حلب وسرقة أفراح انتهاء الحرب!

حلب وسرقة أفراح انتهاء الحرب!

نام الحلبيون على فرح انتهاء الحرب وزغاريده، ليستيقظوا على فجيعة أخرى.

فقد أجهز التعفيش والسرقة والنهب على أمل العودة، الذي عاش عليه الحلبيون خلال تلك السنوات، فأصابهم الذهول وكأنما سلبوا آخر جدران الأمان التي كانت تحفظ ما تبقى لهم من رمق الحياة.

 

ءتطهير شامل

ما أتت عليه الحرب من تدمير لمدينة حلب، اكتمل «بإنجازات» بعض عناصر اللجان، حيث تعرضت أغلب الأحياء المحررة «للتطهير»، وفي كثير من الأحيان تحت قوة السلاح والتهديد، وبتغافل رسمي مرعب، ما عكس الصلاحية المعدومة لمسؤولي المحافظة بمستوياتهم كافة، لتترك نداءات المواطنين كمن يغني في الطاحون، فلا أذن تسمع ولا قلب يحزن.

يحدث هذا كله وأكثر، وأجهزة الحكومة في حلب منشغلة بمهرجانات وطقوس الاحتفالات، بعيداً عن القيام بما يتوجب عليها من استحقاقات مستجدة ومتجددة.

غضب على هامش الإنجاز

من خلال الصلة الحية مع الأهالي فيشرقي حلب، لرصد آرائهم حول الإنجاز العسكري والسياسي الذي تم إحرازه، تصعق بما ستجده من غضب شعبي لما يحدث على هامشه، وصدمته بما آل له هذا الإنجاز، الذي أتى من أفقدهم طعم الفرح به على أرض الواقع.

فالعديد من المناطق؛ كالزبدية وسيف الدولة والسكري والأنصاري الشرقي، وحسب روايات الأهالي، أُجبر كبار السن والعجز والمعاقين، الذين صمدوا في منازلهم، حيث سحبوا بالقوة، وألقي بهم خارج المنازل بالشوارع، لإبعاد الشهود على السرقة الموصوفة لمحولات ومراكز التحويل الكهربائية، والكابلات والمحولات النحاسية الضخمة، إضافة لتقطيع أعمدة الإنارة الخشبية ومضخات المياه. 

الحمد لله ع الحيطان!

عند التجوال وسؤال المواطنين عما آلت إليه منازلهم، تستشعر كما هائلاً من اليأس لم تحدثه سنوات البرد والجوع والعطش التي عاشها الحلبيون.

أبو مرشد، يحكي باكياً: «ذهبت للاطمئنان على منزلي، وإذ باللجان تقوم بنقل أثاث البناء، ومن ضمنه أثاث منزلي، فتعرفت ابنتي على بعضه، وحاولت منعهم فقاموا بالصراخ علينا وطردنا من المكان»!.

أيمن، يحكي بمراره عند سؤاله عما بقي من منزله، فقال: «لم يبق شيء من البيت، سرق من الأبواب حتى الشبابيك، وسحبت كابلات وتمديدات الكهرباء من الجدران لإذابتها وبيع النحاس بالإضافة لساعات الماء والكهرباء».

في الوقت الذي حدثنا جاره، ضاحكاً بسخرية ومرارة غير قليلين: «اقسم بالله دخلت على بيتي بالأنصاري سالماً من السرقة وذلك في الساعة 5 مساء، عدت له في اليوم الثاني لأخذ بعض الحاجيات الساعة 11 ظهرا لم أجد غير حيطان البيت»، ليضيف: «والحمد لله لاقيت حيطان».

أثاث ملغوم

بالتزامن مع انسحاب المسلحين من المدينة، قام بعضهم بتفخيخ بعض الأبنية والأحياء، لعرقلة تقدم الجيش، انتقاماً من تلك الأفراح ومحاولة منهم لتنغيصها، إلا أن المفارقة أن اللجان لم يبددوا وقتهم بانتظار تمشيط تلك المناطق وتنظيفها!.

يقول جميل: « قام الشباب بأخذ ابن أختي كعامل سخرة للتعفيش، حيث جعلوه ضمن مجموعة استكشاف للمكان (المفخخ) غالباً، وفعلاً انفجرت إحدى العبوات المزروعة وأودت بحياته، وكأن المعفشين على عجلة من أمرهم لدرجة لا تحتمل انتظار عناصر الهندسة لتفكيك المفخخات!!».

خسائر بالملايين

من الصعب الآن أن تصدر حصيلة رسمية لخسائر مدينة حلب، إلا أنك حين التحدث إلى المواطنين وتقديرهم لخسائرهم، تستطيع القول: أن خسائرها فاقت مئات الملايين، ليس من الحرب والمرتزقة فقط، وإنما أيضاً ممن يشبه الدواعش في سلوكه، ومن يقف وراء عنجهيتم من فاسدين.

 

حالة التعفيش في المدينة ولدت بفعل الأزمة، وتحديدا أواخر 2015 مع إشاعة دخول المسلحين واجتياحهم لحي الخالدية، في الزاوية الغربية الشمالية للمدينة، وتكرر ذلك في صيف 2016 عند هجوم المسلحين على حى الرواد والضاحية وبنيامين في الزاوية الغربية الجنوبية، لتنشط أعمال التعفيش على إثر هذين الهجومين، وتحصد غنائم تصل إلى ملايين الليرات السورية من جنى المواطنين.

إلا أن الشهية كانت أكبر بعد تحرير الأحياء الشرقية، وخاصة أنها تحوي محال تجارية وورش ومنازل، اضطر أصحابها إلى مغادرتها.

لكن المفارقة المخزية؛ أن خمس سنوات من سيطرة النصرة الإرهابية و35 فصيل آخر، كان ديدنهم التدمير والتخريب الممنهج لتلك المناطق، ليكمل اللصوص والقتلة والمجرمون على ما تبقى بالمدينة اليوم بالسرقة والنهب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
791