فلتان الأسعار «مضبوط»!

فلتان الأسعار «مضبوط»!

صدرت مؤخراً، عن مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق، نشرة جديدة تحدد أسعار الكعك، والخبز الصمون والسياحي والنخالة، في محافظة دمشق، على أن يسري مفعولها اعتباراً من تاريخ 26/7/2017.

حيث تم تحديد سعر الكغ من الخبز الصمون القاسي بمبلغ 400 ليرة، والطري بمبلغ 350 ليرة، والسياحي بمبلغ 300 ليرة، والنخالة بمبلغ 250 ليرة، أما سعر الكعك فقد حددت النشرة سعر الكغ من الكعك بسمسم بمبلغ 750 ليرة، وبدون سمسم بمبلغ 700 ليرة.
لا أعذار للمنتجين
النشرة الجديدة تتضمن رفعاً للسعر بما يعادل 10% عن السعر المحدد سابقاً تقريباً، حيث كان سعر الكغ من الخبز السياحي مسعراً بـ 275 ليرة، بينما كان سعر الكغ من خبز النخالة مسعراً بـ 225 ليرة، في حين كان الصمون القاسي مسعراً بـ 350 ليرة.
وقد نصت النشرة على أن هذه الأسعار تعتبر حداً أقصى لا يجوز تجاوزه، ويمكن البيع بأقل منه، مع التوجب على المنتجين والباعة الإعلان عن الأسعار بشكل واضح ومقروء، مع التذكير بالعقوبة بحال المخالفة.
وقد تم تحديد الاسعار بموجب النشرة أعلاه بناء على محضر اجتماع تم بمشاركة الجمعية الحرفية لصناعة الخبز والكعك والمعجنات في دمشق وريفها.
ما يعني أن السعر المحدد بالنشرة أعلاه قد أخذ بعين الاعتبار مصلحة منتجي الخبز والكعك، ناحية التكلفة والمواصفة، مع إضافة هامش الربح القانوني، وبالتالي فلا أعذار أمام هؤلاء بعدم التقيد بأسعار النشرة المعتمدة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الواقع يشير إلى أن النشرات السابقة تم تجاوز أسعارها سابقاً، علماً بأنه صدرت أيضاً بالتنسيق مع المنتجين عبر الجمعية الحرفية كما هو الحال الآن.
واقع مرير
واقع الحال يقول: بأن الأسعار المحددة سابقاً، قبل صدور النشرة الأخيرة، كان قد تم تجاوزها منذ فترة ليست بالقصيرة من قبل المنتجين والباعة، حيث كان يباع الكغ من الخبز السياحي بـ 325- 350 ليرة، وسعر الكغ من الصمون الطري كان يباع بحدود 400 ليرة، وسعر الكغ من الكعك بسمسم بـ 750- 800 ليرة، وأحياناً يصل إلى 1000 ليرة في بعض المخابز، وقس على ذلك بالنسبة لبقية الأصناف المسعرة، وكل ذلك على مرأى ومسمع الجهات الرقابية في المديرية والوزارة.
أمام هذا الواقع وعلى إثر الرفع بالسعر بحدود 10% الآن، فإن ذلك يعني أن الكغ من الخبز السياحي قد يصل إلى 385 ليرة، وربما 400 ليرة بذريعة «الفراطة»، والكغ من الكعك بسمسم قد يصل لحدود 900 ليرة، وقد يتجاوز 1200 ليرة في بعض المخابز بذريعة إضافة اليانسون أو حبة البركة، ناهيك عن أن خبز النخالة غالباً ما يباع بالرغيف وليس بالكغ، ما يعني ضياع السعر والتسعيرة، نظامية كانت أم غير ذلك.
نشرات مكررة ورقابة غائبة!
لعل ما يبرر ذلك، ويشجع عليه هو الرقابة الغائبة عن الأسعار، سابقاً وحالياً وربما لاحقاً، بظل الاستمرار بنفس الآليات والوسائل المتبعة، وبظل النشرات السعرية المعلنة التي تطالعنا بها مديرية حماية المستهلك في دمشق بين الحين والآخر، والتي تتعلق بالمستلزمات والاحتياجات اليومية للمواطن، سواء نشرات أسعار الخضار والفواكه، أو نشرات أسعار اللحوم والبيض والفروج، أو غيرها من النشرات السعرية الأخرى، البعيدة كل البعد عن واقع الأسعار المتداولة في السوق، بما في ذلك أسعار السورية للتجارة نفسها، التي من المفترض أنها قائمة على مبدأ التدخل الإيجابي لمصلحة المستهلكين في الأسواق.
ليصل المواطن لنتيجة مفادها: أن الأسعار المنفلتة في السوق هي بواقع الحال مضبوطة ورقياً، ولكن يبقى في الذهن سؤال موجه للمديرية المعنية، ومن خلفها للوزارة والحكومة: ما هي فائدة إصدار نشرات الأسعار إن لم تكن أداة إلزام حقيقي في السوق؟ خاصة وأن بمتن كل نشرة هناك كيل من الوعيد بالعقوبة على المخالفات!.
والأهم هو أين ما جرى ويجري من الحديث الرسمي عن تحسين الواقع المعيشي للمواطن بعيداً عن زيادة الرواتب والأجور، والتركيز على البدائل المتمثلة بالأسعار والمواصفة والجودة والكم والعرض والطلب، وغيرها من الذرائع التي طنب الرسميون آذاننا بها، في ظل الاستمرار بنفس عقلية رفع أسعار المواد والسلع والخدمات، مع غياب، أو تغييب، الرقابة على الجودة والمواصفة والسعر في الأسواق؟.

معلومات إضافية

العدد رقم:
823