جشع وانعدام رقابة..  أسباب ارتفاع أسعار الألبسة الجاهزة في الأسواق!

جشع وانعدام رقابة.. أسباب ارتفاع أسعار الألبسة الجاهزة في الأسواق!

تستمر الأسعار بالارتفاع في قطاعات حياة الأسرة السورية المختلفة، ويبقى هاجس تأمين المستلزمات يؤرق الكثيرين، حتى الضروري منها، وذلك يقاس على الألبسة التي تدخل ضمن احتياجات السوريين الأساسية مع بدء فصل الصيف أو الشتاء.

 

وعلى الرغم من اعتماد السوق بشكل كبير على المنتج المصنع محلياً من الألبسة، إلّا أن ذلك لا يعني انخفاض سعرها، فالأسعار تقاس وفقاً لسعر صرف الدولار حتى اليوم، مع إضافة البائعين لمزيد من الحجج حول تأمين المازوت والكهرباء وأجرة المحل وما إلى ذلك.

من المعمل:

يقول «أبو دياب» وهو رب أسرة من 5 أشخاص: إنه بات مؤخراً يعتمد على شراء ملابسه من المعامل مباشرة، ويضيف: «هناك أحد المعامل في منطقة صحنايا يقوم بتصنيع الملابس، ومؤخراً صرت أعتمد عليه عند شراء البناطيل والقمصان، حيث يصل سعر البنطال إلى 3500 ليرة سورية، والقميص تقريباً بالسعر نفسه».

ويتابع: «البنطال ذاته أو القميص يمكن أن تشاهده في السوق لكن بعد تركيب ماركة معينة عليه، وعرضه ضمن محل في سوق فخم، وقد يصل سعره بهذه الحالة إلى 15 ألف ليرةً سورية»، مردفاً: «أحد عمال المعمل وهو صديقي، أكد لي أن بضاعتهم تباع لماركة مشهورة في السوق، لتصل إلى المستهلك بأسعار خيالية».

قطع بلاستيكية!

على المقلب الآخر، اعتادت أم نضال خلال الحرب، أن تشتري  الملابس من البسطات في سوق الحميدية أو شارع الثورة، وهناك تكون الأسعار مقبولة نسبياً، لكنها بجودة متدنية، ويدخل البوليستر بنسبة عالية في صناعتها حتى تكاد تخال القطعة «بلاستيكية من شدة قساوتها ولمعانها المفرط» على حد تعبيرها.

أم نضال مضطرة لشراء الملابس بجودة متدنية جداً، نتيجة ارتفاع أسعار الملابس الجيدة، أو حتى «الستوك» كما يسميها السوريون، وهذه الأخيرة هي ذات البضائع التي يمكن مشاهدتها على البسطات ويدخل البوليستر بنسبة كبيرة في صناعتها، لكن أصحاب المحلات يغشون الزبائن ويبيعونها على أنها «لا بتكش ولا بتنش، فلا تستغرب أن تشتري قطعة (ستوك) بسعر متدنٍ من بسطة أو محل بمنطقة شعبية، وتراها ذاتها معروضة في واجهة محل في سوق الصالحية أو شارع الحمرا بسعر مضاعف» على حد تعبير أم نضال.

أحذية من كرتون!

بدوره، قال محمد وهو طالب جامعي: إن «محلات بيع الملابس انتشرت بشكل كبير مؤخراً، ما يشير إلى حجم الأرباح التي يحققها هؤلاء»، مضيفاً «خلال جولتي محاولاً شراء حذاء رياضي من شارع ركن الدين العام، تراوحت الأسعار بين 9 آلاف ليرة و15 ألف، ويعتبر زبائن هذا الشارع من الطبقة المتوسطة تقريباً، لكن عندما توجهت إلى سوق مساكن برزة، وجدت الأصناف ذاتها معروضة بأسعار بدأت من 13 ألف ليرة، ووصلت إلى 20 ألف».

وتابع: «في المقابل كانت هناك عروض غير منطقية، كأحذية نسائية تراوحت بين  ألف ليرة سورية وألفي فقط، وعندما عاينتها مع والدتي، تبين أنها مصنوعة من الكرتون، وتم لصقها بالصمغ، لكن الإقبال عليها كان كبيراً نتيجة فارق السعر الصارخ بينها وبين أسعار المحلات».

