حلب في عيون الحكومة!

حلب في عيون الحكومة!

زار وفد حكومي كبير، ضم 15 وزيراً، مدينة حلب بتاريخ 1/1/2017، للوقوف على الواقع الخدمي والاقتصادي في المحافظة، واستمرت الزيارة لعدة أيام.

 

 

جرت خلال هذه الزيارة، العديد من الجولات الميدانية واللقاءات، مع الكثير من الفعاليات المجتمعية والاقتصادية والخدمية والصناعية والتجارية وغيرها، تم خلالها استعراض الكثير من العناوين والقضايا الهامة، على مستوى اعادة الحياة إلى محافظة حلب، على المستويات كافة، مع الكثير من الوعود المقدمة من الحكومة، عبر وزرائها الحاضرين، على مستوى الخدمات العامة، وإعادة دوران العجلة الاقتصادية، والكثير من القضايا الحياتية اليومية للمواطنين.

«المكتوب مبين من عنوانه»!

وفي تصريح لرئيس الحكومة أثناء الجولة، حسب ما ورد عن أول اجتماع له على موقع الرئاسة، قال: «إن حلب لم تغب يوماً عن اهتمام الحكومة» داعياً إلى تقديم رؤية جديدة، لإعادة تقييم المخطط التنظيمي للمدينة وفق منهج جديد بمشاركة جميع الأطراف المعنية.

حيث تم إقرار مراجعة المخطط التنظيمي للمدينة، ودراسة مناطق المخالفات فيها، وتحديد برنامج زمني لإعادة تأهيلها، كما تقرر تشكيل فريق عمل لتقييم واقع مدينة حلب القديمة، بمعزل عن المناطق التنظيمية الأخرى لما لها من خصوصية تاريخية، وتشكيل مجموعة قانونية لصياغة التشريعات اللازمة وتقييم واقع البنى التحتية للمنشآت والمباني الحكومية، وذلك في الاجتماع الذي عقد مع لجنة اعادة الاعمار الفرعية لمدينة حلب بتاريخ 1/1/2017.

وفي اجتماع في مجلس المحافظة بتاريخ 3/1/2017 أشار رئيس مجلس الوزراء إلى اهتمام الحكومة بتقديم الدعم كله لمحافظة حلب من خلال وضع خطط ورؤى مستقبلية لإعادة إعمار، وترميم ما دمرته يد الإرهاب، وقال: «نعمل على تعزيز الواقع الأمني في المحافظة وتسهيل حركة الأهالي وتطوير المخطط التنظيمي للمدينة، بما يلبي التوسع العمراني وحاجات وخدمات المواطنين».

مخططات تنظيمية بخدمة إعادة الإعمار

موضوع ربط مراجعة المخططات التنظيمية لمدينة حلب، بما فيها مناطق المخالفات، مع الرؤى المستقبلية لإعادة الإعمار، يذكرنا بالمرسوم 66 المتعلق بتنظيم كفرسوسة، والسعي الجاري حالياً من قبل وزارة الإدراة المحلية من أجل اعداد قانون شبيه بالمرسوم أعلاه، لتطبيقه في المحافظات، وذلك كخطوة على طريق إعادة الإعمار، حسب ما تم الترويج له عبر وسائل الإعلام، على الرغم من تسجيل الكثير من الملاحظات عليه حتى الآن، وخاصة على مستوى الانعكاسات السلبية التي حصدها المواطنون منه، والتي بالمقابل حصد إيجابياتها كبار التجار وسماسرة العقارات حتى الآن.

التشاركية حاضرة!

وقد لفت رئيس الحكومة، خلال الزيارة الميدانية أعلاه، إلى أهمية التشاركية بين القطاع الحكومي والخاص، كما بين أن الحكومة لن تقبل حالياً ومستقبلاً أن تكون هناك مؤسسة أو شركة عامة خاسرة!، كما تم تداول مقولة على لسان رئيس الحكومة مفادها: إلغاء تراخيص المعامل التي لا تريد أن تعمل!.

على الطرف المقابل لا بد من القول: أن عدم القبول بوجود مؤسسة أو شركة عامة خاسرة، يقتضي توفير مستلزمات ومقومات إقلاع هذه الجهات العامة، للانتقال من الخسارة إلى الربح، والتي تتمثل أولاً: بالتمويل. وثانياً بتأمين مستلزمات الإنتاج كاملة، وثالثاً: بالصلاحيات الممنوحة لها، وهي سلة متكاملة تقتضي تعديل جزء هام من سياسات الحكومة، تجاه هذه المعامل والمؤسسات والشركات، وهو ما لم يعلن، حيث ما زالت السياسات الليبرالية هي السائدة والمسيرة لمفاصل العمل الحكومي، لمصلحة كبار المستوردين والتجار والسماسرة والفاسدين والمتنفذين، على حساب القطاع الحكومي نفسه كما على حساب المواطنين والاقتصاد الوطني عموماً.

