«روح اشتري من الفيس»!
بين الحين والآخر تُصدر مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق نشرة بأسعار اللحوم الحمراء بالعاصمة، كما غيرها من مديريات حماية المستهلك بالمحافظات الأخرى.
النشرة الأخيرة صدرت بتاريخ 20/12/2017، وقد تضمنت الحد الأقصى لأسعار اللحوم الحمراء، ليعمل بها اعتباراً من تاريخه، وقد تم تداولها عبر وسائل الإعلام كما عبرت بعض صفحات »الفيسبوك».
هبرة العواس بـ 4200 رسمياً
بموجب النشرة، تم تحديد سعر الكغ من هبرة غنم العواس بنسبة دهنة 10% بمبلغ 4200 ليرة، والزورة (المسوفة) بمبلغ 2400 للكغ، أما الفخذ بعظمه فقد تم تحديد سعر الكغ بـ 3000 ليرة.
كما تم تحديد سعر الكغ من شرحات لحم العجل بـ 4000 ليرة، والهبرة أو الموزات بـ 3700 للكغ، والمسوفة بـ 2500 ليرة.
وبالنسبة للحم البقر، فقد تم تحديد سعر الكغ من شرحاتها بـ 3500 ليرة، والهبرة أو الموزات بـ 3000 ليرة، والمسوفة بـ 2000 ليرة.
كذلك تضمنت النشرة بعض الأسعار الأخرى، بالإضافة إلى أسعار لحم الجدي والماعز والجمل، كما حددت أسعار لحم الجاموس حسب نسب الأرباح المقررة بما لا يزيد عن 10% عن سعر فاتورة المستورد أو تاجر الجملة.
تناقض واضح!
مما لا شك فيه، أن واقع الحال في السوق لم يكن مستغرباً هذا التناقض الواضح فيه، بين ما ورد في النشرة من أسعار، وبين ما هو قائم على مستوى الأسعار وعمليات البيع والشراء للحوم الحمراء في الأسواق.
فعلى الرغم من المعرفة المسبقة بالبون الشاسع، بين ما ورد فيها من أسعار بالمقارنة مع واقعها في السوق، وذلك استناداً للتجارب السابقة مع غيرها من النشرات التي تصدرها مديريات حماية المستهلك بشكل عام، فالسبر الميداني لبعض الأسعار أظهر: أن هبرة الغنم العواس تباع بسعر 5500- 6500 للكغ الواحد، حسب السوق، وربما حسب الزبون، بينما شرحات لحم العجل تباع بحدود 4500 للكغ الواحد، والهبرة والموزات تباع بـ 4200 للكغ، وكذلك هي حال نسب الفروقات التقريبية بأسعار اللحوم الحمراء عموماً، بين النشرة والواقع، مع الأخذ بعين الاعتبار أن محلات بيع اللحوم عموماً لا تعير أي اهتمام لنشرات الأسعار الرسمية الصادرة، بغض النظر عما إذا تقيدت هذه المحال بالإعلان عن الأسعار أم لا؟
حبر ع ورق!
لعل المشكلة الأساس لدى المواطنين هي: عزوفهم عن استهلاك اللحوم الحمراء، أو تخفيض معدلات استهلاكهم منها للحدود الدنيا، مع التركيز على لحم العجل أو الجاموس غالباً، وذلك بسبب غلاء أسعار هذه اللحوم بالمقارنة مع معدلات الدخول، وهي حال أصبحت مكرسة منذ سنوات.
المشكلة الأخرى التي تواجه هؤلاء هي: صعوبة التمييز بين أنواع اللحوم الحمراء، في ظل الوسائل العديدة التي يتبعها اللحامون في عمليات الغش، على مستوى الخلط بين الأنواع، فيباع العجل بدلاً من العواس، أو البقر بدلاً من العجل، أو خلط الجاموس مع غيره باللحوم المفرومة مسبقاً، ناهيك عن الأساليب العديدة الأخرى في الغش، وخاصة على المحضرات المسبقة من اللحوم (الكباب_ النقانق_ الهمبرغر_ السجق_ وغيرها).
المواطن الذي تصله نشرات الأسعار المعلن عنها رسمياً، للحوم أو غيرها، لم يستثنِها من تهكمه، أسوة بغيرها من مفارقات وضغوط حياتية يعيشها يومياً، فهي بالنسبة إليه حبر على ورق ليس إلا، فقد قال أحدهم تعقيباً على النشرة أعلاه، عبر إحدى صفحات التواصل »فيسبوك»: »منشان هيك أصحاب المحلات بيقلولك روح اشتري من الفيس»!.
لنصل لسؤال هام: لماذا يتم إصدار نشرات الأسعار هذه تباعاً طالما أن السوق غير مقيدة بها في الواقع العملي؟!