تحتال محلّات الألبسة بأساليب كثيرة لكسب الزبائن، وغشهم بالنوعية، وإيهامهم بأنه كلما زاد السعر زادت الجودة، ما أنكره الباعة جميعهم الذين التقتهم «قاسيون»»في سوق مساكن برزة، لكن أحدهم أكد وبصراحة أن نسبة الربح قد تصل إلى 150% في بعض القطع وتبعاً لمدى اقتناع الزبون بها، ولا تقل عن 50% عند التنزيلات».

شطارة!

وتابع «مهنتنا تجارة، فالقطعة التي يشتريها زبون بـ 9 آلاف ليرة، قد يشتريها زبون آخر ومن محلي بـ 15 ألف، فلكل زبون عرض يقدم له تبعاً لحالته المادية وأسلوب المفاصلة الذي يتبعه، والموظف الذي يبيع ويريد تحقيق نسبة مبيعات أكبر، علماً أن رأس مال هذه القطعة قد يكون 3000 ليرة سورية فقط من المعمل وحوالي 5000 من الموزع».

ويدعي البائع «أن أصحاب العقارات يرفعون عليهم الإيجارات كل 3 أشهر تقريباً، وهنا يجب علينا أن نقوم برفع الأسعار لتعويض الخسارة، وأنت تعلم أن أجرة محلي تختلف عن أجرة محل جاري، أو أجرة محل بالمساحة ذاتها في الشعلان، وهذا ما يبرر أيضاً اختلاف سعر القطعة».

تكلفة متدنية!

لكنّ هذا الكلام كله «غير دقيق»، وفيه كثير من المغالاة بحسب أحد أصحاب ورش الأحذية، الذي أكد أن تكلفة الحذاء المصنع محلياً متدنية جداً، وقد تباع القطعة الجيدة  بالجملة بـين 1500 – 3000 ليرة سورية، ليقوم بائع المفرق ببيعها بـ 6 أو 7 آلاف ليرة وقد لا يتوانى البائع عن طلب سعر أعلى بكثير  يصل إلى 9 آلاف حسب الزبون والمنطقة».

حديث صاحب ورشة الأحذية يتقاطع مع حديث آخر لصاحب ورشة حقائب نسائية، أكد أن سعر الحقيبة من الورشة يبدأ من 900 ليرة وحتى 2000 ليرة، بينما يبيعها تجار المفرق بـ 5 آلاف وأكثر، وبالتأكيد هذا الأمر يقاس على معامل الألبسة، لكن لا يمكن تبرئة هؤلاء وتحميل مسؤولية الأسعار لبائعي المفرق فقط، لأن الورش والمعامل التي رفعت أسعار قطع المفرق بداية بعد استشعارها لحجم أرباح تجار المفرق، إضافةً إلى وزارة التجارة الداخلية العاجزة عن ضبط فلتان السوق، والموزع الذي يحصل على نسبة ربح حوالي 50%، يتحملون المسؤولية الأولى.

أين الدوريات؟

لا توجد أية دورية حماية مستهلك في أسواق الألبسة، ولم يشاهد فريق «قاسيون» أياً منهم خلال الجولة، حتى إن بعض المارة في الأسواق لم يصادفوا دورية حماية مستهلك في حياتهم ضمن الأسواق وفقاً لاستطلاع قمنا به، وهنا يقترح أحدهم عبر «قاسيون» أن يتم وضع نقطة لوزارة التجارة الداخلية فيها موظف ثابت بمكان واضح في كل سوق معروف، ليلجأ إليه المواطن الذي يشعر بالغبن، وبالتالي ليكون رادعاً للتجار.

ويتابع: «بعض دوريات حماية المستهلك إن وجدت، تأخذ المعلوم وتعود أدراجها، وهذا يقاس على القطاعات المسؤولة عنها وزارة التجارة الداخلية كلها، وكل ما يمكن لمسه من فلتان في الأسعار يعود لضعف قدرة الوزارة على فرض سيطرتها وردع التجار».

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
809