الاستثمار في العشوائيات بوابة للرساميل متعددة الجنسية
معالجة مناطق السكن العشوائي تبدو مشكلة شائكة جداً بالنسبة للحكومة، وجهاتها التابعة المسؤولة عن هذا الملف منذ عقود. فحتى الآن ما زالت هذه القضية قيد البحث والاقتراحات، دون إيجاد ما يمكن اعتباره صيغة نهائية لمعالجتها، بما يضمن ويصون حقوق المواطنين بعيداً عن أوجه الاستغلال تحت يافطات الاستثمار والريع العقاري، ولو نظرياً.
آخر ما حرر بشأن هذا الملف المزمن، هو: ما كشف عنه مدير الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري الأسبوع الماضي، عبر إحدى وسائل الإعلام، حول: «إجراء إعادة نظر في القانون رقم 15 لعام 2008 الخاص بالتطوير والاستثمار العقاري، إذ تم إدخال الكثير من التعديلات، لتمكين القانون من مواكبة المرحلة المقبلة التي تمر فيها البلاد، وخاصة إعادة الإعمار، حيث يهدف التعديل الجديد للقانون إلى وضع رؤية قانونية لمعالجة مناطق السكن العشوائي».
تعديلات مقترحة
في التفاصيل، بيّن مدير هيئة التطوير العقاري، أن «الهيئة حددت الرؤية الخاصة بتعديل القانون من خلال المهام الجديدة للهيئة، والمتمثلة بمعالجة مناطق السكن العشوائي»، حيث تم «إدراج وتعديل مجموعة من المواد ضمن مشروع تعديل القانون رقم 15 لعام 2008 بما يسهم في إطلاق مشاريع التطوير العقاري على أرض الواقع، وذلك من خلال وضع إطار زمني محدد للجهات الإدارية لإعداد دفاتر الشروط الخاصة بالمناطق المحدثة، والإعلان عنها والتعاقد على تنفيذها، ووضع إطار زمني للمطور العقاري، للقيام بالإجراءات اللازمة خلال مدة زمنية محددة لإنجاز المخططات، وإعداد الإضبارة التنفيذية للمناطق الواقعة بملكيته، أو موكل عليها».
تسهيلات وامتيازات
لعله من المفروغ منه، استناداً للخبرات المتراكمة مع السياسات الليبرالية المعتمدة الحريصة على مصالح المستثمرين أولاً وآخراً وأهمها: أن التعديلات المقترحة ستتضمن المزيد من التسهيلات لأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين، حيث لفت مدير الهيئة إلى أن: «الهيئة منحت المطور العقاري المزيد من التسهيلات والمزايا، في إطار تشجيع الاستثمار لتنفيذ مشاريع التطوير العقاري والسكن العشوائي»، بالإضافة إلى «تشجيع وجذب الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية»، مع الإشارة إلى: «السماح بتأسيس شركات تطوير عقاري على شكل شركات مساهمة، تكون أسهمها قابلة للتداول في سوق الأوراق المالية، ويجوز فيها لرعايا الدول العربية والأجنبية سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين، المساهمة والمشاركة بتأسيسها وفق نسب محددة».
الجديد كذلك الأمر، كان على مستوى التمويل، حيث لفت مدير الهيئة: أنه وفي سبيل معالجة مسألة التمويل: «تم السماح للجهات الإدارية بتنفيذ مشاريع التطوير العقاري بأسلوب التحاصص مع المطورين العقاريين، حيث يقع بموجب هذا الأسلوب على عاتق المطور العقاري تأمين التمويل اللازم لتنفيذ المشروع، مقابل حصة معنية يحصل عليها ضمن المنطقة المنفذة من مقاسم الفئتين الثانية والثالثة، وبشكل يتناسب مع التكاليف المترتبة على عملية التنفيذ للمنطقة».الاستغلال المشرعن
مما لا شك فيه، أن فتح المجال للرساميل متعددة الجنسيات للاستثمار في مناطق السكن العشوائي، وفقاً لما سبق من امتيازات وتسهيلات، لن يكون إلا على حساب المواطنين الذين جار عليهم الزمن تاريخياً، للسكن اضطراراً في هذه المناطق، بسبب غياب السياسات الرسمية للدولة عن قطاع السكن والإسكان، الحيوي والهام، طيلة عقود طويلة، ولعل السؤال الذي يجب أن يطرح بعد ذلك كله:
هل التعديلات المقترحة على القانون 15 لعام 2008، مع التسهيلات والامتيازات التي سيستفيد منها «المطور العقاري»، مع مساعي تشجيع وجذب الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، كما سبق أعلاه، كافية لتنفيذ مشاريع التطوير العقاري والسكن العشوائي، بما يضمن حقوق المواطنين المستفيدين من هذه المشاريع، بعيداً عن أوجه الاستغلال، أم أن المستثمرين سيسعون للحصول على المزيد من التسهيلات والإعفاءات والامتيازات على حساب المواطنين وسكنهم العشوائي، والمزيد من الاستغلال المقونن رسمياً لهؤلاء؟