حماة... (القبض على ميكس)
تصريحات محافظ حماة حول ضبطه لبعض المشروبات المخالفة، «طاقة مع كحول»، في واحدة من المدارس في المحافظة على إثر جولة قام بها منذ ما يقرب الأسبوع، مع غيرها من المخالفات الأخرى، لابد لها من أن تعيد تسليط الأضواء على هذه الظاهرة السلبية التدميرية.
فموضوع انتشار مشروبات الطاقة المخلوطة بالكحول بين الشباب، وخاصة شريحة الطلاب، مع آثاره وتداعياته السلبية، الآنية والمستقبلية، أصبح أمراً فاضحاً، والأكثر سوءاً هو البيع العلني لهذه المشروبات بغض النظر عن أعمار المستهلكين.
انتشار في الأسواق؟
هذه المشروبات، بتعدد مسمياتها ومصادرها، كانت مثار حفيظة بعض الجهات الرسمية، كما تناقضت وتعارضت تأويلاتها حول السماح باستيرادها من عدمه خلال سنوات ماضية، بين الصحة والاقتصاد.
فالمشروبات الكحولية لها مستوردون كما لها أماكن محددة للبيع والتداول، أما مشروبات الطاقة فقد وجدت في الأسواق استيراداً، مع وجودها أيضاً عبر طرق التهريب، لتتوج هذه المشروبات بما سمي بالـ «ميكس»، وهو عبارة عن مشروب طاقة مخلوط بكمية من الفودكا، يدخل بعضه استيراداً تحت مسمى مشروبات الطاقة، إلا أنه يصعب معه تحديد هوية ومواصفة ومسؤولية وجهة رقابة ومتابعة هذه المشروبات والأماكن المخصصة لبيعها، حتى وصلت هذه المشروبات إلى المحلات والأكشاك، لتباع إلى الشباب والصغار علناً ودون أي إحساس بالمسؤولية، علماً أن بعض هذه المشروبات يدخل عبر طرق التهريب بشكل غير نظامي كذلك الأمر، ما يعني بأنها بعيدة عن الرقابة الصحية والغذائية والدوائية، لا من حيث المواد الداخلة في تكوين هذه المشروبات، ولا من حيث تأثيرها وتداعياتها، ولا من حيث مواصفاتها ومصدرها، ولا من حيث سعرها أخيراً.
غزو رغم التحذيرات!
منذ عام 2011 حذرت وزارة التربية من بيع وتداول مشروب الطاقة XXL في المدارس جميعها, وطلبت من مديرياتها في المحافظات توجيه المدارس كافة عدم بيع وتناول مشروب الطاقة «XXL.VODKA MIX « مضافاً إليه الكحول حفاظاً على صحة الطلبة لما له من آثار سيئة وغير صحية.
وقد رفضت وزارة الصحة في وقت سابق تسجيل أو استيراد مشروبات الطاقة مع الكحول، وحذرت من تداولها، وذلك حفاضاً على صحة المواطن.
إلا أن ذلك لم يمنع من وجود هذه المشروبات بأنواعها ومسمياتها العديدة في الأسواق، والنتيجة أن هذه المشروبات غزت الأسواق، وأصبحت متداولة بكثرة بين أوساط الشباب والطلاب، فيما تترجم كميات الاستهلاك المتزايدة منها على شكل أرباح في جيوب التجار والمستوردين والمهربين، الذين لا يعنيهم من أمر آثارها ونتائجها وتداعياتها، إلا هذه الأرباح.
سلبيات وأضرار
مشروبات الطاقة لها العديد من السلبيات على صحة الإنسان حسب بعض الدراسات، اعتباراً من آلام الصدر، مروراً بارتفاع الضغط الشرياني، وصولاً إلى التهيج والتوتر والقلق والذعر والهلوسة وربما الصرع، وليس انتهاءً بعدم انتظام ضربات القلب ما قد يؤدي إلى السكتة القلبية، وذلك بسبب ارتفاع نسبة مادة الكافيين في هذه المشروبات.
أما مشروبات الطاقة المخلوطة بالكحول فتضاعف تلك التأثيرات السلبية، بالإضافة إلى ضعف القدرة على التركيز والاستيعاب، مع التراجع في القدرة البصرية، ما يؤدي إلى التشويش وفقدان السيطرة، مع عدم تغييب السلبية الناجمة عن تكرار الاستهلاك وصولاً للإدمان على هذه المشروبات في الكثير من الأحيان.
وقد نقلت إحدى الصحف الرسمية منذ عدة أعوام، عن أحد أعضاء الوكالة الدولية للمنشطات والتغذية الرياضية قوله: «إن 18 دولة في أوروبا وآسيا اتخذت قراراً بمنع استخدام مشاريب الطاقة والتسويق والإعلان لها، خاصة للرياضيين وطلاب المدارس والجامعات وأصحاب الأمراض المزمنة».
الجيل المستهدف
ولعل الكثير منا شاهد هذه المشروبات في المحلات والأكشاك، كما شاهد مجموعات الشباب المنتشرة وهي تحتسيها في الشوارع والحدائق العامة، والأخطر أنها وصلت إلى المدارس والجامعات.
لنصل إلى خلاصة أن ما يتم على مستوى كثافة الدعايات والترويج لهذه المشروبات، بأنواعها ومسمياتها العديدة، وخاصة بين أوساط الشباب، مع توفرها في الأسواق والمحلات والأكشاك بألوانها وعبواتها الجذابة، وبتضافرها مع المزيد من الاعتقاد بأن هذه المشروبات تزود الشباب بالطاقات المتفجرة، ليست إلا أدوات من أجل جني الأرباح على حساب صحة وسلامة المستهلكين عموماً والشباب خصوصاً، بالإضافة للسلبيات على مستوى الاقتصاد الوطني في ظل وجود كميات مهربة من هذه المشروبات في الأسواق.
ولا يمكن أن نستخلص إلا نتيجة واحدة بعد ذلك، وهي: المزيد من تدمير هذا الجيل المستهدف براهنه ومستقبله، والزج به نحو المزيد من التهميش والجهل، بل والمرض والإدمان، خاصة مع الأخذ بعين الاعتبار وجود الأصناف العديدة من المخدرات الموجهة لهذا الجيل كذلك الأمر، مع عدم اغفال الواقع الاقتصادي الاجتماعي العام الذي ينحو باتجاه المزيد من البطالة والإفقار والعوز، مع التداعيات السلبية لذلك على الشباب وطموحهم ومستقبلهم، في دفع إضافي نحو التهميش.
والسؤال الهام بعد ذلك كله: لماذا هذا التراخي الرسمي في التعاطي مع هذه الظاهرة الفاضحة والمدمرة، بمقدماتها ونتائجها وتبعاتها؟
أم أن مصالح بعض التجار والمهربين أهم من مستقبل الشباب والبلد؟!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 832