التعليم الجامعي الخاص سلعة غير مُسعّرة!
سمير علي سمير علي

التعليم الجامعي الخاص سلعة غير مُسعّرة!

تصريح ملفت صدر مؤخراً عن معاون وزير التعليم العالي لشؤون الجامعات الخاصة، من أن الوزارة لا تتدخل في تحديد أقساط الجامعات الخاصة، إلا أن مهمة الوزارة تتمثل بضمان تخرّج الطالب على القسط الذي سجّل عليه أول مرة، وبأن تحديد الرسوم يتم من مجلس أمناء كل جامعة على حدة، والطلبة لهم الخيار بين 22 جامعة خاصة تتنافس فيما بينها، فعملية التسعير مرتبطة بالتكلفة.

دهشة وتساؤلات!
أمام هذا التصريح نقف مشدوهين من ترك الطالب وذويه عرضة للاستغلال المكشوف عبر سوق العرض والطلب في التعليم الجامعي الخاص، غير المحكوم بأي ضابط رسمي على مستوى الرسوم والتكاليف، باستثناء حرية الاختيار بين المستغل والأكثر استغلالاً من هذه الجامعات، طالما أمر تحديد الرسوم يعتبر حكراً على مجلس أمناء الجامعات الخاصة، ولمصلحتها ومصلحتهم حكماً، دون رقابة لا على التكاليف، ولا على التسعير، ولا على هوامش الربح، وربما دون مرجعية لكل ذلك أيضاً!.
ولنقف متسائلين، مع الطلاب وذويهم، حول الجهة الرسمية التي من الممكن أن يكون من واجباتها مراقبة التكلفة، وإضافة هوامش الربح المقوننة، كي تكون الرسوم المستوفاة من الطلاب بعيدة عن الاستغلال العشوائي لدى الجامعات الخاصة؟ في حال كان هناك أية قوننة للتكلفة والربح لديها، أو لدى الجهة الرسمية المعنية، طالما أن الأمر متروك طيلة السنوات السابقة لمجلس أمناء كل جامعة على حدة بهذا الشأن، هكذا...
وبهذا الشأن علق أحد المواطنين قائلاً: «معناها وزارة الكهربا هي المسؤولة عن تحديد أقساط الجامعات الخاصة لأنو العلم نور.. والنور بيجي من الكهربا!!».

السلع مسؤولية حماية المستهلك!
ربما تكون هذه المهمة من مهام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، باعتبار أن الجامعات الخاصة تم ترخيصها باعتبارها شركات استثمارية خاصة، ووزارة التجارة هي المعنية بإصدار التراخيص لمثل هذه الشركات، وهذه الشركات تقدم التعليم كسلعة في سوق العرض والطلب، ووزارة التجارة هي المعنية بموضوع تسعير السلع في الأسواق.
ولكن ضمن حسابات التكلفة والتسعير في الجامعات الخاصة، هناك مدخلات لها علاقة بالكثير من الجوانب العلمية والتقنية والفنية، وهي على ذلك من خارج اختصاصات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وتصب باختصاصات وزارة التعليم العالي، أو غيرها من الجهات ذات الاختصاص، كون هذه الجوانب تعتبر فنية واختصاصية.
ولكن ذلك لا ينفي بأن هذه الشركات تتعامل بنوع من السلع واجبة الرقابة على جودتها ومواصفاتها وتسعيرها، وهو ما يجب أن يكون من مسؤولية جهة عامة ما.

تسليع ليبرالي
على جميع الأحوال، التصريح أعلاه يلقي الضوء على واقع سوق التعليم الجامعي الخاص من أحد جوانبه فقط، باعتباره يقدم سلعاً للاستهلاك في سوق العرض والطلب والمنافسة، لكنها خارجة عن حدود الرقابة والمتابعة ببعض جوانبها.
وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه الإضاءة لوحدها تؤكد بأنه ما هناك من شك بأن التعليم الجامعي بين أيدي الشركات الاستثمارية ليس سوى سلعة غايتها الربح أولاً وآخراً، بغض النظر عن أي شيء آخر، وهذا يصب عملياً في خانة تسليع التعليم، القائمة على قدم وساق في ظل الاستمرار بالسياسات الليبرالية المعمول بها رسمياً منذ عقود، بمستويات التعليم ومراحله كافةً، وأكبر دليل على ذلك هو ترك الحبل على الغارب بهذا الشأن لسوق العرض والطلب، والمنافسة الاستغلالية طيلة السنوات السابقة، مع انعدام الرقابة على الرسوم والتكاليف وضبطها وقوننتها، وربما هناك قضايا كثيرة غير ذلك مغفلة حتى الآن، وقد تكشفها قادمات الأيام.

معلومات إضافية

العدد رقم:
822
آخر تعديل على السبت, 05 آب/أغسطس 2017 15:17