الزمني شهر واحد وفقدها كلها»!.
والسؤال: لماذا أجاز المركز لنفسه بالزمن الطويل، وعدم المسؤولية بفقدان الأوراق، في مقابل تحديد الزمن للحرفي لاستلام مستحقاته؟.
والسؤال الآخر: لماذا يحق للصندوق المركزي أخذ كل واردات الصندوق الفرعي، التي تقدر بالملايين، ولا تعود بالفائدة للصندوق الفرعي إلا بالآلاف؟.
ولماذا لا يعطى الصندوق الفرعي الحق في الاحتفاظ بقسم من موارده، وإعطائه الصلاحيات في صرف العمليات الجراحية؟ فالحرفي بحاجة ماسة لهذا التعويض زمنياً، وما دامت القوانين والأنظمة لعملية الصرف واضحة، سواء كانت في المركز أو الفرع، وعند التدقيق حاسبوا المخطئين إن وجدوا!.
إن الحرفيين يعتبرون من الفئات الاجتماعية الأكثر عملاً وإنتاجية، وعملهم طويل ومرهق، ويشكلون نسبة كبيرة من القوى المنتجة في البلد، والقاعدة العملية الحياتية المفروضة عليهم تقول: «من لا يعمل لا يعيش»، وكرامة هؤلاء مرتبطة بحقوقهم، التي يطالبون بتكريسها قانونياً، وزيادتها طرداً مع المستجدات الجديدة التي تطرأ على الحياة اليومية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 915