تحذير
  • JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 177
معاقو الحرب لا إحصائيات ولا وزارات تنصفهم !

معاقو الحرب لا إحصائيات ولا وزارات تنصفهم !

تعرض إحدى المحطات السورية تقريراً عن فعالية أقيمت على أرض محافظة سورية، يبتسم الجميع للكاميرا، من المحافظ إلى أعضاء المكتب التنفيذي، وهم يسلمون بيجاما أو بشاكير لمصابين يستندون إلى عصا أو كتف قريب أو مدفوعين من زوجة وابن.

 

تُلقى الكلمات التي تمجد بصمودهم وتضحياتهم، ليعود المسؤولون بسياراتهم الفارهة إلى بيوتهم، ويجرُّ المحتفى بهم خيبتهم وأحلامهم خلفهم وتبقى طلباتهم طي الأدراج. 

فمن كانوا أبطالاً بالأمس باتوا اليوم مقعدين بفعل الحرب.

اضحك للصورة

يرفض عبد الله الذهاب إلى الجمعية الخيرية لاستلام معونة انتظرها مع عائلته منذ شهرين، وذلك لوجود شرط هو التصوير، ونشر الصور على صفحة الفيس بوك التابعة للجمعية. 

يقول عبدالله، الذي بترت يده وساقه: صحيح أن الحكومة تقدم العلاج بالمجان لكن علينا أن نزور المشفى أكثر من عشر مرات حتى نجد الطبيب المختص أو العلاج، حيث لا تنتهي حجج الكادر الطبي من عدم توفر الكريمات أو غياب الطبيب المختص وغيره من الحجج، فتتفاقم حالة الجرح ولكن هذا الوجع يهون عندما نصبح وسيلةً كي يشحد البعض على مصابنا، ولا نحصل سوى على فتات المساعدات،  أنا بحاجة لجوارب تُرتدى من أجل سهولة حركة الطرف الصناعي يصل ثمن جوز الجوارب إلى خمسة وعشرين ألف ليرة سورية ومن المفترض أن يكون الجورب مكفولاً لسنتين. لكن الجورب الذي أعطتني إياه الجمعية لم يعد صالحاً للاستعمال بعد ارتدائه لمدة أربعة أشهر فقط. 

ويضيف عبد الله لم أكن اشعر من قبل بمعاناة المعاقين عند الصعود والنزول من الأدراج وكذلك الصعود إلى الحافلات، حتى الدوائر الحكومية عدد قليل منها ملتزم بوجود ادراج مخصصة للمعاقين مما يشكل معوقات إضافيةً لحياتنا اليومية حيث أحتاج إلى ثلاثة مرافقين كي يحملوني ويصعدوا وينزلوا بي عند كل معاملة أو حركة.

لا توجد تقارير حقيقية حول عدد المعاقين في سورية، كما هو الحال مع معظم المواضيع الأخرى، حيث ازداد عدد من هم بحاجة إلى معدات وأدوات ومراكز طبية لتساعدهم على تخطي الإعاقة، فبعض المواقع الالكترونية تقول: إن الأمم المتحدة قدرت في أحد تقاريرها عدد المعاقين في سورية بملونين ونصف المليون معاق، فيما لم نجد أية إحصائية محلية تؤكد أو تنفي صحة هذه الأرقام.

بدنا نعيش! 

لم ينقطع الخياط  حازم عن زبائنه رغم إصابته إثر سقوط قذيفة في منزله أدت إلى بتر ساقه وجزء من يده اليمنى. 

يقول حازم: وجدت صعوبةً كبيرةً في التأقلم مع وضعي الجديد، ولم أخرج من منزلي لمدة تجاوزت الخمسة أشهر، بعد بتر قدمي وجزء من يدي لكني المعيل الوحيد لعائلتي، واذا لم أعمل لن نأكل. 

وعن المعونات التي يتلقاها يقول حازم: أنا لا أتلقى معونةً خاصةً كوني معاقاً فأنا أحصل على المعونة التي توزعها منظمات الهلال الأحمر، أو الصليب الأحمر، مرةً كل ثلاثة أشهر وفي بعض الأحيان تقوم جمعيات خيرية بتوزيع ملابس مرةً كل سنة. 

ويتابع حازم عانيت كثيراً للحصول على عكاز حديدي، حيث بلغ سعره ما يقارب الستين ألف ليرةً للعصا الواحدة. وتمكنت من صنع سناده ليدي من أجل عمل ماكينة الخياطة فيما أرسم القصة، وتقوم زوجتي بالقص فأنا إلى اليوم لم أتمكن من تطوير عمل يدي اليسرى، كي تحل محل اليد اليمنى التي كنت أستخدمها في القص والحياكة.

في خدمة أو ما في؟ 

تبين رئيس دائرة الإعاقة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لبنى العقباني في تصريحات صحفية سابقة، دور الوزارة في مجال الإعاقة مصرحةً:  بأن الوزارة «تقدم مختلف أنواع الرعاية للأشخاص ذوي الإعاقة» عبر 38 معهداً في المحافظات المختلفة منها: 9 معاهد مركزية في دمشق وريفها، ولكن نتيجة  ظروف الحرب الإرهابية على سورية «خرج عدد من هذه المعاهد عن الخدمة ما شكل صعوبات بالعمل تم تجاوزها من خلال تأهيل بعض المعاهد والمراكز او نقل العمل إلى أماكن آمنة». 

