الجامعات الخاصة تؤهل كوادرها على حساب الجامعات الحكومية!
سمير علي سمير علي

الجامعات الخاصة تؤهل كوادرها على حساب الجامعات الحكومية!

تداولت وسائل الإعلام مؤخراً، تصريحاً لمعاون وزير التعليم العالي لشؤون البحث العلمي، مفاده: أن الوزارة تعكف حالياً على دراسة إيفاد الخريجين الأوائل في الجامعات الخاصة، لإكمال الدراسات العليا، في الجامعات الحكومية.

 

وفي المضمون: إن مجلس التعليم العالي، شكل لجنةً برئاسة معاون وزير التعليم العالي لشؤون البحث العلمي، والمعاون للشؤون القانونية، وأحد رؤساء الجامعات الخاصة، لدراسة هذا الموضوع بهدف تأهيل كوادر خاصة، للجامعات الخاصة.

المبررات المعلنة!

وعن المبررات فقد ورد أنه: الغاية خلق حافز لدى الطلاب على استمرار تحصيلهم العلمي، وإكمال دراسة الماجستير والدكتوراه في الجامعات الحكومية، وبأن ذلك سيكون حسب منطقة الجامعة الخاصة، وبأنه يتم استثناؤهم من العدد المسموح به والمقدر بـ5%، وهي النسبة المسموح بها في الجامعات الخاصة، مع الإشارة إلى استنزاف كوادر الجامعات الحكومية، وبأن معظم كوادر الجامعات الخاصة هم من الجامعات الحكومية.

غموض!

ما لم يتضح بمضمون التصريح، ومشروع الدراسة، والقرار القادم، من سيتحمل تكاليف الإيفاد الذي يتم العمل عبره على تشجيع طلاب الجامعات الخاصة من أجل استكمال تحصيلهم العلمي العالي.

هل ستتحمل نفقاته وتكاليفه الجامعات الحكومية، أم الجامعات الخاصة، التي ستستفيد من هذا التأهيل كونه لمصلحتها، أم الطالب الخريج من تلك الجامعات، وعلى حساب ذويه؟.

وهل ستختلف معايير الإيفاد على هؤلاء الطلاب عن سواهم من طلاب الجامعات الحكومية؟.

وما هي الأسس والضوابط، الملزمة بالنهاية، بالنسبة لهؤلاء بعد الإيفاد والحصول على الشهادة الأعلى من الالتزام مع جامعاتهم الأصلية، كي يقف الاستنزاف الحاصل للكوادر العاملة في الجامعات الحكومية، لمصلحة الجامعات الخاصة، بالنتيجة؟.

استنزاف مستمر!

من الواضح أن مسيرة التعليم الجامعي الخاص، كانت وما زالت قائمةً على استنزاف قطاع التعليم الحكومي، الذي من المفترض أن يكون عاماً، وعلى حساب طلابه وكوادره المؤهلة والمدربة، وما الدراسة التي يتم الحديث عنها إلا واحدة من وسائل الاستنزاف الجديدة، بعناوين براقة.

فاذا أخذنا بعين الاعتبار أن عدد الجامعات الخاصة وصل إلى 21 جامعةً، كما يقدر أعداد الطلاب في هذه الجامعات، مجتمعة، بحدود 30 ألف طالب وطالبة، حسب التصريحات الرسمية، وهم على ذلك ربما أقل من أعداد طلاب كلية العلوم الإنسانية بجامعة دمشق فقط، ومع ذلك سيتاح أمام هذه الجامعات الخاصة أن توفد الأوائل لديها ولمصلحتها، والذين سيصل تعدادهم بين 60- 100 طالبٍ وطالبة سنوياً، على حساب طلاب الجامعات الحكومية وسياسات الاستيعاب المعتمدة سنوياً، في حين أن كلية العلوم الانسانية بجامعة دمشق، على سبيل المثال، بفروعها كاملةً، لا يصل أعداد موفديها من الطلاب إلى هذا العدد سنوياً.

مع الأخذ بعين الاعتبار أن غالبية الطلاب في الجامعات الحكومية، بطبيعة الحال، هم من أبناء شريحة ذوي الدخل المحدود والفقراء، على عكس طلاب الجامعات الخاصة، الذين بجلهم من أبناء أصحاب المال والثراء والثروات.

خلاصة

لنصل إلى نتيجة مفادها: إن الأعداد القادمة، عبر الإيفاد لصالح الجامعات الخاصة، سيكون عملياً على حساب طلاب الجامعات الحكومية، في ظل استمرار سياسة الاستيعاب الجامعي المعمول بها، والشروط الخاصة بالدراسات العليا ودرجات الماجستير والدكتوراه في هذه الجامعات، ناهيك عن الفوارق بين المناهج التعليمية المعتمدة في هذه وتلك، والتي تم العمل على تلافي بعضها، عبر ما سمي بالامتحان الوطني الموحد، مع كل ما شابه من سلبيات، وما زال، بغية الفرز العملي بين الطلاب، حسب ما أعلن عنه من غايات لهذا الامتحان، هذا إن لم تكن مجمل العملية من حيث النفقة والتكاليف والاستيعاب على حساب الجامعات الحكومية، ولمصلحة الجامعات الخاصة، ومستثمريها، أيضاً.

خلاصة القول: مستثمرو الجامعات الخاصة، وبغض النظر عن أية صبغة وغلاف علمي تجميلي لعملهم، لم يكتفوا بملء جيبوهم على حساب العملية التعليمية، بمدخلاتها ومخرجاتها بالقطاع التعليمي الجامعي الخاص، بل ما زالوا يعملون على المزيد لملئها، ولكن هذه المرة على حساب التعليم الجامعي الحكومي، ورواده من أبناء الطبقات المسحوقة أيضاً، وبتمرير هذه الغاية عبر البوابات الحكومية الرسمية، وبعناوين تخطف الأبصار، مثل: تحفيز الطلاب على استكمال التحصيل العلمي!!.

ونتساءل، كما غيرنا: لماذا لم توضع دراسة عملية وتنفيذية لإدراج الدراسات العليا في الجامعات الخاصة نفسها؟ ولماذا هي ما زالت ضمن التوجه العام والاستراتيجي لوزارة التعليم العالي حتى الآن؟ على الرغم من مضي سنوات على إحداث هذه الجامعات؟.

أم أن الغاية هي الاستنزاف المُطّرد للتعليم الجامعي الحكومي، والمزيد منه حتى آخر رمق، لمصلحة المستثمرين وجيوبهم، على حسابنا جميعاً؟.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
805