تصريح لافت!

تصريح لافت كان لوزير الكهرباء من حلب حين قال: «الأبراج الكهربائية تتعرض لسطو وتخريب وهي في مناطق آمنه»!. 

فإذا كان هذا حال الأبراج الكهربائية من نتائج السرقة والتعفيش المنظم بالمدينة، على لسان أحد الوزراء، فما بالنا بما يجري على بقية الممتلكات في المدينة، سواء كانت عامة أو خاصة، وما هي الإجراءات التي ستقوم بها الحكومة بهذا الصدد، على مستوى إعادة المسروقات أو التعويض عنها، والأهم منع استمرارها؟!.

المطالب العامة

خلال الزيارة والجولات الميدانية واللقاءات، مع العديد من الفعاليات الاقتصادية والمجتمعية، استمعت الحكومة بوزرائها، إلى جملة من المطالب العامة، التي يمكن إيجازها بالتالي: معالجة الخدمات العامة من ماء وكهرباء وشبكة صرف صحي، ترحيل الأنقاض وفتح الطرقات، توفير المحروقات وإعادة النظر بموضوع الأمبيرات وبأسعارها، تأمين الطبابة والعلاج والكوادر اللازمة بالعمل بالمجال الصحي، إعادة تأهيل المدارس وترميم ما تخرب منها، توفير المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية الأخرى، ومراقبة أسعارها، وخاصة الخبز، إعادة تأهيل الأسواق وترميمها، التعويض عن الأضرار، تأمين اعادة عجلة الانتاج بالمناطق الصناعية عبر توفير مستلزمات الإنتاج، وخاصة موضوع الكهرباء والطاقة، مع توفير عوامل الأمان اللازمة للمنشآت الصناعية، وأخيراً والأهم تأمين عودة الأهالي المهجرين إلى منازلهم بالسرعة الممكنة، وغيرها الكثير من المطالب الأخرى.

حيث وعد أهالي حلب وفعالياتها خيراً، على مستوى تحقيق هذه المطالب، مع التأكيد الحكومي بأن الاعتمادات المالية مفتوحة، وفقاً للأولويات، للمناطق الواقعة ضمن المخطط التنظيمي وسيتم منحها وفقاً لتقييم مجموعات عمل الوزارات المعنية للخدمات الأساسية.

لنعود مرة أخرى لموضوع المخططات التنظيمية، والأولويات وفقاً لما تقيمه الوزارات، كل على حدة على مستوى الخدمات العامة، «وكأنك يا بو زيد ما غزيت!».

إعادة الهيبة للدولة

تجدر الإشارة إلى أن استعادة مدينة حلب، من أيدي الإرهابيين والمسلحين، تقتضي معها استعادة الدولة لهيبتها ودورها، وخاصة على مستوى واجباتها تجاه المواطنين، الذين وحدهم من يعطي للدولة هيبتها ومكانتها.

وبالتالي فإن العمل على تحقيق مطالب هؤلاء من المفترض أن يكون من أهم الأولويات على مستوى العمل الحكومي، عبر مؤسساتها وإداراتها العديدة، ولعل أولى الأولويات بذلك، هي: السعي الجدي من أجل عودة النازحين والمهجرين إلى منازلهم وبيوتهم، عبر إعادة تأهيل ما تم تخريبه من بنى تحتية، ومساعدتهم على تجاوز عقبات هذه العودة وتسهيل سبلها، وخاصة على مستوى التعويضات، والعمل بشكل جدي على منع التعفيش والمعفشين ومن خلفهم، من الاستمرار بعلمهم ومحاسبتهم، بالإضافة إلى تأمين سبل العيش الكريم لبقية المواطنين، عن طريق تأمين خدماتهم واحتياجاتهم الأساسية، بعيداً عن جشع التجار وسماسرة الحرب والأزمة، وخاصة موضوع تأمين الخدمة الكهربائية، والتخلص نهائياً من تجار الأمبيرات والتغطية الرسمية على دورهم الاستغلالي المشبوه، ليأت أخيراً ربما الحديث عن المخططات التنظيمية وغيرها، ولكن بإطار المحافظة على حقوق المواطنين، بعيداً عن مصالح شركات التطوير العقاري، وسماسرة العقارات أيضاً!

معلومات إضافية

العدد رقم:
792