نوار الدمشقي نوار الدمشقي

عمر مهدور بالانتظار!

كثيرة هي البلدات التي تنتظر أهلها، كما كُثُر هم هؤلاء الذين ينتظرون على أحرّ من الجمر إمكانية عودتهم لبلداتهم، لتنتصب أمامهم معيقات إعادة الإعمار وتأهيل البنى التحتية، وغيرها من الصعوبات والعراقيل الأخرى.

 

أهالي داريا، هم من هؤلاء الذين ينتظرون الفرج، ويعدون الشهور والسنين، على أمل العودة السريعة إلى بلدتهم، ولكن على ما يبدو أن أمر عودتهم فيه الكثير من الصعوبات، خاصةً مع الحديث الرسمي الذي يقول: إن مقومات الحياة في المدينة غير متوفرة.

آمال معقودة!

في آخر ما تم رسمياً على مستوى أهالي مدينة داريا، وغيرها من المدن والقرى والبلدات في ريف دمشق المشابهة لوضعها، فقد رشح عن الاجتماع الذي عقد منصف شهر آذار مع رؤساء المجالس المحلية جميعهم في محافظة ريف دمشق برئاسة محافظ ريف دمشق وحضور رئيس مجلس المحافظة ونائب المحافظ وأعضاء المكتب التنفيذي والأمين العام للمحافظة، بأنه سيتم العمل على عودة المزارعين الى أراضيهم في المناطق المحررة حديثا.

الخبر أعلاه لاقى استحساناً بين الأهالي، سواء لداريا أو لغيرها من البلدات والقرى، فبالحد الأدنى سيصار إلى إمكانية استصلاح بعض الأراضي الزراعية، ما يعني سد بعض الرمق لمزارعي البلدة، على الرغم من فراغها من السكان، وعسى تكون مقدمةً للعودة الجماعية لبقية السكان، ولاستعادة النشاط الاقتصادي والخدمي في هذه البلدات، أسوةً بغيرها من البلدات التي عاد أهلها إليها، مثل الحسينية.

داريا الوعود!

ملف إعادة إعمار داريا، كان قد سبق وأن تم تشكيل لجنة من أجله، من قبل رئاسة مجلس الوزراء، سميت بلجنة إعادة إعمار داريا، على أن يكون ذلك بالتنسيق فيما بين محافظة ريف دمشق، والجهات المعنية الأخرى، حيث قدرت تكلفة إعادة تأهيل البنى التحتية بمليارات من الليرات السورية، تشمل شبكات المياه والكهرباء والطرق والهاتف والصرف الصحي والمدارس والمستوصفات والمشافي، وغيرها من المقرات الرسمية، ولكن حتى الآن لم يتم تلمس الواقع التنفيذي، عن تلك الدراسات التي قدمت، وقدرت التكاليف بناءً عليها.

أما على مستوى السماح للمزارعين من أهالي داريا في الدخول إلى أراضيهم من أجل استصلاحها، فقد تم تشكيل لجنة لذلك، مهمتها إعداد قوائم بأسماء هؤلاء، من أجل الحصول على الموافقات اللازمة، بالتنسيق بين المحافظة والجهات الأمنية والعسكرية المسؤولة عن المنطقة، علماً بأن هؤلاء المزارعين مشتتون حالياً في مراكز إقاماتهم، المنتشرة بين صحنايا والكسوة وصولاً إلى زاكية.

هذا وذاك جعل من أمانيِّ وآمال عودة أهالي داريا، أو مزارعيها على أقل تقدير، بعيدة المنال في الوقت الراهن، بانتظار ما ترشح عنه القوائم الاسمية والموافقات اللازمة المرتبطة بها، إدارياً وأمنياً وعسكرياً مع ما تحمله من روتين وتعقيدات وتشابكات، وربما مزاجية أيضاً، وبانتظار الإجراءات التنفيذية لملف إعادة الإعمار، مع كل ما يصاحبه من روتين وزمن مهدور، مع عدم اغفال امكانية تغلغل الفساد في هذا الملف الكبير، المقدر بالمليارات، لمصلحة البعض، وعلى حساب المواطنين بنهاية المطاف.

استعداد للتعاون وتحمل المسؤولية

مما لا شك فيه أن عودة السكان إلى مدنهم وقراهم وبلداتهم تعود بالنفع ليس على المستوى الشخصي والفردي لهؤلاء فقط، بل وتعود بالنفع على المستوى الاقتصادي والاجتماعي العام.

بعض الأهالي قالوا: إنهم على استعداد أن يعودوا ليسكنوا الخيام في بلداتهم، على أن يقوموا بما يمكنهم من ترميم ما يمكن ترميمه من بيوتهم ومساكنهم بالتنسيق مع البلديات والمحافظة، كما أبدوا استعدادهم على مساعدة الجهات العامة المعنية بالخدمات والبنى التحتية، والتشارك بالمسؤولية على ذلك، وذلك للاستفادة من عامل الزمن، الذي يعني بالنسبة لهؤلاء عمراً مهدوراً، وتكاليف كبيرةً على بدلات الإيجار، وغيرها من النفقات الأخرى التي يتكبدونها، كما وتعني بالنسبة إليهم فرصةً حقيقيةً لاستعادة حياتهم ودورهم الاقتصادي الاجتماعي، وقد سبق أن عبروا عن ذلك بشكل رسمي مع المحافظة وغيرها من الجهات الرسمية الأخرى، خاصةً وأن موضوع إعادة الإعمار الكلي، حسب ما رشح عنها حتى الآن، قد تطول سنين وسنين في ظل هذا الواقع المتشابك، روتيناً وفساداً ومصلحةً، وهم على أحرّ من الجمر للعودة.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
807