الدخول المأجور للحدائق بدعة جديدة
نظمت غرفة تجارة دمشق، بالتعاون مع وزارة السياحة ومحافظة دمشق، مهرجاناً للتسويق باسم «الشام بتجمعنا»، وقد بدأت فعالياته بتاريخ 19/6/2018، وسيستمر لغاية 26/7/2018.
المهرجان أقيم في حديقة تشرين بدمشق، والتي من المفترض بأنها حديقة عامة، إلّا أنّ القائمين على المهرجان في محافظة دمشق فرضوا على مرتادي الحديقة رسم دخولٍ قدره 200 ليرة، والسبب المهرجان.
عامل الربح هو الطاغي
المهرجان يترافق مع معرض الزهور السنوي الذي تقيمه وزارة السياحة، ويتضمن مجموعة من الفعاليات الرياضية والفنية والثقافية والتراثية، بالإضافة إلى ما سمي بـ «شارع الأكل» وسط الحديقة.
فكرة المهرجان بتنوع فعالياته تبدو إيجابية، ويبدو من خلال تسميته «الشام بتجمعنا» أنه يحمل طابعاً اجتماعياً اقتصادياً ثقافياً فنياً.. عامّاً، إلا أن واقع الحال يقول: أن عامل الربح هو الطاغي على المهرجان بفعالياته كافة من ألفها إلى يائها، اعتباراً من دخول الحديقة الذي أصبح مأجوراً، وصولاً إلى رسوم الدخول الإضافية على بعض الفعاليّات المشاركة فيه.
على حساب المواطن
قد يجد القائمون على المهرجان، والمشاركون فيه، مبرراتهم من أجل فرض الرسوم، باعتباره مهرجاناً للتسويق، خاصة وأن المنظم الأساسي له هي غرفة تجارة دمشق، برغم الملاحظات على أسعار ما يتم تسويقه من سلع وخدمات خلاله، إلا أن الذي لا يمكن تبريره هو فرض رسم الدخول على الحديقة العامة.
والنتيجة، أن المهرجان الذي ستستمر فعالياته لمدة شهر، سيكون في المحصلة سبباً لحرمان المواطنين من ارتياد حديقة تشرين العامة. فعلى الرغم من أن الحديقة كبيرة ومتسعة، وهي الأكبر في مدينة دمشق، والمتنفس والمتنزه الذي يستقطب سكان العاصمة، إلّا أن فعاليات المهرجات استحوذت عليها بشكل شبه كامل، على حساب حق المواطنين في هذه الحديقة، والذي جرى الاعتداء عليه مرتين، مرة عبر رسم الدخول، ومرة من خلال المساحة المتبقية لهم كمتنفس داخلها.
محافظة دمشق تتعدى على الحقوق
مما لا شك فيه أن المسؤولية بهذا الإطار تقع على عاتق محافظة دمشق أولاً وآخراً، فالمهرجان بالنسبة لغرفة تجارة دمشق هو مهرجان مُعلن من أجل التسويق، وبالنسبة لوزارة السياحة فإن معرض الزهور السنوي لا يقتطع إلا جزءاً من الحديقة فقط، والغاية الأولى والأخيرة بالنسبة للفعاليات المشاركة هي تحقيق الترويج والتسويق والأرباح من خلال المساحات المحجوزة، لقاء ريع استثماري لمصلحة المحافظة.
فمحافظة دمشق هي من وضعت الحديقة، بكامل مساحتها تقريباً، للاستثمار من قبل الفعاليات المشاركة عبر الجهة المنظمة، وهي من ستجني الريع الاستثماري لقاء الإشغالات فيها، إلّا أنها لم تكتفِ بذلك فقط، بل توّجت ذلك بفرض رسم الدخول أيضاً، وكل ذلك على حساب حق المواطنين بالنتيجة.
نهاية المطاف لا يسعنا إلّا أن نقول: إن محافظة دمشق تسجل مجدداً علامة مميزة باسمها، وهي بدعة الاستثمار بالحق العام في الحدائق، عبر منع الدخول المجاني إلى حديقة تشرين لمدة شهر كامل، وتحويله إلى دخول مأجور، ضاربة بعرض الحائط ما يصون هذا الحق.
ولا ندري إلى أين يمكن أن تصل المحافظة بتعديها على الحقوق العامة بذريعة الريع الاستثماري؟
والسؤال الأهم الذي تبادر لأذهان المواطنين، الذين حرموا من حقهم بارتياد الحديقة، وعلى ألسنتهم يقول: هل فعلاً «الشام بتجمعنا»؟