الاستغلال براً وجواً وبحراً وفي القبور!
مالك أحمد مالك أحمد

الاستغلال براً وجواً وبحراً وفي القبور!

في الوقت الذي يتم الإعلان فيه رسمياً عن النية بتخفيض الأسعار، وتحسين المستوى المعيشي للمواطن، ولو تصريحاً فقط، بالتوازي مع المطالب اليومية من قبل المواطنين من أجل تنفيذ ذلك وتطبيقه على أرض الواقع، قامت السورية للطيران برفع أسعار تذاكر السفر لديها بنسبة 100%.

الرفع بالنسبة أعلاه طبق على تذاكر السفر الخاصة بمحافظة الحسكة، بحيث أصبحت سعر التذكرة 40 ألف ليرة من دمشق للقامشلي وبالعكس.

خارج السرب المطلبي!
السورية للطيران عبر رفع أسعارها على أبناء محافظة الحسكة لم تغرد خارج السرب المطلبي والحكومي فقط، بل وزادت عليه بالنسبة التي اعتمدتها في هذا الرفع بحيث كانت 100%.
أما على مستوى التبريرات التي سيقت رسمياً من قبل المؤسسة فقد كانت على لسان مديرها الذي قال: إن التسعيرة السابقة كانت بسبب عدم وجود أي طريق إلى الحسكة إلا جواً، فتم اتخاذ قرار بتخفيض التسعيرة إلى 20 ألفاً، وذلك حسب ما ورد على لسانه عبر إحدى الصحف المحلية.
ولم يخف المدير، بأن الأسعار الحالية ستعود لتخضع لمبدأ العرض والطلب في سوق تذاكر السفر بين المؤسسة وشركات الطيران الأخرى، باعتبار أنه بموجب رفع التسعيرة من قبل السورية للطيران تم إلغاء توحيد السعر مع بقية الشركات.

مقارنة غير مقنعة
حديث المدير لم يتطرق للتكاليف لا من قريب ولا من بعيد، كما درجت عليه العادة عند القيام برفع الأسعار من أية جهة رسمية أو غير رسمية، بل اكتفى بالقول: إن طريق دمشق القامشلي أصبح مفتوحاً وبسعر 14 ألف ليرة للراكب، وكـأن المقارنة بالتسعيرة بين الطرق البرية والجوية هي المعيار الذي انطلق منه لتحديد نسبة رفع سعر تذكرة الطيران.
فإذا كان حال التذاكر سابقاً يخضع لآليات عمل السوق السوداء، تحكماً واستغلالاً طيلة السنوات الماضية، فإنه الآن ربما سيخضع للمزيد منه عبر إلغاء توحيد السعر، وترك ذلك لآليات العرض والطلب، والنتيجة: أن المواطن سيدفع ضريبتين بآن معاً، رفع السعر من طرف، وقوانين السوق من طرف آخر، خاصة وأن الطرق البرية التي اعتبرها مدير المؤسسة مسوغاً ومبرراً ليست آمنة دائماً ومتعبة وبالأخص بالنسبة للمرضى والمسنين والنساء.

المواطن خارج التغطية
اللافت في حديث مدير المؤسسة: أن رفع السعر بهذه النسبة تم بعد موافقة وزارة النقل واللجنة الاقتصادية، فبدلاً من أن ترد هذه الجهات الحكومية طلب السورية للطيران إليها حفاظاً على مصالح المواطنين، وتماشياً مع إعلاناتها صباحَ مساء عن النية بتخفيض الأسعار، تبنت الاقتراح كما هو ووافقت عليه!.
بل لعله كان من الأجدى لوزارة النقل واللجنة الاقتصادية أن تقوم بتعديل سعر تذكرة السفر براً، وذلك بأن تقوم بتخفيضها بما يتوافق مع إمكانات المواطنين ويلبي احتياجاتهم للنقل والسفر بمعزل عن أوجه الاستغلال كلها القائمة على مستوى تنقلاتهم براً أو جواً.
لكن على ما يبدو أن المواطنين، وخاصة أصحاب الدخل المحدود والمفقرين والمعوزين، كانوا وما زالوا خارج أطر التبني الحكومي، حالهم كحال مطالبهم ومصالحهم، وسيبقون رهينة الاستغلال جواً وبراً وبحراً، بل وحتى داخل القبور!.