مناكفة على المخططات التنظيمية لمنطقة القابون

مناكفة على المخططات التنظيمية لمنطقة القابون

مرة جديدة يطفو الحديث عن المخططات التنظيمية الخاصة بمنطقة القابون، والمزمع وضعها بالتنفيذ من قبل محافظة مدينة دمشق، على السطح، لكن هذه المرة بدفع من قبل غرف التجارة والصناعة.

نوار الدمشقي

فقد تداولت وسائل الإعلام أن اتحاد غرف الصناعة السورية وغرفة تجارة دمشق طلبوا من الحكومة: «إلغاء كل الإجراءات التنفيذية المتعلقة بتحويل منطقة القابون إلى منطقة سكنية، مؤكدين ضرورة إبقائها منطقة صناعية مصانة الحقوق والواجبات، وبتقديم كل التسهيلات والحوافز الخدمية والتشغيلية لها لتتعافى وتقلع بأسرع ما يمكن».

مليارات مصروفة
وتكاليف باهظة بالانتظار
الطلبات أعلاه تم تبويبها بكتابين منفصلين موجهين للحكومة من قبل اتحاد غرف الصناعة وغرفة تجارة دمشق، والتي رشح منها بحسب وسائل الإعلام: «أهمية النظر في شكوى صناعيي منطقة القابون الصناعية بدمشق والذين يمثلون نحو 400 منشأة صناعية للصناعات الصغيرة والمتوسطة والحرفية وباعتبارها مخدمة كمنطقة صناعية منظمة من حيث المحاضر وعقود الملكية ومسجلة في المصالح العقارية (طابو أخضر) منذ عام 1950».
كما ورد أيضاً: «الصناعيون في تلك المنطقة قاموا بترميم منشآتهم وحصلوا على دعم الحكومة كونها منطقة ذات أهمية كبيرة بمبلغ ما يقارب 3 مليارات ليرة سورية لإعادة تأهيل البنى التحتية وتركيب محولات كهربائية للمنطقة وغيرها من الخدمات، إلّا أن تحويل منطقة القابون الصناعية اليوم إلى منطقة سكنية سيعود بالأضرار الكبيرة والتكاليف الباهظة التي سيتكبدها الصناعيون جراء نقل أعمالهم عدا ضياع الوقت الإنتاجي وزعزعة الثقة الاستثمارية في العمل الصناعي لدى المستثمرين».

تكليف حكومي
الطلبات الموجهة للحكومة أعلاه كانت على ما يبدو نتيجة التكليف الحكومي لوزارة الاشغال العامة والإسكان «بإنجاز مخططات تنظيمية جديدة لمناطق جوبر وبرزة والقابون ومخيم اليرموك، يتم من خلالها مراعاة خصوصية كل منطقة وفقاً لمقوماتها العمرانية والصناعية والحرفية وذلك ضمن خطة الحكومة لإعادة إحياء المناطق كافة التي تحررت من الإرهاب»، وذلك في الجلسة المنعقدة بتاريخ 1/7/2018.
ويشار بهذا الصدد أنه سبق لأحد أعضاء المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق، كشفه عبر إحدى وسائل الإعلام المحلية منذ شهر تقريباً، «أن المحافظة تدرس إدراج 4 مناطق تنظيمية جديدة في دمشق ضمن القانون رقم 10 لعام 2018، مبيناً أن المنطقة الصناعية في القابون إضافة إلى كلّ من جوبر والتضامن والمزة 86 مناطق مقترحة لإعادة تنظيمها وفق القانون الجديد، بشرط أن تحقق الجدوى الاقتصادية».

تباين توجهات وتناقض مصالح
توجه غرف الصناعة والتجارة نحو الحكومة أغفل دور محافظة مدينة دمشق وتوجهاتها على ما يبدو.
فالتكليف الحكومي لوزارة الأشغال العامة والإسكان أعلاه أخذ بعين الاعتبار «مراعاة خصوصية كل منطقة وفقاً لمقوماتها العمرانية والصناعية والحرفية»، لكن يظهر أن للمحافظة رأياً مغايراً لذلك!
فأحد أعضاء مجلس المحافظة سبق أن تساءل عبر إحدى الصحف المحلية مطلع شهر حزيران 2018: «إن كان من المقبول أن تستمر المعامل في القابون والقدم وجوبر التي أصبحت في وسط دمشق، في ظل وجود مدينة صناعية في عدرا؟ مضيفاً: نحن أبناء دمشق لا نريد مدينة دمشق صناعية ولا زراعية لأنها ليست كذلك، فدمشق هي مدينة خدمات ومدينة أموال».
أي: أن هناك تبايناً في التوجهات بين الحكومة والمحافظة، كما هناك اختلاف مصالح ورؤى بين المحافظة وكل من التجار والصناعيين.

من يرعى مصلحة المواطن
لعل الكتب الموجهة للحكومة أعلاه تعتبر بداية لمناكفة ستصبح حامية الوطيس بين المحافظة من جهة، والتجار والصناعيين من جهة أخرى، ولا ندري أين ستصبح مصلحة المواطنين بنتيجة هذه المناكفة، خاصة إن طالت مفاعليها، باعتبار أنه لم يرشح أي جديد حكومي بهذا الصدد حتى الآن، حيث يعتبر عامل الزمن بالنسبة للمواطنين عاملاً حاسماً، خاصة وأنهم بانتظار ما ستؤول إليه حالهم بعد سني التشرد والنزوح.
فإذا كان القانون 10، والمخططات التنظيمية المزمعة، وقد وضعت مصلحة هؤلاء بأيدي المحافظة وشركتها القابضة، بالتوازي مع أيدي كبار تجار العقارات وسماسرتها، وخاصة على مستوى استثمار عامل الزمن الثقيل على المواطنين، والمربح في جيوب التجار، فإن دخول التجار والصناعيين على الخط دفاعاً عن حقهم وملكهم ومستقبل إنتاجهم، وهو حق مشروع بلا شك، ربما سيؤدي إلى هدر المزيد من الوقت لحين البت النهائي بمآل المخططات التنظيمية والمصالح المرتبطة بها.
بقي أن نشير إلى تأكيد محافظ دمشق، بداية الأسبوع الحالي، بأن إنجاز المخطط التنظيمي (العام والتفصيلي) لمنطقة القابون سيكون منجزاً خلال ستة أشهر، والذي خُتم بعبارة: «وبما يراعي تحقيق الرؤية التطويرية والاستثمارية للمنطقة، ويضمن حقوق المالكين فيها، ويحقق المنفعة المشتركة للدولة ولأصحاب المنشآت»، ما يعني أن الموضوع ما زال مفتوحاً للتأويلات المصلحية!.