سلبية أسباب الوزارات (الموجبة)
تعكف الجهات العامة (وزارات- مؤسسات- شركات- وغيرها) عند تقدمها باقتراحات إلى رئاسة مجلس الوزراء، من أجل إجراء بعض التعديلات على المراسيم أو القوانين، أو غيرها من التشريعات الأخرى، بإرفاقها بما يسمى: الأسباب الموجبة.
لعل المتابع يلحظ أن جلّ التعديلات المقترحة خلال السنوات الماضية كان جوهرها: إما زيادة على الرسوم أو الاقتطاعات أو الضرائب، وإما المزيد من هوامش حرية الحركة الاقتصادية لشريحة كبار أصحاب رؤوس الأموال على اختلاف تسمياتهم وتوصيفاتهم، شركات_ تجار_ مستوردون_ مصدرون_ وغيرها من التسميات)، مع بعض الاستثناءات القليلة غير ذلك، ربما.
جيوب مفقرة!
تلك الأسباب الموجبة غالباً ما تكون مختصرة، وتقتصر بغالبيتها على بعض العبارات المكررة بمعناها ومحتواها مثل: «نظراً للتطور الجاري...»، «تماشياً مع المتغيرات...»، «رفد الخزينة العامة بالموارد..»، وغيرها الكثير من العبارات التبريرية الأخرى.
واختصاراً نقول: إن المحصلة والنتيجة شبه المطلقة، هي: إقرار ما يتم اقتراحه من الجهات العامة، عبر توصيات غالباً ما تكون من اللجنة الاقتصادية، كونها بجلّها كما أسلفنا قائمة على (الرسوم_ والاقتطاعات_ والضرائب_ وغيرها)، والنتيجة المطلقة الأخرى، هي: أنّ مفقري الحال يزداد إفقارهم مع كل تعديل أو مقترح، عبر المزيد من سحب ما في جيوبهم، لتستقر في جيوب الأثرياء، أما موضوع إيرادات الخزينة، الذي يتم التغني به دائماً، فهو بالمطلق من جيوب هؤلاء بالدرجة الأولى دون سواهم.
مفارقات تفقأ العين!
سوف نتساءل كما غيرنا: عن دور الحكومة، واللجنة الاقتصادية، التي توصي بالتعديلات المقترحة من الوزارات والجهات العامة والخاصة، كما توافق على أسبابها الموجبة؟ والتي تتمحور بغالبيتها حول: متغيرات الواقع الراهن، ومتغيرات الأسعار، والتكاليف والخدمات المقدمة، وغيرها الكثير من العبارات، بما فيها زيادة إيرادات الخزينة العامة كما أسلفنا، وذلك من أجل رفع سعر مادة ما أو خدمة ما، أو زيادة في الرسوم المستوفاة من هذه الجهة أو تلك، أو إضافة مطرحٍ ضريبي جديدٍ، وغيرها من بوابات جهنم المفتوحة بوجه الفقراء ومعيشتهم، ولو ظهرت على غير ذلك من لبوس.
كيف لا؟ وكلنا يعلم أن ما سبق كله تتم جبايته بالمحصلة من جيوب فقراء الحال من محدودي الأجر ومعدوميه، بمقابل إغفالها المتعمد لواقع وظروف معيشة هؤلاء المفقرين، وكأنهم من خارج الزمان والمكان، كما من خارج مسؤولياتها وواجباتها، وكأنهم محصنون من التأثر بالمتغيرات التي تعتبر مبررات مشروعة هنا، وغير منظورة وغير مبررة هناك.
شريحة مظلومة ومنهوبة
الأجور ما زالت في ثلاجة الانتظار، مع التراجع المستمر على مستوى الخدمات العامة وتخفيض الإنفاق عليها، بمقابل الارتفاع الدائم في الأسعار على السلع والخدمات، بالإضافة إلى سياسات رفع الدعم المتتالي، والخصخصة الجارية على قدم وساق.
أليس ما سبق كله يعتبر أسباباً موجبة للنظر بواقع هذه الشريحة الاجتماعية الكبيرة والمفقرة رسمياً، ومبرراً كافياً من أجل العمل الجدي على تحسين مستواها المعيشي الذي يزداد في التردي يوماً بعد آخر، لدرجة الفقر والعوز، بعيداً عن الخطب العصماء، وأحاديث المنابر الصفراء.
واقع الحال يقول: أنه لا توجد جهة رسمية تتبنى تقديم هذه الأسباب الموجبة من أجل إنصاف هذه الشريحة الكبيرة، بمقابل وجود الكثير من الجهات التي تتقدم بمقترحاتٍ تصب في مصلحة أصحاب الثروة والأغنياء، كما تتم الموافقة عليها سريعاً.
كما أن واقع الحال يقول: أن زيادة إيرادات الخزينة العامة ما هي إلا ذريعة مساقة ضمن الذرائع الأخرى، باعتبار أن المواطن المسحوق لم يلمس أية إيجابية من الخزينة العامة، علماً بأنها تمول من جيبه أولاً وآخراً!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 832