مواصلات حلب.. خارجة عن السيطرة

مواصلات حلب.. خارجة عن السيطرة

تعالت شكاوى المواطنين منذ أشهر حول التغيرات التي جرت في العديد من خطوط النقل في حلب، والتي من المفترض أن تضمن خفض الاختناقات المرورية التي تحصل، وخاصة في العُقد المهمة نتيجة التقاء مراكز الانطلاق لبعض الخطوط.

فمنذ إنجاز تحرير المدينة كاملة بدأ العمل شيئاً فشيئاً من قبل إدارة المرور والمحافظة على تغيير مسار هذه الخطوط بغاية تغطية أرجاء المدينة، ولعل ذلك من حيث المبدأ لا يجب أن يكون مشكلة، لكن واقع الحال يقول غير ذلك.
على حساب المواطن
فما جرى على أرض الواقع، أن العديد من هذه التغيرات سببت مشكلات للمواطنين أنفسهم على مستوى النقل، وخاصة في أطراف المدينة ممن يجدون صعوبات حقيقية في الوصول إلى المراكز الحيوية فيها، وذلك عبر اضرارهم لاستخدام أكثر من خط سرفيس للوصول إلى وجهتم، وهو ما يشكل عبئاً مادياً ثقيلاً عليهم بشكل يومي، وشهري كبير ومرهق بالنتيجة، وخاصة طلاب الجامعة باعتبارهم الشريحة الأكثر تضرراً بذلك، ويأتي بعدهم شريحة العاملين في مؤسسات الدولة، وغيرهم من الشرائح الاجتماعية الأخرى، ليس ذلك فقط، بل وفي بعض الأحيان حتى يستطيع المواطن الانتقال من خط إلى آخر أو إلى وجهته المنشودة، فهو مضطر إلى السير مسافة طويلة نسبياً تحت حر الصيف ومطر الشتاء.
والحال كذلك فإن حل مشكلة الاختناقات المرورية كان ببعض جوانبه من الناحية العملية على حساب المواطنين، سواء من الناحية المادية حيث أصبحوا يتكبدون المزيد من الإنفاق على وسائل النقل، بالإضافة إلى المعاناة الجسدية والتعب والإرهاق بالانتقال من مركز انطلاق لسواه، أو من خط سير لآخر، ناهيك عن عامل الزمن المهدور خارج نطاق الحسابات المرعية.
مزاجية السائقين
معاناة المواطنين لم تقف عند هذا الحد فقط، فنسبة ليست قليلة من السائقين العاملين على بعض الخطوط يعملون بشكل مزاجي، ما يحرم العديد من المناطق من تغطيتها بالمواصلات أحياناً، وهو ما يخلق أزمة نقل حقيقية، وخاصة خلال ساعات الذروة صباحاً ومساءً، مثل منطقة جمعية المهندسين التي يخدمها خطي جمعية المهندسين وحلب جديدة شمالي، حيث يعمد بعض السائقين من باب اختصار المسافة إلى سؤال الركاب إن كان هناك منهم من يريد التوجه إليها أم لا، وعند عدم وجود ركاب من تلك المنطقة يصار إلى اختصار الطريق، ما يحرم قاطنيها من الخدمة بالنتيجة.
كذلك هي الحال مع خط سرفيس المعري الذي يُخدم مسافة مهمة من المدينة، فهو الآخر خاضع «لكيف السائق» من جهة وللمواصلات من جهة أخرى، حيث تم نقل نقطة انطلاقه من دوار الجامعة إلى دوار عمر أبو ريشة في منطقة المحافظة، ومن دوار كلية العمارة في الشهباء الجديدة بدل دوار الصخرة في منطقة الفرقان، الفرق بين النقطتين طويل نسبياً بحسب شكوى الطلاب، فهو يكلفهم صباحاً خسارة المحاضرات الصباحية عند أي تأخر، وعند العودة يضطرهم إلى الانتظار لوقت طويل للظفر بمقعد العودة، وهو الحال ذاته بالنسبة إلى خط سرفيس الأشرفية أيضاً.
قطرميز مخلل
المعاناة ذاتها بالنسبة إلى منطقة الحمدانية، والتي تعاني من عقلية السائقين المزاجية في كثير من الأحيان، حيث يضطر المواطنون إلى الوقوف لساعات طويلة بمختلف الظروف الجوية السيئة صيفاً كانت أم شتاء للظفر بموطئ قدم بوسائل النقل المخصصة لهذه المنطقة، وهؤلاء في هذه الحال لا يحق لهم أن يحلموا بأكثر من ذلك، حيث تتحول وسائل النقل إلى «قطرميز مخلل» بكل ما يحمله التعبير من سخرية واقعية، فأمام هذه الحال لا يسع المواطن إلّا القبول به، خاصة وأن ذوي الدخل المحدود لا يملكون رفاهية استخدام سيارات الأجرة، التي لا توفر فرصة لاستغلال المواطنين هي الأخرى.
إشكالية هذه الخطوط تأتي من أهميتها كونها تخدم شريحة واسعة من المواطنين، وخاصة شريحتي الطلبة والموظفين من جهة، ومن جهة أخرى فهي تغطي مناطق واسعة ومهمة في المدينة، فطول خط السير يستغرق لا يقل عن ثلاثة أرباع الساعة، أو النصف ساعة في أحسن الأحوال، دون النظر إلى عوامل الاكتظاظ وسوء الأحوال الجوية.
تدافع وتحرش
المؤسف بعد كل ذلك هو ظهور بعض المشكلات الإضافية التي يتعرض لها المواطنون جراء الازدحام، اعتباراً من التدافع بينهم والذي يصل أحياناً لحد تبادل السباب والشتائم وحتى الشجار، مروراً بالتعاطي السيئ من قبل بعض السائقين، وليس انتهاءً باستغلال الازدحام من قبل اللصوص لسرقة ما تطاله أيديهم، والأسوأ هو الممارسات والتصرفات السيئة من قبل المتحرشين الذين يستغلون ظروف الازدحام لإظهار سوئهم الأخلاقي.
مطالب
يتمثل جوهر مشكلة المواصلات في حلب بضآلة أسطول المواصلات المخصص لنقل المواطنين فيها، يضاف إليها أن حل مشكلات الاختناق المروري انعكس سلباً ببعض جوانبه على المواطنين، وبعد هذا وذاك فإن العديد من وسائط النقل العاملة على الخطوط تقوم بالتعاقد مع المدارس الخاصة لنقل الطلاب خلال الموسم المدرسي، وهو ما ينعكس سلباً على المواطنين أيضاً، وخاصة خلال ساعات الذروة صباحاً ومساءً، ومع ضعف المتابعة والرقابة تصبح المشكلة أعمق.
وبحسب المواطنين فإن حل المشكلة يبدأ بـ:
إعادة النظر بمسارات خطوط المواصلات الحالية بما يخفف الأعباء على المواطنين، وخاصة من الناحية المادية.
إعادة الاعتبار لشركة النقل الداخلي من أجل أن تقوم بمهامها على مستوى النقل والمواصلات داخل المدينة.
تأمين وسائط نقل إضافية على الخطوط الموجودة.
فتح خطوط نقل جديدة لتغطية بعض المناطق البعيدة عن التخديم.
المزيد من الجهود على مستوى الرقابة والمتابعة للصوص والمتحرشين، وخاصة في مراكز الانطلاق المزدحمة دائماً.
ضبط السائقين المخالفين على بعض الخطوط من أجل إلزامهم باستكمال خط سيرهم.