محافظة درعا.. ضرورات تعزيز الاستقرار
يتسم المزاج العام في محافظة درعا بالكثير من الارتياح والإيجابية، وذلك على إثر استعادة الدولة لسيطرتها على المحافظة، خاصة وأن الأهالي كان لهم الدور الأبرز على مستوى تكريس المصالحات، بالإضافة إلى دورهم البارز على مستوى مواجهة المسلحين، وصولاً لطرد الكثيرين منهم من البلدات والقرى، مع تقديرهم الكبير للدور الروسي على هذا الصعيد.
في المقابل، فإن استعادة هؤلاء لحياتهم الطبيعية ما زال تحول دونها بعض الصعوبات والمعيقات، على المستوى الخدمي والاقتصادي والاجتماعي والأمني.
تكاليف مرهقة وترفيق
من المعروف أن محافظة درعا يطغى عليها الإنتاج ذو الطابع الزراعي، النباتي والحيواني، وإذا كانت سنوات الحرب والأزمة قد فرضت على المزارعين والفلاحين الكثير من أوجه المعاناة والخسائر، فإن هؤلاء استبشروا خيراً بما تم الوصول إليه من عوامل الاستقرار، عسى أن يتمكنوا من تسويق إنتاجهم بما يحول دون تكبدهم المزيد من الخسائر، إلّا أن ذلك لم يتم كما هو مأمول، حيث ما زالت تكاليف الترفيق تثقل كاهل هؤلاء، بالإضافة إلى التكاليف والنفقات الأخرى التي يتكبدونها على مستلزمات الإنتاج الزراعي، وخاصة المحروقات، ويعتبر تأمين المازوت صعباً ومكلفاً ويباع بأعلى من سعره، بحيث تصبح جميع التكاليف مرهقة، ولا يمكن تغطيتها وصولاً إلى تحقيق هوامش الربح التي تؤمن العيش الكريم لهؤلاء، في ظل تدني أسعار منتجاتهم، وفي ظل تحكم بعض التجار كذلك الأمر.
الترفيق لم يقتصر على المنتجات الزراعية الخارجة من المحافظة، بل على السلع والبضائع الداخلة إليها أيضاً كافة، اعتباراً من المواد الغذائية والمستلزمات الضرورية الأخرى، وليس انتهاءً بالبحص والرمل ومواد البناء.
فالطلب على مواد البناء تزايد بسبب الحاجة الماسة لترميم البيوت التي انعكست عليها آثار الحرب، ناهيك عن الحاجة لإعادة بناء البيوت المدمرة كلياً وإعادة إكسائها مجدداً، حيث ارتفعت أسعار هذه المواد بشكل كبير، أولاً: بسبب تزايد الطلب، وثانياً: بسبب تكاليف الترفيق المرتفعة، وهذه وتلك تعتبر مزيداً من العبء المادي الذي يثقل كاهل الأهالي.
تكاليف الترفيق المرتفعة تعتبر سبباً رئيساً في زيادة الأعباء على المواطنين في المحافظة، وهو أمر يطالبون بإلغائه أسوة بالمناطق والمدن الآمنة، خاصة وأن الطرق أصبحت آمنة، وهي برعاية وعهدة الجيش.
خدمات منتقصة
أهالي المحافظة، وخاصة البلدات والقرى الغربية منها، تعاني من واقع الكهرباء، حيث تتزايد ساعات القطع في البعض منها، بينما تنخفض في بعضها الآخر، دون مبرر أو مُسوّغ على مستوى هذا التباين وانعدام العدالة.
كما تعاني بلدات وقرى المحافظة من النقص على مستوى الرعاية الصحية، وخاصة لبعض الحالات والأمراض الخطرة التي تحتاج للرعاية الخاصة في مشافي العاصمة، حيث تحول بين بعضهم وهذه الرعاية، بعض التحفظات ذات الطابع الأمني على تنقلهم، مما يزيد من معاناتهم مع أسرهم.
أما المواصلات فلها ذاك الحيز الخاص من المنغصات، سواء بين البلدات والقرى داخل المحافظة، أو بين المحافظة ومدينة دمشق، باعتبارها الامتداد الحيوي لدرعا اقتصادياً واجتماعياً، حيث ما زالت أعداد وسائط النقل قليلة، كما مازالت عمليات التسوية مستمرة ولم تنتهِ إجراءاتها بعد، بالإضافة إلى واقع زيادة أعداد الحواجز على الطرقات.
جملة القضايا أعلاه وغيرها، بحاجة للمعالجة السريعة من أجل استكمال وتعزيز عوامل الاستقرار في المحافظة، وصولاً لعودة الحياة الاقتصادية الاجتماعية فيها، لما هو أفضل مما كانت عليه، وهو ما يطمح إليه الأهالي، ويعملون من أجله.