سياسات الإفقار مسؤولة عن الإتجار بالأشخاص
رقم صاعق تداولته وسائل الإعلام مؤخراً، عن أعداد حالات الإتجار بالأشخاص التي تم ضبطها خلال عام 2017، حيث بلغت نحو 1000 حالة.
الإحصاءات الحكومية التي تم تداولها تقول: إن «معظم هذه الحالات لشبكات تعمل خارج البلاد، وتتواصل مع سوريين في الداخل، مشيرةً إلى أن نسبة الضحايا من النساء بلغت 60 في المئة من إجمالي الحالات التي تم ضبطها. كما أشارت الإحصاءات إلى أن ما يقارب 400 حالة كانت بهدف الاستغلال الجنسي».
الفقر هو السبب
نقل عن الدكتور حسين نوفل، رئيس قسم الطب الشرعي، سابقاً، في جامعة دمشق، كشفه عن: «وجود حوالي 18,000 سوري فقد أحد أعضائه خلال السنوات الماضية، موضحاً أن أسعار الأعضاء غير ثابتة، ففي تركيا يمكن شراء كلية مقابل عشرة آلاف دولار، بينما في العراق يهبط السعر حتى ألف دولار، أما في لبنان وسورية تباع الكلية مقابل حوالي ثلاثة آلاف دولار، مشيراً إلى أن معظم الأشخاص الذين يقعون ضحية هؤلاء التجار، كانت حاجتهم للمال هي الأساس نتيجة الفقر والجهل الاجتماعي والتشرد الذي حل بهم».
ويشار في هذا الصدد: أن الخبر أعلاه، وبنفس المضمون والأرقام، كان قد ورد عبر إحدى الصحف المحلية مطلع عام 2015، عن إحصاءات حكومية تعود لعام 2014، لكن الإضافة كانت في حينه على لسان معاون وزير الداخلية الذي كشف: «أن سورية أصبحت من دول المنشأ بجرائم الإتجار بالأشخاص بعدما كانت من دول العبور».
الخطير والأخطر
الأرقام أعلاه، تشير، أولاً: كأن الإحصاءات الحكومية بهذا الشأن مكررة سنوياً مع حيثياتها، وثانياً: تشير إلى أن الإجراءات الحكومية لم تكن كافية ورادعة، بحيث تؤدي لتخفيض أعداد ضحايا الاتجار بالبشر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأرقام أعلاه تمثل ما تم ضبطه من هذه الحالات، وليس ما هو موجود فعلاً.
الخطير في الأمر هو ما جاء على لسان رئيس قسم الطب الشرعي السابق في جامعة دمشق، من رقم للضحايا بحوالي 18000، حسب ما ورد أعلاه، خاصة مع إشارته إلى الأسباب التي تؤدي بالأشخاص ليكونوا ضحايا على أيدي تجار الأعضاء، والمتمثلة بالحاجة للمال بنتيجة الفقر والجهل والتشرد.
ولعل ذلك هو الأس الذي كان من المفترض أن تعمل الحكومة على تلافيه من أجل تخفيض أرقام ضحايا الإتجار بالبشر، وهو ما لم يتم، بدليل استمرار توالي الأرقام بنفس المعدلات، على الرغم أن ظروف وعوامل الأمان تحسنت افتراضاً، كما اتسعت رقعة سيطرة الدولة خلال السنوات الماضية وأصبحت واقعاً، لكن الثابت الوحيد الذي لم يتحسن من جملة العوامل المؤثرة على مستوى استمرار جرائم الإتجار بالبشر، لا افتراضاً ولا واقعاً، هو الفقر والحاجة للمال، بل لعل العكس هو الصحيح، حيث تتزايد معدلات الفقر والعوز عاماً بعد آخر، بنتيجة الاستمرار بنفس السياسات الحكومية، المفقرة للعباد والمستنزفة للبلاد، والتي لا يمكن تبرئتها على هذا المستوى، فهي المسؤولة عملياً عن التردي المعيشي، وسوء الخدمات و.. وصولاً لأن يضطر البعض فقراً وعوزاً من أن يبيع أحد أعضائه.
ليكون الأخطر بعد كل ذلك هو ما أتى على لسان معاون وزير الداخلية منذ مطلع عام 2015 بأن: «سورية أصبحت من دول المنشأ بجرائم الإتجار بالأشخاص».
فإلى أين ستمضي بنا الحكومة عبر استمرارها بهذه السياسات؟