بلدات الريف الدمشقي بانتظار الإقبال على الحياة

بلدات الريف الدمشقي بانتظار الإقبال على الحياة

تشير التقارير، الرسمية والإعلامية، إلى أن أبناء وأهالي بلدات الغوطة الشرقية، وبلدات الريف الدمشقي الأخرى، الذين كانوا موجودين في مراكز الإيواء، بالإضافة إلى الكثير غيرهم من الذين كانوا خارج هذه المراكز، قد عادوا إلى بلداتهم وقراهم مؤخراً، بانتظار عودة البقية الباقية من أهلهم وذويهم.

كما تشير الأنباء إلى أن هؤلاء العائدين ما زالوا يواجهون جملة من الصعوبات وأوجه المعاناة، وخاصة على مستوى تأمين مستلزمات وضرورات الحياة، المرتبطة أولاً بفرص العمل ومصدر الرزق، الذي يؤمن لهم متطلبات العيش الكريم.
مقدمات الاستقرار
مع استمرار محافظة ريف دمشق بالقيام بدورها على مستوى إعادة الخدمات إلى هذه البلدات، بالتعاون مع بقية الجهات الحكومية، وبالتوازي مع إزالة الأنقاض وفتح الطرقات، وإعادة تأهيل شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي وغيرها، فإن مؤشرات عودة الاستقرار لهذه البلدات تتزايد وتتعمق، مما يفسح المجال لاستكمال عودة جميع الأهالي الذين فرض عليهم النزوح منها خلال السنوات الماضية، على إثر الأعمال القتالية التي جرت في تلك المناطق، وطرد قوى الإرهاب منها، أو من خلال الهدن والمصالحات والاتفاقات التي وقعت مع المسلحين الذين قبلوا الانخراط فيها.
جملة هذه المقدمات تعتبر ضرورية من أجل استعادة هذه البلدات والقرى لدورها الاجتماعي والاقتصادي، وهي من دون شك لها الكثير من الانعكاسات الإيجابية، خاصة مع البدء بعودة وسائل النقل للعمل على بعض الخطوط، مع ما يتم تأمينه عبر هذه الوسائل من المستلزمات والضرورات الحياتية التي تحتاجها هذه البلدات بآهليها.
حرية الحركة مقننة
بالرغم من كل ما سبق ما زالت هناك الكثير من الصعوبات وأشكال المعاناة التي يواجهها الأهالي في هذه البلدات، والتي تحتاج لإيجاد الحلول السريعة لها.
فبلدات الريف الدمشقي، وفي ظل الدمار الذي أتى على بيوتها ومعاملها وورشاتها وحقولها، تبدو استعادة الحياة الاقتصادية الاجتماعية إليها تحتاج إلى فترةٍ زمنية، تطول أو تقصر، من أجل استعادة كامل نشاطها، وخاصة على مستوى فرص العمل وتأمين سبل العيش، بعيداً عن أشكال الإعانات والمساعدات، التي لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون بديلاً عن مصدر الرزق الذي يؤمن الحياة الكريمة للأهالي.
فعلى الرغم من فتح الطرق، وتسيير بعض وسائل النقل على جزء من الخطوط، إلّا أن عملية انتقال المواطنين مقننة وغير متاحة أمام الجميع، في ظل استمرار تقييد الخروج من هذه البلدات باتجاه مدينة دمشق، وهذا الأمر لا يرتبط فقط بتأمين متطلبات ومستلزمات الحياة اليومية، بل والأهم من ذلك هو ارتباطه بالبحث عن فرص العمل ومصادر الرزق في دمشق بالمرحلة الحالية، في ظل محدودية فرص العمل في هذه البلدات.
مطالب حياتية
مطالب أهالي هذه البلدات والقرى، محدودة، وترتكز على ما يلي:
_ استكمال إزالة الأنقاض والردميات، وتطهير المنطقة من الألغام التي خلفتها المجموعات المسلحة.
_ استكمال تأهيل البنى التحتية، وعودة الخدمات العامة إلى جميع البلدات والقرى.
_ الإسراع بعودة جميع مؤسسات ودوائر الدولة للقيام بدورها وواجبها ومسؤولياتها في هذه البلدات.
_ صرف التعويضات المناسبة والعادلة عن الأضرار التي أتت على البيوت، والمعامل والورشات، والأراضي الزراعية.
_ فسح المجال أمام الأهالي للانتقال السلس من وإلى مدينة دمشق، وفيما بين هذه البلدات والقرى وخارجها.
_ الإقلاع بمشاريع إعادة الإعمار بما يضمن حقوق الأهالي.
أهمية وضرورة
تعتبر الغوطة الشرقية، ببلداتها وقراها العديدة، بالإضافة إلى بلدات الريف الدمشقي الأخرى، بمساحتها الجغرافية الكبيرة، رئة العاصمة الزراعية، لما تؤمنه من منتجات زراعية وحيوانية وصناعات مرتبطة بهذه المنتجات، بالإضافة إلى كونها مركزاً لبعض الصناعات والحرف التي تتكامل مع غيرها في دمشق وبقية المحافظات، ناهيك عن المناطق الصناعية فيها، التي تؤمن الكثير من فرص العمل، سواء لأهالي هذه البلدات، أو لغيرهم من سكان العاصمة، كما وتؤمن العديد من المنتجات الصناعية على مستوى الاستهلاك المحلي، بل والتصديرية أيضاً، ناهيك عن كونها مستقراً على مستوى السكن والإقامة للكثير من أبناء العاصمة وغيرهم، بالإضافة إلى دورها وأهميتها على مستوى السياحة، وخاصة الشعبية منها كمتنفس طبيعي.
خطوة في الاتجاه الصحيح لابدّ أن تستكمل
إن استكمال عودة المدنيين إلى قرى وبلدات الريف الدمشقي عموماً، والإسراع بعودة الحياة الاجتماعية والاقتصادية لبلدات وقرى هذا الريف الكبير، بالإضافة إلى كونها ضرورة حياتية لأهله وساكنيه، فهي ضرورية على مستوى استكمال استعادة الاستقرار العام.
وتأتي أهمية هذه الخطوة، ليس لأنها مطلب محق فقط، وخطوة لقيام جهاز الدولة بواجبه فقط، بل إن هذه العودة والتسهيلات التي ستقدم للمواطنين في حال تنفيذها، تنطوي على أهمية سياسية أيضاً، إذ تضع حداً لتلك القوى التي تتاجر بالكارثة السورية، وتروج لإشاعات التغيير الديمغرافي، وما إلى ذلك من بروباغندا التوتير وإشاعة القلق لدى المواطنين، لاسيّما، وأن عودة هؤلاء المواطنين هي النتيجة المنطقية الوحيدة لإنهاء وجود الجماعات المسلحة في أية منطقة من مناطق البلاد.