حلب.. تعددت الجرائم والمجتمع ضحية

حلب.. تعددت الجرائم والمجتمع ضحية

تزايدت في مدينة حلب الحوادث ذات الطبيعة الجنائية، منها جرائم مروعة هزت المدينة نظراً لبشاعتها وبشاعة تفاصيلها، ناهيك عن بعض ضحاياها الذين كانوا أطفالاً.

أهالي المدينة الذين عانوا الويلات خلال السنوات الماضية، لم يفسح أمامهم المجال ليتجاوزا آلامهم وصولاً لحال الاستقرار والطمأنينة المنشودة، لا على الصعيد الاقتصادي والمعيشي والخدمي، ولا على صعيد الأمن والسلام الفردي والأسري والمجتمعي.
المجتمع الحلبي هو الضحية
الحوادث والجرائم المسجلة في المدينة تنوعت حيثياتها ومبرراتها ودوافعها وفاعليها وضحاياها، كما تفاعلت تفاصيلها المتداولة في الأوساط الشعبية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، بين التحذير والتنبيه وأخذ الحيطة والحذر والعبرة، وبين التهويل والتحشيد وبث الإشاعات.
اعتباراً من التحرش إلى السلب والسرقات، مروراً بعمليات الخطف من أجل الفدية، وصولاً لجرائم الاغتصاب والقتل، بما في ذلك ما يمكن تبويبه ضمن التجارة بالأعضاء، وما بين كل هذه العناوين الجرمية من ممارسات وتصرفات شاذة، منها ما يسجل بحق أشخاص منفردين، ومنها ما تسجل بحق مجموعات أشرار، حسب التوصيف الجرمي وملابساته والمشتركين فيه، إلّا أن الجامع المشترك بينها هو المجتمع الحلبي نفسه الذي أصبح ضحية لهذه الجرائم متعددة التسميات والفاعلين.
الوقائع الاقتصادية هي الأسّ
بعيداً عن الخوض بالكثير من الأمثلة والتفصيلات، فإن الغالبية المطلقة من الحلبيين، وبرغم آلامهم وصعوبات معيشتهم وحياتهم، إلّا أنهم مدركون بأن الأسباب العميقة والأساسية خلف الجرائم والحوادث الجرمية المتزايدة، بالإضافة إلى العوامل الفردية والشخصية، هي الوقائع الاقتصادية والفقر والبطالة والتجهيل وحال التهميش المتزايد، وتضافر كل ذلك مع الظواهر السلبية المنتشرة على هامش هذا الواقع، اعتباراً من المخدرات وصولاً للدعارة وما بينها، يضاف إليها واقع السلاح المنفلت بأيدي البعض غير المسؤول وغير المنضبط، وخاصة صغار السن والشباب الطائش، مع ضعف المتابعة والرقابة والمحاسبة، في ظل واقع الاستقواء والمحسوبيات والولاءات والفساد الذي أصبح المجتمع الحلبي ينوء بحمله.
في المقابل فإن الجهات الرسمية، المتمثلة بجهاز الشرطة والأمن الجنائي في المدينة، تتعامل مع هذه الجرائم والحوادث حسب ما يتاح لها من معطيات ومعلومات، وبما هو متاح لها من إمكانات حقيقية فاعلة على الأرض، خاصة في ظل مفرزات الواقع أعلاه وتشعباته، فبعض الجرائم يصار إلى حلها وإلقاء القبض على فاعليها وتقديمهم للعدالة، فيما البعض الآخر ما زالت قيد الانتظار مبوبةً «ضد مجهول».
مطالب
بالنسبة للحلبيين، كما غيرهم من عموم السوريين، فإن الفقر جريمة، والبطالة جريمة، والجوع جريمة، والتهميش جريمة، والتجهيل جريمة، علماً أن كل هذه الجرائم غير مبوبة ضمن القوائم والتصنيفات الجرمية في القوانين وحيثياتها، وبالتالي لا مسؤوليات أو مساءلة لمرتكبيها والمتسببين فيها، علماً أن هؤلاء هم الأكثر إجراماً، ومع ذلك فإن المطالب على ألسنة الحلبيين على مستوى الجرائم المبوبة ذات الحيثيات والمسؤوليات يمكن تلخيصها بالتالي:
تعزيز حال الاستقرار الأمني وتوفير مقومات استمراره، وخاصة على المستوى الاقتصادي والمعيشي، باعتباره شأناً عاماً مرتبط بجملة من السياسات والإجراءات الضرورية منعاً من تفاقم المشاكل وتراكبها، بما فيها الحوادث ذات الطبيعة والصفة الجرمية.
سحب السلاح المنفلت، وحصر حمله بأيدي الجهات الرسمية المخولة بذلك، وفي الأماكن المجاز لهم فيها ذلك.
المزيد من المتابعة والملاحقة والضبط والمحاسبة والمساءلة القانونية لكل المتجاوزين على القانون، والجدية بذلك، بعيداً عن المحسوبيات والولاءات والوساطات.
مع عدم إغفال ضرورة زيادة الاهتمام بالواقع التربوي والتعليمي، وبالجوانب الخدمية العامة التي تمس المواطن الحلبي بيومياته.