قامشلي.. احتجاجات على فرض المناهج
شهدت مدينة القامشلي خلال الأسبوع الفائت سلسلة اعتصامات أهلية احتجاجاً على تدخل سلطة الإدارة الذاتية في شؤون المدارس الخاصة، التي تمارس عملها تحت رعاية الكنيسة، ومحاولة هذه السلطة فرض مناهج خاصة على هذه المدارس، بعد أن كانت قد فعلت الشيء نفسه خلال الأعوام الماضية مع الكثير من المدارس الرسمية.
تدخُّل سلطة الإدارة الذاتية هذا أحدث إرباكاً في العملية التعليمية التربوية في عموم المحافظة، لاسيما وأن أياً من أركان العملية التعليمية– التربوية غير متوفرة في هذه المدارس... فلا المناهج معدة إعداداً علمياً كما هو مطلوب، ولا الكادر التدريسي يمتلك المؤهلات المطلوبة ليقوم بدوره.
ارتجالية التجهيل
رغم المناشدات والدعوات المتكررة من أغلبية الأهالي والقوى الاجتماعية بالتخلي عن هذه الخطوة غير المدروسة، والمأخوذة من طرف واحد، ورغم النتائج الكارثية على جيل كامل من أبناء المحافظة، إلا أن القائمين على سلطة الإدارة الذاتية، ما زالوا يصرون على موقفهم غير المفهوم الذي لا معنى له من الناحية العملية سوى التجهيل، بغض النظر عن نوايا من يرسم هذه السياسات وينفذها، مما ساهم في زيادة عزلتها والإساءة إلى سمعتها، رغم الدور المشهود لها في محاربة «داعش».
ما لاشك فيه، أن المناهج الرسمية المعتمدة ليست على المستوى المطلوب، وهي بحاجة إلى تغيير حكماً، ولكن هذه الطريقة الارتجالية في فرض البدائل عقّدت المسألة أكثر فأكثر، لا سيما وأن المناهج «الجديدة» هي محاكاة بائسة للمناهج الرسمية، ناهيك عن الأبعاد السياسية لمثل هذا الإجراء، ودلالاتها فيما يتعلق بوحدة البلاد.
ضرورات التغيير
لقد كان وما زال، الاهتمام بلغات وثقافات أبناء القوميات غير العربية في سورية، مهمة وطنية بامتياز، فمن حق أبناء هذه القوميات تعلم لغتهم الأم، وتطوير ثقافتهم، ومن واجب الدولة توفير كل الإمكانات المطلوبة لتنفيذ ذلك، والتخلي نهائياً عن كل مظاهر التمييز القومي أو الديني، فسورية الجديدة يجب أن تكون لكل أبنائها.
يعتبر تغيير النظام التعليمي في البلاد، مثله مثل غيره من القطاعات، من المهام الملحة التي تفرض نفسها على القوى والنخب السورية، وذلك كجزء من عملية التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل، أما السياسات الأحادية، واتخاذ القرارات من طرف واحد فمصيرها لن يكون إلا الفشل، ولن تجلب لأبناء المحافظة إلا المزيد من المعاناة.
وعلى كل حال وَعوْداً على بدء، فإنه يجب الكف عن هذه الممارسات الاستفزازية والجميع مدعوٌ إلى التحلي بالحكمة وعدم العمل بمنطق الفعل ورد الفعل، لا سيما وأن البلاد مقبلة على تغييرات، وأن التحضيرات لانطلاق عمل اللجنة الدستورية قائمة على قدم وساق، الأمر الذي من شأنه أن يحل مختلف القضايا العالقة.