سكان السبينة: تعا ولا تجي!
بدأت وعود العودة إلى السبينة بريف دمشق، منذ حوالي العام أو أكثر، وبين اليوم وغدٍ، طال الإنتظار، حتى جاء الوعد الرسمي بأن تاريخ 27 آب من العام الجاري هو الموعد الفعلي للعودة.
تجمهرت العائلات التي أثقلها ألم النزوح عند مدخل المدينة منذ الصباح الباكر، هاتفين للانتصار، لكن لم يكن أحد منهم يعلم أنه لن يدخل في هذا التاريخ، وأن تجمهرهم في هذا اليوم هو «كومبارس» لزيارة الوفد الحكومي إلى المنطقة.
تلاشي الآمال!
خلال أسبوع عاد الأهالي إلى المنطقة بناء على طلب محافظة ريف دمشق والقنيطرة ووزارة المصالحة، لكن الصدمة كانت كبيرة «هل هذه هي السبينة التي دعونا للعودة إليها؟ كيف سنعيش؟» هكذا تساءل أبو جلال أحد سكان المدينة، قائلاً: «كانت صدمة كبيرة، الدمار في كل مكان، والبنى التحتية غير مؤمنة، فكيف سنعود؟».
أبو جلال وغيره من مئات الأسر النازحة من السبينة أصيبوا بالصدمة ذاتها، فمع إعلان العودة، بدأت تتقد آمال خلاصهم من النفقات الشهرية التي يجنيها تجار الأزمة على حساب حاجتهم للسكن بعد نزوحهم. لكن، تلك الآمال تلاشت بسرعة أمام الأمر الواقع، فإما العودة لدفع إيجارات السكن وتحمل معاناة النزوح، أو «القبول بسكن غير مخدم بأبسط متطلبات الحياة كالمياه والكهرباء والنظافة».
في شبه المنزل سأبقى!
تقول أم عمار: كانت حججهم في تأخير عودتنا، أنهم يعملون على إعادة الإعمار وتأهيل البنى التحتية، لكننا تفاجأنا بعدم وجود شيء، لا ماء ولا كهرباء، ومحتويات منازلنا مسروقة بالكامل».
أم عمار «عضت على جرحها» على حد تعبيرها، وعادت إلى «شبه المنزل» الذي بالكاد تعرفت على ملامحه، هرباً من 40 ألف ليرة كانت تدفعها أجرة لغرفتين وصالة في ضاحية 8 آذار.
هي في الستين من عمرها تقريباً (أم عمار) ومازالت تنتظر وعود الحكومة بتأهيل المكان علها تصدق، بينما يخالفها كثر.
فِرَقُ عمل!
منذ أكثر من عام، وعلى وجه السرعة، شكل محافظ القنيطرة فريق عمل برئاسة نائبه وعضوية اثنين من المكتب التنفيذي المعنيين في مجالس البلدات والمدن، ومديري المياه والصرف الصحي والتربية ورؤساء الوحدات الإدارية في (سبينة- الذيابية- مفرق حجيرة) لبحث إعادة تأهيل البنى التحتية في تلك التجمعات من مياه الشرب والصرف الصحي والمدارس والمراكز الصحية والنظافة حتى وضعها بالخدمة.
وفي بداية العام الجاري وتحديداً في الشهر الأول، تفقّد وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية ومحافظا ريف دمشق والقنيطرة واقع السبينة وما تم تأهيله من بنى تحتية وخدمات فيهما تمهيداً لعودة الأهالي على حد تعبيرهم.
النزوح أفضل!
لكن، كل تلك التصريحات كانت «دعائية» بحسب أبي نبيل الذي قال «لماذا عندما دخلنا تغيرت تصريحاتهم؟ ماذا كانوا يتفقدون؟ وماذا كان يفعلون؟» أبو نبيل يقصد تصريحات محافظ ريف دمشق التي قال فيها يوم 27 آب الماضي: أنه «اعتبارا من اليوم ستباشر ورشات الهاتف والصرف الصحي والمياه والكهرباء في المحافظة بالعمل لإعادة مختلف الخدمات التي تحتاجها البلدة أثناء عودة الأهالي إلى منازلهم»، والذي كان بمثابة إعلان رسمي «لزيف التصريحات» السابقة على حد تعبيره.
تحررت السبينة من الإرهاب منذ 4 سنوات، وتلك المدة كانت كفيلة «لتعفيش الممتلكات» على حد تعبير أحمد الذي تابع بقوله «4 سنوات كانت كفيلة بتعفيش المصانع وكابلات الكهرباء والهاتف، ومحتويات المنازل، ولم تكن كافية لاعادة تأهيل المنطقة؟، هناك مشكلة حقيقية بجدية محافظة الريف والقنيطرة، وأنا اليوم مصدوم جداً، فقد أحتاج أكثر من 3 ملايين ليرة كي أعيد ما نهب من منزلي، وإن فعلت لن أكون قادراً على السكن فيه، لعدم توفر الماء والكهرباء والاتصالات وغيرها من أمور، وعلى هذا سيكون النزوح واستئجار منزل في محيط المنطقة أفضل».
«ضحكو علينا، ووعدونا وعوداً بالهواء، وتحديداً محافظة ريف دمشق» يقول أبو سالم، ويتابع «محافظة القنيطرة فقط من قدم أعمالاً للمنطقة في أحياء النازحين وأهلوا 7 مدارس من أصل 10 ورمموا 7 آبار فقط».
وأغلب سكان السبينة هم أبناء الجولان المحتل ولاجئون فلسطينيون، وهي تتبع إدارياً بالجزء الأكبر لمحافظة ريف دمشق بحكم الموقع الجغرافي، وما تبقى منها يتبع لمحافظة القنيطرة.
تبرير!
مصدر مسؤول في مديرية كهرباء ريف دمشق قال في تصريحات صحفية: إنه منذ عام 2016 لم يتم تنفيذ أية خطوة حقيقية لمد الكهرباء إلى مدينة السبينة سوى مد الخطوط المتوسطة للمحولات، مع العلم أن عملية مد الخطوط المتوسطة لا تحتاج إلى أكثر من شهرين – ثلاثة أشهر للمحولات.
وتابع «بلغت نسبة إنجاز الخطوط المتوسطة 70% علماً أنها ليست مجدية في الإنارة التي تحتاج لكابلات وإيصال الخطوط المنخفضة، التي يستجر منها الأهالي، وهذه الأخيرة غير موجودة حتى هذه اللحظة»، ويبرر المصدر هذا التقصير بأن «محافظة ريف دمشق تعطي الأولوية لإصلاح الكهرباء في المناطق المحررة حديثاً مثل الزبداني وبلودان، إضافة إلى أن المتعهدين في ريف دمشق لا يتجاوزون الأربعة».
وعدا عن مشاكل الكهرباء والمياه، التي يحصل عليها السكان عن طريق الصهاريج، هناك إهمال «واضح وغير مبرر» في إزالة الأنقاض وتقديم الخدمات، وترميم المدارس وتأهيل الآبار بحسب السكان الذين أكدوا لـ «قاسيون» بأن دعوتنا للعودة كانت شبيهة بالأغنية التي تقول» تعا ولا تجي.. «!!.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 829