ملاحظات أولية على قانون الحراج الجديد /2/
في العدد السابق من «قاسيون» تم عرض بعض الملاحظات الأولية على قانون الحراج الجديد، الذي أُقر في مجلس الشعب مؤخراً، حيث تناولنا التعاريف الواردة في الفصل الأول من القانون الجديد، بالمقارنة مع قانون الحراج رقم 25 لعام 2007 المعمول به والذي أُلغي بموجبه، ومقدار التراجع على هذا المستوى، على حساب الحراج والغابات.
وفيما يلي ملاحظات إضافية حول بعض المواد الأخرى من القانون الجديد.
مظلة الحماية القانونية للحراج
حسب المادة 2 من القانون 25 لعام 2007، تخضع لأحكام هذا المرسوم التشريعي:
_ الأراضي الجرداء البائرة التي في تحريجها أو حمايتها نفع عام بالنظر لموقعها أو وضعها، والميزات الخاصة بها، وتعين هذه الأراضي بقرار يصدر عن الوزير بما لا يتعارض مع مشاريع التطوير والتنمية والتخطيط السياحي.
_ أراضي أملاك الدولة التي تزيد التغطية الحراجية فيها على 1 بالمائة.
_ أي نوع من العقارات الخاصة التي تزيد التغطية الحراجية فيها على 20 بالمائة من مساحتها.
وحسب المادة 3 من القانون الجديد، تخضع لأحكام هذا القانون:
_ حراج الدولة.
_ الحراج الخاصة.
_ أراضي أملاك الدولة التي يتم تخصيصها لصالح الحراج.
_ أنواع الأشجار والشجيرات الحراجية أينما وجدت، وتحدد هذه الأنواع بقرار من الوزير.
بالمقارنة السريعة بين النصين نورد الملاحظات التالية:
_ في النص الأول هناك تعميم على مستوى التحريج والحماية ارتباطاً بالنفع العام بالنسبة للأراضي الجرداء والبائرة، بينما في النص الجديد هناك تحديد بعبارة «حراج الدولة» فقط.
_ في النص الأول كافة أراضي أملاك الدولة التي تزيد التغطية الحراجية فيها على 1%، بينما في النص الجديد أراضي أملاك الدولة التي تخصص لصالح الحراج.
_ في النص الأول أي نوع من العقارات الخاصة التي تزيد التغطية الحراجية فيها على 20% من مساحتها، بينما في النص الجديد وردت عبارة «الحراج الخاصة» فقط دون إضافات، لكنها عملياً مرتبطة مع ما ورد بمتن التعاريف في الفصل الأول وهي: «الأراضي الحراجية التي تزيد تغطيتها الحراجية على 40% والعائدة ملكيتها إلى أشخاص طبيعيين أو اعتباريين».
_ في القانون الجديد، وردت عبارة إضافية غير موجودة في النص القديم وهي: «أنواع الأشجار والشجيرات الحراجية أينما وجدت وتحدد هذه الأنواع بقرار من الوزير»، وهي عبارة تبدو إيجابية شكلاً لكنها قد تنعكس بشكل سلبي لاحقاً، وذلك بالامتناع عن زراعة أنواع الشجر الحراجي، سواء من قبل المواطنين، وحتى من قبل المحافظات والوحدات البلدية، تهرباً من خضوعها لأحكام القانون الجديد، طبعاً مع عدم إغفال إمكانية قطع ما هو موجود أصلاً من هذه الأشجار حالياً أيضاً للتهرب من أحكامه.
ومن جملة الملاحظات أعلاه، يتبين أنه تم تقليص مظلة الحماية القانونية للحراج بموجب القانون الجديد، بالمقارنة مع القانون المعمول به بشكل كبير جداً، سواء بما يتعلق بالحراج الخاصة، أو بالحراج في أملاك الدولة والأراضي الجرداء والبائرة، بحيث إن هذه المظلة ستقتصر عملياً على ما يتم تحديده بأنه «حراج دولة» فقط من الناحية العملية والتنفيذية.
المفردة المطاطة
في مشروع القانون الجديد، تم إحداث لجان أهلية حراجية، وقد نصت المادة 4 في الفصل الرابع على ما يلي: «تحدث اللجان الأهلية الحراجية الممثلة للمجتمع المحلي، وتحدد مهامها، وما يتعلق بعملها كله، بقرار من الوزير».
وفي الفصل الخامس المتعلق بنظام استثمار حراج الدولة، فقد نصت الفقرة ب من المادة 4 على ما يلي: «يجوز للمديرية إشراك اللجان الأهلية الحراجية في استثمار بعض المواقع الحراجية المحددة من قبل المديرية، وذلك تطبيقاً لمبدأ النهج التشاركي وفق عقود تنظم لهذه الغاية».