مضيفةً أن القوانين السورية ضمنت حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بما يحقق دمجهم بالمجتمع وتمكينهم اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً وفق العقباني التي أشارت إلى أنه من هذه القوانين: تخصيص نسبة 4 بالمئة من نسب التوظيف في الدوائر الحكومية للأشخاص ذوي الإعاقة. 

فيما تقول مي أبو غزالة الناشطة في مجال حقوق المعوقين والمرأة والطفل لقاسيون: لا يوجد أية قوانين جديدة، أو تعاميم أو خدمات إضافية خاصة بالمعاقين، خلال الحرب فوضع هذه الفئة تراجع نتيجة الإهمال، فيما ازداد النشاط الإغاثي الخيري، على حساب برامج تأهيل ورعاية المعوقين. 

بما معناه أن الوضع بقي على حاله إلا فيما يخص الجرحى المعاقين من أفراد الجيش العربي السوري والقوات الرديفة للجيش، حيث ازدادت لديهم خدمات التأهيل الخاصة بالبتر والأجهزة الصناعية، لكن هذه الخدمات تقدَّم حصراً لهذه الفئة ولا تُقدَّم بذات الوتيرة للمعاقين نتيجة تشوهات خلقية. 

ومع الأسف، لم يتم دمج هذه الفئات مع المعاقين، ويتم تصنيفهم على أنهم مصابو حرب تعطلت لديهم إحدى الحواس أو تعطلت لديهم الحركة التي تمنعهم عن أدائهم لوظائفهم اليومية. 

وتضيف مي: إن حال الجمعيات المختصة بشؤون المعوقين والمجتمع الأهلي تراجع كثيراً بسبب الحرب القائمة، حيث خرج عدد كبير من الجمعيات التي كانت تقدم هذه الخدمات عن الخدمة، نتيجة تضرر مقارّها بشكل مباشر أو بسبب تشتت كوادرها أو تحول مقارّ تلك الجمعيات إلى مراكز إيواء. وبعض هذه الجمعيات أصرت على متابعة عملها، كما هو حال جمعيتنا  (أفاق الروح للنساء المعاقات وأمهات الأطفال المعوقين)وجمعية زهرة المدائن التي خسرت مقرها في منطقة الحجر الأسود في دمشق، واستأجرت مقراً جديداً وتابعت خدماتها. 

خدمات بسيطة 

عصا طويلة ثبتت إلى جانب حائط غرفة حولتها احدى الجمعيات الأهلية في حمص إلى عيادة لتأهيل المعوقين نتيجة الحرب. 

تحاول رشا عدم التمسك بها كي تعتاد على قدمها الجديدة التي حصلت عليها بعد انتظار دام قرابة السنة. 

تقول رشا: أخشى أن أكسر قدمي الجديدة ولا أتمكن من الحصول على رجل ثانية، فأنا انقطعت عن المدرسة وفضلت عدم الذهاب كي لا يستهزئ بي الأطفال، وأنا لا أملك رجلاً مثلهم، لكني اليوم سأمشي وأعود إلى المدرسة وألعب مع أصدقائي. 

محمود الحاج معالج فيزيائي. يقول: لا نملك في سورية معدات متطورةً لتأهيل المصابين الذين تعرضوا لبتر أحد أطرافهم، حيث تفاجأنا بالأعداد الكبيرة للمصابين. لذلك نقوم بتأهيل مراكزنا بأدوات بسيطة، حتى التدريبات التي نعطيها للمصابين وذويهم كمعالجة فزيائية هي تدريبات على أدوات يمكن تأهيلها في المنزل وبتكلفة بسيطة جداً كي لا يكون العلاج الفيزيائي عبئاً مادياً جديداً على الأسرة السورية وبالتالي يخسر المصاب فرصته في تحسن وضعه الصحي. 

ينتظر المئات من السوريين المعوقين فرصةً للحصول على ترخيص لفتح كشك يبيع فيه بعض المستلزمات البسيطة، كي لا يكون عبئاً على أهله لكن قاسيون تلقت عدداً من الشكاوى من أشخاص موجودين في حمص وطرطوس ودمشق، يشرحون من خلالها الصعوبات التي يلاقونها من أجل استصدار مثل هذه التراخيص، كما اشتكى البعض من دفع الرشاوى لمدير هنا أو موظف هناك، فيما يقول بعض المسؤولين: إن الرخص لن تمنح إلا لمستحقيها وخاصةً بعد الجولات التفتيشية التي تقوم بها دوريات التموين وتكتشف من خلالها أن صاحب الترخيص قام بـتأجير الرخصة، ولا يعمل بنفسه ضمن الكشك. 

يصر الناشطون في مجال حقوق المعوقين على ضرورة إيجاد مجلس مختص لرعاية شؤون المعوقين، من أجل إيجاد حلول حقيقية لوضع هذه الفئة بعد أن ارتفع عدد الأشخاص الذين ينضوون تحت دائرتها، بسبب الحرب على أن تكون هذه الحلول حقيقيةً، من حيث دمج هذه الفئة من المراحل التعليمة الأولى وصولاً إلى الخدمات العامة.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
807