الإسكان تعرف ما لها وتغض الطرف عما عليها؟
ما زالت المؤسسة العامة للإسكان تفاجئ المكتتبين لديها، ليس على مستوى المدد الزمنية المفتوحة من قبلها على مستوى التقيد بتنفيذ مشاريعها، وليس على مستوى الزيادات على الأسعار التي تجريها بين الحين والآخر على قيمة المساكن المكتتب عليها، أو على أقساطها، بل على مستوى التهديدات المبطنة للمكتتبين في حال تأخر أحدهم بالتسديد.
هي ليست المرة الأولى التي يتم تهديد ومفاجأة هؤلاء، بل سبقتها مفاجآت أخرى بشكل أو بآخر، وكلها مشفوعة ومبررة بموجب القرارات والقوانين المرعية طبعاً، وآخر ما حرر بهذا الشأن هو: التصريح المنقول عن لسان مدير عام المؤسسة حول «منح مهلة للمتأخرين» لتسديد التزاماتهم المالية تجاه المؤسسة، وذلك لغاية نهاية شهر حزيران القادم، مع ضرورة «حصر المتأخرين فور انتهاء المهلة التي تم تحديدها من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم».
التهديد المبطن والمجمل!
الكلام المنقول أعلاه، بحسب وسائل الإعلام، كان موجهاً لمدراء فروع المؤسسة، حيث طلب منهم أيضاً: «تنظيم بيانات دقيقة ومتكاملة حول المخصصين ممن لم يبرموا عقود مساكنهم أو تأخروا عن تسديد الأقساط الشهرية والالتزامات المالية».
المواطنون من المكتتبين على مشاريع الإسكان لدى المؤسسة لم يفاجؤوا بالتصريح وبمضمونه، خاصة وأن غالبيتهم ملتزمين ومتقيدين بتسديد ما عليهم من التزامات، على الرغم من استيائهم من صيغة التهديد المبطن الذي تم الالتفاف عليه بعبارة «منح مهلة»، وكأنها صيغة تجميلية للعقاب القسري بموجب القوانين وفقاً للعبارة: «اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم».
علماً أن الإجراءات القانونية التي قد تطال البعض من المتأخرين ربما تكون ظالمة بحقهم، خاصة في هذه الظروف القاسية على الجميع، وما يمكن أن تحمله من مبررات ربما فيها جانب أخلاقي وإنساني، لكنها غير معترف بها بموجب القوانين واللوائح والقرارات!.
«أذن الجرة»
على الطرف المقابل توقف بعض المواطنين عند الاستكمال للحديث المنقول عن لسان مدير عام المؤسسة، الذي لم يغفل دعوة مدراء الفروع إلى: «ضرورة الإسراع في إنجاز الأعمال من قبل الجهات المنفذة بموجب العقود التي تم إبرامها من أجل تسليم المساكن المخصصة في المهل المحددة».
حيث لم تقترن تلك الدعوة بعبارات مثل: «اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق من لم يلتزم من هؤلاء بالمهل المحددة» أو ما شابهها بموجب القوانين والأنظمة، بما في ذلك المؤسسة نفسها، باعتبارها الملتزم أصلاً تجاه المكتتبين لديها بالمواعيد والأسعار والأقساط الشهرية، التي طرأ عليها الكثير من التعديلات خلال السنوات الماضية، وكل ذلك كان على حساب المكتتبين دون تحميل المؤسسة أية مسؤولية تجاه تأخرها وعدم تقيدها بالتزاماتها.
فالمكتتبون لدى مؤسسة الإسكان باتوا يعرفون أنها تتعامل معهم ومع مشاريعها كما يتعامل «الفواخرجي» مع جراره، حيث يمكنه وضع «أذنها» أينما ارتأى ذلك! وهؤلاء ما عليهم إلا الانصياع لرغبات المؤسسة وأسعارها ومواعيدها، دون أن يكون لديهم أية وسيلة للمطالبة بحقوقهم، فالبعض من هؤلاء كان قد اكتتب على السكن منذ أكثر من 14 عاماً، على أمل الحصول على هذا السكن وفقاً للإعلان حينها خلال بضعة سنوات، ومع ذلك ما زالوا بالانتظار، كما ما زالوا مضطرين للانصياع لقرارات المؤسسة على مستوى الأسعار والأقساط.. هكذا..
فهل من الممكن الانتهاء من ممارسات «الفواخرجية» في الجهات العامة، أم أنه قدر محتوم، وما على المواطنين إلا الاستكانة؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 911