البوكمال.. دُحر الإرهاب متى يدحر الترهيب؟
لم يفاجأ أهالي البوكمال العائدون إلى بيوتهم لتفقدها، من عدم وجود أي شيء فيها، فلا أبواب ولا أثاث ولا فرش ولا كهربائيات، ولا حتى صنبور ماء أو بريز كهرباء.
رغم معاناة التشرد والنزوح وتعفيش الممتلكات، تأتي عليهم المفاجأة الأكبر من قبل بعض تجار الحرب والأزمة من المتنفذين والفاسدين، المستقوين بمواقعهم أو بسلاحهم، ليفرضوا عليهم الإتاوات ابتزازاً كشرط للعودة والاستقرار في مناطقهم وبيوتهم، أو لحرية الحركة فيها.
بعض الأهالي الذين تحدثوا عن هذا النمط الجديد والمستحدث من الابتزاز قالوا: إن الإتاوة المطلوبة تصل لمبلغ مليون ليرة سورية أحياناً، على كل رب أسرة من العائدين، وإلا فالثبور وعظائم الأمور بانتظاره مع أفراد أسرته من الملاحقة والمتابعة، مع ما يمكن أن يتبع ذلك من اتهامات خطيرة لا يعجز عنها ملفقوها في ظل حال الانفلات وضياع الرقابة والمحاسبة.
هذه الممارسات الابتزازية المستحدثة أصبحت عائقاً جديداً أمام استكمال عودة الأهالي لمناطقهم وبلداتهم وبيوتهم في البوكمال، والأخطر من ذلك أنها تنعكس سلباً على الحياة الاجتماعية الاقتصادية وأفقها، في ظل هذا النمط من بثّ الذعر والخوف على المستقبل، وعوامل الأمان التي من المفترض تعزيزها بدلاً من إضعافها، حيث يقول هؤلاء: ربما انتهينا من الإرهاب وجرائمه، لكننا لم ننتهِ من الترهيب وجرائره!
مما لا شك فيه، أن هذه الممارسات الجديدة التي يقوم بها البعض من الفاسدين لا تصبّ عملياً في المصلحة الوطنية، خاصة وأنها تشوّه كل الإنجازات الإيجابية المحققة من دحر الإرهاب وهزيمته في المنطقة، وعليه فإن الضرورة تقتضي ردع هذه الممارسات السلبية التي يقوم بها البعض بشكلٍ جديٍ وحازمٍ، ومحاسبتهم.