مدينة السلمية.. بين التهميش والتطنيش؟
سمر علوان سمر علوان

مدينة السلمية.. بين التهميش والتطنيش؟

ما تزال مدينة السلمية، واحدة من أكثر المدن السورية معاناةً من الإهمال، حين يتعلق الأمر بالخدمات، حيث تقف الحكومة متفرجة على معاناة الأهالي، ومتخلية بطيب خاطر عن الدور المنوط بها، سواء فيما يتعلق بتأمين المحروقات وتدفئة المدارس، أو ما يتصل بمياه الشرب وسيارات القمامة والكهرباء والطرقات وأزمة المواصلات..

من أين نبدأ؟
هكذا يتساءل أي شخص من السلمية، حالما تطلب إليه أن يحدثك عن واقع الخدمات في المدينة، فالمزاج العام للأهالي مشحون بالاستياء والغبن إزاء حال مدينتهم المهملة، وهو ما تعبر عنه صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تتناول قضايا معيشية عديدة، وفي طليعتها: فساد العديد من لجان الأحياء واعتمادها على المحسوبيات، ولا سيما حين يتعلق الأمر بتوزيع المازوت، فالنظام المتبع حالياً هو: توزيع مئة ليتر لكل عائلة، ويعاب عليه التأخير والبطء وعدم المساواة، حيث تشير إحدى الصفحات إلى أنه حتى بداية شهر تشرين الثاني لم تحصل سوى 20% من الأسر على وقود التدفئة، في حين يؤكد آخرون: أنهم قضوا الشتاء الماضي بانتظار نصيبهم من المازوت دون فائدة، وانتهى بهم الأمر إلى التدفئة على الحطب أو شراء «مازوت داعش” كما يسمونه، وهو ما كان يباع في السوق السوداء من مازوت غير مكرر بشكلٍ كافٍ، مع العلم بأنه سيء الاشتعال وشديد الخطورة.
تقنين غير منتظم!
انقطاع الكهرباء، يشهد معدلات أعلى من المناطق المجاورة، ما جعل الناس يشعرون بأنهم ضحية إهمال متعمد يطال المدينة دون غيرها، إلى جانب ذلك تعاني السلمية من عدم انتظام مواعيد التقنين، وهو ما يمكن أن تلحظه عندما تسأل أي شخص، عن موعد انقطاع الكهرباء في الحي الذي يقطنه، فلكل يوم نظامه الخاص ولكل ساعة «شياطينها»، إذ تقول إحدى السيدات: “يفترض أن يكون التقنين بمعدل 3 \ 3 لكن ما يحدث أن الساعات الثلاث التي ننتظرها بفارغ الصبر لاستخدام الكهرباء تشهد انقطاعات متكررة كثيراً ما تتجاوز 30 دقيقة ولا يتم تعويضها».
(المي عال العال)
لا يشكو الأهالي اليوم من مشكلة المياه، فرغم أنها لا تصلهم سوى مرة واحدة كل ستة أيام ولبضع ساعات ليلاً لا أكثر! إلا أنهم يعتبرونها» ترفاً” مقارنة بالسنوات الماضية، والتي كان عليهم فيها انتظار المياه لأكثر من شهر، والوقوف في طوابير للحصول على حقهم من ماء الشرب، وإنفاق الآلاف شهرياً لشراء مياه لا يعلمون على وجه التحديد من أين أتت ومدى نظافتها.
وهذا يعني: أن السياسات الحكومية أثمرت في جعل الناس يشعرون بالرضى تجاه واقع غير مرضٍ ولا يلبي أبسط حقوقهم!.
شوارع مع وقف التنفيذ!
الطرقات والشوارع حكاية أخرى، إذ تملؤها الحفر التي تتحول مع قدوم الشتاء إلى مستنقعات راكدة، إلى جانب العديد من فتحات الصرف الصحي غير المغلقة، كما هي الحال في مصرف المياه على طريق المساكن والذي لم يتم إغلاقه بعد تنظيفه، وإنما أحيط ببعض العجلات، ليصبح المكان فيما بعد مسرحاً للعديد من الحوادث، دون أن تفعل البلدية شيئاً لحل هذه المشكلة البسيطة.
ولشارع الكورنيش رواية ملحمية، فذلك الطريق الذي يفترض أن يصل بين أحياء السلمية الرئيسة ما يزال غير جاهز، رغم أن العمل بدأ به منذ تسع سنوات، وهو حتى الآن بلا أرصفة أو إنارة أو تشجير.
الإغراق بالنفايات!
وبسبب عدم قدوم سيارات القمامة يومياً، بحجة قلة مخصصاتها من المحروقات، بات تكدس النفايات في شوارع المدينة مأساة أخرى يشكو منها الجميع، ولك أن تتخيل ما يحدث في أحياء مكتظة لا تزورها سيارة القمامة إلا مرةً في الأسبوع! ويترافق ذلك مع شائعات سرت منذ نحو شهر بانتشار الليشمانيا في الأحياء النائية، مما دفع بعض المؤسسات المجتمعية الأهلية إلى التدخل، وتشكيل فرق تطوعية أو مأجورة لجمع القمامة، وتنظيف الشوارع من حين إلى آخر، وهو ما يؤكده أحد الأهالي بعبارة «لولا مؤسسة الأغا خان لطمرتنا القمامة!”.
أين الحكومة؟
إضافة إلى ذلك، تكفلت هذه المؤسسة بتركيب عشرات من أعمدة الإنارة التي تعمل بالطاقة الشمسية لإنارة الحدائق، إلى جانب بناء خزانات لتوفير مياه الشرب، ولا سيما خلال السنة الماضية، التي شهدت انقطاعات كثيرة في المياه، وصل بعضها إلى أكثر من شهر، لتغدو المؤسسة إلى جانب العديد من الجمعيات الأهلية هي البديل الوحيد عن الجهات الحكومية التي تنازلت حتى عن أبسط مسؤولياتها تجاه المدينة.
فمن المعروف أن المجتمعات لا تقبل الفراغ، وأن أي غياب لدور الدولة يعني: إفساح المجال لظهور بدائل تلبي الحاجات الأساسية للمواطنين على أقل تقدير، فلماذا تصرّ الحكومة على التخلي عما وجدت لأجله، والاكتفاء بوجودها اسمياً فقط على مستوى مسؤولياتها في الكثير من المناطق، ليس في السلمية وحدها فقط؟ ولمصلحة من يتم ذلك؟!.