أليس «في العجلة الندامة» يا حكومة؟!
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

أليس «في العجلة الندامة» يا حكومة؟!

صدر القرار رقم 375 تاريخ 9/2/2017، عن رئيس مجلس الوزراء، المتضمن اعتماد التعليمات التنفيذية لقانون التشاركية رقم 5 لعام 2016، والمرفقة به.

وقد ورد بمتن القرار: يُنشر هذا القرار ويعتبر نافذاً اعتباراً من تاريخ نشره.

تقديم المقترحات خلال ثلاثة أشهر!!

فرض القرار، وفور صدوره، على الوزارات تشكيل اللجان المنصوص عليها بموجب القانون، ومنحها ثلاثة أشهر من أجل تقديم مقترحاتها حول «فرص مشاريع التشاركية»، حيث ورد بمتن القرار: 

تقوم الوزارات المعنية، فور صدور هذا القرار، بالتنسيق مع الجهات العامة التابعة لها، أو المشرفة عليها، وتوجيهها لتشكيل اللجان المنصوص عليها (حسب الحاجة) وإعداد مقترحات أولية خلال مدة 3 أشهر اعتباراً من تاريخه، بخصوص فرص مشاريع التشاركية الممكنة، وفق أحكام القانون رقم 5 لعام 2016، وذلك على أي من المرافق العامة، أو البنى التحتية، أو المشاريع العائدة ملكيتها لها، وأن تقوم بتزويد مكتب التشاركية بالمشاريع التي ترى جدوى أو ضرورةً لدراستها، ليصار لاحقاً لإعداد ما يلزم بالتنسيق مع الجهات المعنية كافةً وفق الخطوات والإجراءات الواجبة وفق أحكام القانون المذكور.

توضيحات أخرى أكثر عمقاً ومنفعةً!

وقد ورد بموجب المادة 2 من التعليمات المرفقة بالقرار، حول الجهات العامة المحددة بموجب المادة 1 من القانون، حيث تم إضافة أية جهة أخرى ينص صك إحداثها على معاملتها معاملة القطاع العام.

وحول مفهوم الخدمة العامة، الواردة بمضمون القانون، فقد وضحت المادة 3 من التعليمات التنفيذية، بأنه: يندرج ضمن مفهوم الخدمة العامة، أو الخدمة التي تتوخى المصلحة العامة (موضوع عقد التشاركية) أنواع السلع والخدمات كافةً التي تنتج عن مشروع التشاركية، والتي تقدم مباشرة إلى الجهة العامة المتعاقدة أو نيابةً عنها الى المستفيد.

وبذلك تصبح المرافق العامة والبنى التحتية والملكيات العامة كافة، وتلك التي تعتبر بحكمها، بالإضافة إلى السلع والخدمات الناتجة عن المشروع التشاركي، كلها «بكج» يختار منها القطاع الخاص ما يناسبه، ولن تستطيع هذه الخدمات أن تأخذ صفة الخدمات العامة، أي أن تكون مدعومةً أو منخفضةً التكلفة، طالما أن شريكاً في رأس مال المشروع، يسعى إلى تحقيق الربح من مشاركته، الشركاء الذين لا يستثني منهم القانون جهات القطاع الخاص كلها، محلياً، مقيماً أو مغترباً، أو أجنبياً، بموجب القانون.

تسهيلات تحويل

 العائدات بالقطع للخارج

التعليمات لم تغفل حق مستثمري القطاع الخاص من تحويل أرباحهم، أو رؤوس أموالهم إلى الخارج بالقطع، حيث ألزمت المصرف المركزي بتنظيم هذا الحق، بشراء القطع أو بتحويله.

فقد ورد في المادة 35 من التعليمات التنفيذية: يلتزم المستثمرون الأجانب والسوريون غير المقيمين، عند تحويل حصيلة استثماراتهم بشركات مشاريع التشاركية بالقطع الأجنبي إلى الخارج، وفق أحكام الفقرة ه من المادة 61 من القانون بالتعليمات، وأنظمة القطع الصادرة (أو الواجب استصدارها) عن مصرف سورية المركزي بهذا الخصوص، وعلى أن تشمل هذه التعليمات تنظيم حق هذه الجهات بشراء وتحويل القطع الأجنبي، عن طريق المؤسسات المالية المرخصة، المقابل لحصتهم من أرباح المشروع، وكذلك نتيجة تصفية أو بيع حصتهم بمشاريع التشاركية بشكل جزئي أو كامل.

وقد تضمنت التعليمات الكثير من المواد الأخرى، بعضها له الطابع التنظيمي، وبعضها الآخر، يتضمن التسهيلات التعاقدية أو الإجرائية، حول التعاقد والتنازل، وغيرها من المواضيع المتعلقة بالأصول التعاقدية، بما في ذلك ضوابط إدراج الأسهم أو السندات الصادرة عن مشروع التشاركية في سوق الأوراق المالية، أو طرحها جزئياً للاكتتاب العام.

السيادة الوطنية مهددة

بهذه القراءة السريعة لمضمون التعليمات التنفيذية، يتضح وكأن الحكومة على عجلة من أمرها، أكثر من مستثمري القطاع الخاص أنفسهم، اعتباراً نفاذ القرار من تاريخه، مروراً بمنح مهلة ثلاثة أشهر لتشكيل اللجان، وتقديم المقترحات، وليس انتهاءً بما أطلقت عليه الحكومة «فرص مشاريع التشاركية الممكنة»!!.

ولكن عن أية فرص يتم الحديث الحكومي هنا، ولمصلحة من هذه الفرص بالنتيجة؟؟.

أسئلة سبق أن تمت الإجابة عنها عند إقرار قانون التشاركية، سيئ الصيت، بحينه؛ فمصلحة المستثمرين هي الأولى والأخيرة بمضمونه، كما بمضمون القوانين والقرارات والتعليمات التنفيذية كافةً، التي أصدرتها وتصدرها الحكومات الليبرالية المتعاقبة، وما زالت، ولكن هذه المرة على حساب المرافق والخدمات العامة كافةً، والعاملين بها، بل والملكيات العامة، واستثمارها أيضاً.

وبمعنى أكثر وضوحاً؛ على حساب مصلحة الوطن والمواطنين، بل والسيادة الوطنية عموماً، والتي جعلتها مثل هذه القوانين، والسياسات الليبرالية المتبعة، سلعةً معروضةً للبيع بثمن بخس!

معلومات إضافية

العدد رقم:
801