بمعنى آخر، وعلى الرغم من التقدم الذي لحظه مشروع القانون الجديد على مستوى إحداث لجان أهلية حراجية، إلا أنه سرعان ما تم سحب الدسم منها بأول فقرة تنفيذية تتعلق بها، وذلك بمنح المديرية «جواز» إشراك هذه اللجان في استثمار بعض المواقع الحراجية.
ولعله سبق الحديث مراراً عن مفردة «الجواز» تلك التي ترد في النصوص القانونية، من حيث فاعليتها وجدواها، كونها تصبح مطاطة تفسيراً وتنفيذاً.
في الفصل المتعلق بحقوق الانتفاع
في المادة 10 من مشروع القانون الجديد، وعلى الرغم من إشراك اللجان الأهلية الحراجية بالإضافة للأشخاص المقيمين بحقوق الانتفاع داخل وجوار حراج الدولة، إلا أن ذلك لم يشمل ما كان وارداً من حقوق انتفاع في القانون القديم، والذي نصت المادة 12 منه على ما يلي:
_ الانتفاع من الأحطاب اليابسة ونواتج التقليم الناتجة عن أعمال الوحدة التنظيمية في المحافظة.
_ الانتفاع من الأخشاب اللازمة لصنع الأدوات الزراعية أو لإصلاح المساكن.
_ رعي المواشي باستثناء الماعز والإبل.
_ الانتفاع بوضع خلايا النحل ضمن المواقع الحراجية.
أي أن هناك تراجعاً كبيراً في حقوق الانتفاع بالنسبة لأهالي القرى المقيمين داخل وجوار الحراج، رغم كل التهليل عن اللجان الأهلية الحراجية، التي تم إحداثها، وعن دورها.
على مستوى المحظورات
لقد نصت المادة 16 من القانون القديم على ما يلي:
يحظر الترخيص لرعي المواشي في المواقع الآتية:
_ التي جرى فيها حريق ولم يمض عليه مدة خمس عشرة سنة.
_ التي لا يتجاوز عمر الحراج الطبيعية فيها أو المحرجة مجدداً خمس عشرة سنة.
_ المستثمرة بالقطع الإجمالي ولم يمض على قطعها خمس عشرة سنة.
_ المواقع التي ترى الوزارة ضرورة منع الرعي فيها لحماية المناطق الحراجية المجاورة لها.
بينما نصت المادة 11 من مشروع القانون الجديد على ما يلي: «يحظر الترخيص لرعي المواشي في المواقع الحراجية الاصطناعية، أو المحروقة التي يقل طول الأشجار الحراجية فيها عن مترين ونصف».
كما نصت المادة 12 على ما يلي: «تحدد مدة الرعي في الحراج المرخص في للرعي وفق الحمولة الرعوية»، «تقدر الحمولة الرعوية ومدة الرعي من قبل الوحدة التنظيمية في المنطقة».
أي أنه تم الاستغناء عن عامل الزمن المنصوص عنه في القانون القديم بغاية استعادة الحراج لنموها الطبيعي وعافيتها، واستعيض عنه بـ «طول الشجر»، مع منح الوحدة التنظيمية صلاحية تحديد مدة الرعي وفقاً للحمولة الرعوية المقدرة من قبلها.
أما الطامة الجديدة التي تم إدراجها في القانون الجديد، فهي: ما نصت عليه المادة 13 منه، والتي تقول: «تمنح رخص الرعي بشكل مجاني لمواشي سكان القرى الواقعة داخل وجوار الحراج، وبشكل مأجور للقطعان الوافدة»، «تحدد أجور الرعي بقرار من الوزير».
بمعنى آخر فإن الرعي لم يعد مرتبطاً بحق الانتفاع لأهالي وسكان القرى الواقعة داخل وجوار الحراج، بل أصبح مجالاً للاستثمار المأجور من قبل الوحدة التنظيمية.
الملاحظات الإضافية أعلاه، تبين أيضاً مدى التراجع الكبير بين نصوص القانون الجديد بالمقارنة مع نصوص القانون القديم، اعتباراً من مظلة الحماية القانونية للحراج، خاصة على مستوى التراجع البيّن في مظلة حماية الحراج الخاصة، ونسبة التغطية الحراجية التي تراجعت فيها من 40% إلى 20%، أو الحراج في أملاك الدولة والأراضي الجرداء، وارتباطها بالنفع العام، مروراً بحقوق الانتفاع، وليس انتهاءً بالمحظورات، مع عدم تغييب ما يرتبط بهذا التراجع من مصالح على حساب حراجنا وغاباتنا باعتبارها ثروة وطنية.
وللحديث عن القانون الجديد، بالمقارنة مع القانون القديم، متابعة وتفصيلات إضافية في أعداد قادمة أيضاً..