«شريك المي ما بيخسر»
سمير علي سمير علي

«شريك المي ما بيخسر»

لا ندري هل من المفروض أن يصيبنا السرور أم الحزن، على أثر الخبر حول نية تصدير الفائض من المياه المعبأة.

 

يقول الخبر، الذي تم تداوله الأسبوع الماضي: أن وزير الصناعة «طلب من إدارة الشركة العامة لتعبئة المياه الإسراع باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ خطتها الاستثمارية، وخاصة من جهة إقامة خطوط إنتاج جديدة في كل من مناطق نبع السن ونبع بقين ومنطقة الخفسة في محافظة حلب، بهدف تلبية حاجة السوق والانتقال إلى تصدير الفائض، وكذلك معالجة واقع معمل دريكيش من حيث غزارة المياه».
فأن تتوفر لدينا سلعة من إنتاجنا المحلي، وبها فائض على حاجات الاستهلاك، وقابلة للتصدير، وفيها قيمة مضافة، بحيث تؤمن المزيد من فرص العمل، والقابلية للتطوير والتوسع اللاحق، كما تؤمن القطع الأجنبي لقاء عمليات التصدير، فذلك لا شك مدعاة للفرح والسرور.
لكن أن يكون الحديث بهذا الصدد عن المياه المعبأة من ينابيعنا، في الوقت الذي تعاني فيه البلد عموماً من شح بمياه الشرب، ناهيك عن الشح بالمياه عموماً، فإن الخبر أعلاه سيكون صادماً من كل بد.
الخبر الذي مرّ مرور الكرام عبر وسائل الإعلام، تتضح من خلاله الاستراتيجية المرسومة من قبل وزارة الصناعة على مستوى المياه المعبأة، بأنها ستُسخر لعمليات التصدير.
وبغض النظر عن عبارة «تلبية حاجة السوق»، فإن عمليات التصدير المزمعة للمياه لن تكون بخلاف غيرها على مستوى تصدير السلع المنتجة محلياً، طالما أن القائمين على التصدير من التجار غايتهم الأولى والأخيرة تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، فكيف بسلعة مثل المياه، التي يقال بها: «شريك المي ما بيخسر»، وما أكثر الشركاء من التجار الذين سيتخاطفون هذه السلعة «تطوعاً» من أجل تصديرها، وفقاً لتلك الاستراتيجية الرسمية المعلنة.
والنتيجة المتوقعة بناءً عليه، هي: زيادة التقنين بمياه الشرب المخصصة للمواطنين عبر الشبكات الرسمية، والمزيد من العوز للماء الصالح للشرب.
ولم لا طالما أن هذه السلعة ستحقق المزيد من الأرباح في جيوب شركاء الماء الجدد، من التجار والمصدرين، بمقابل استبعاد المواطن من هذه الشراكة، والذي أصبح معوزاً للمياه سلفاً، ويشتري حاجته منها تحت وطأة الاستغلال أمام عين الحكومة وبمعرفتها، وكأنه ليس أصيلاً بحقه في هذه المياه، بعد أن أخذت الحكومة أصالته هذه بالتوكيل الإلزامي، باعتبارها ممثلة للدولة، ومؤتمنة على ثرواتها ومصالحها ومصالح مواطنيها وحقوقهم.
فالحكومة التي اختطت لنفسها النهج الليبرالي المحابي لمصالح كبار التجار والسماسرة والفاسدين، تحجب عنا كل شراكاتنا وتمنع عنا كل حقوقنا بالثروات والإنتاج تباعاً، وصولاً لحقنا بالمياه وشراكتنا بها أخيراً.
فإلى أين ستوصلنا هذه الحكومة في ظل استمرارها بهذه السياسات؟