وجوب الاستثمار مع رجال الأعمال!
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

وجوب الاستثمار مع رجال الأعمال!

تم عقد اجتماع المجلس الأعلى للإدراة المحلية بتاريخ 22/12/2016، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وبحضور وزير الإدراة المحلية والبيئة، ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي، وأمين عام رئاسة مجلس الوزراء، ورئيس المجلس الاستشاري فيها، بالإضافة للمشاركين بالاجتماع.

 

خلال الاجتماع، تم التطرق للكثير من القضايا المتعلقة بالإدارة المحلية، والوحدات الإدارية وعملها، حسب ما تم تداوله عبر وسائل الإعلام، ولكن ما تمخض الاجتماع عنه، لم يخرج عن إطار السياسات الليبرالية المتبعة من قبل الحكومة بالنتيجة!.

التمويل الذاتي

تم الحديث عن تشكيل وحدة اقتصادية معنية بالاستثمار بكل وحدة إدارية، وأن يتم تحقيق مؤشرات متقدمة في عمل هذه الوحدات، من خلال تبسيط الإجراءات، ووضع آلية للاستثمار والتمويل الذاتي.

وكأن بمضمون هذا الحديث الذي ختم بعبارة التمويل الذاتي، ما يشير إلى استنكاف التمويل الحكومي المركزي لهذه الوحدات، ما يعني تراجع جديد على مستوى دور الدولة الخدمي والاجتماعي بشكل مباشر، ودون تبطين هذه المرة، ولكنه سيمر مرور الكرام، كما غيره من مؤشرات التراجع المعمول بها تباعاً، منذ عقود، مع الأخذ بعين الاعتبار أن فقدان التمويل أو محدوديته يعني المزيد من المعاناة بالنسبة للمواطنين على مستوى الكثير من الخدمات المناطة بالوحدات الإدارية، اعتباراً من التزفيت والأرصفة والإنارة، وليس انتهاءً بصيانة شبكات الخدمة العامة من ماء وكهرباء وصرف صحي وغيرها.

التقييم مقترن بالاستثمار!

اللافت أيضاً على مستوى النقاشات والأحاديث، ضمن الاجتماع، هو: أن المشاركين أوضحوا أن تقييم أية وحدة إدارية يعتمد على مدى تحقيقها تقدماً في مجال الاستثمار!.

في غياب تام للحديث عن التقييم الأهم على مستوى ما تنجزه هذه الوحدات من مهام، على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، وهي الأساس أصلاً وفق التشريع والقانون الناظم لعملها ومهامها وواجباتها.

ليس ذلك فقط، بل أنه على كل محافظة إعادة النظر بجميع الأملاك التابعة لها جميعها، وكأن تلك الأملاك أصبحت عبئاً على هذه الوحدات الادارية والمحافظة، وبالتالي يجب اعادة النظر بها وفقاً لذلك.

ولكن وفق أي منظور ستتم عملية إعادة النظر بالأملاك التابعة؟ 

الجواب، هو حكماً وفق منظور الاستثمار، الذي سيقيم عمل الوحدات من خلاله، والذي ستعمل من خلاله أيضاً من أجل تمويلها الذاتي وتغطية نفقاتها.

لقد غاب عن الحاضرين برئاسة رئيس الحكومة، أن تلك الأملاك التي يتم الحديث عنها وكأنها عبء واجب التعامل معه، هي ليست أملاك خاصة بالمحافظة أو بالوحدة الإدارية المعنية، بل هي أملاك عامة بإدارة هذه الوحدات، وليس من صلاحياتها العبث والتفريط بها، سواء تحت مسميات الاستثمار أو تحت ذرائع التمويل وغيرها.

وجوب مشاركة رجال الأعمال!

بعد كل ذلك لم يقف الحديث عند هذا الحد، بل تم الحديث أيضاً على أنه يجب على كل محافظ استقطاب رجال الأعمال ومشاركتهم بالاستثمار وتقديم التسهيلات اللازمة في المجالات جميعها.

لتضح الصورة النهائية المطلوبة من الاجتماع بالنتيجة، وهي وجوب المشاركة مع رجال الأعمال في الاستثمارات، مع تقديم كل التسهيلات وفي جميع المجالات.

ما يعني بالعربي الفصيح، فسح المجال أمام حيتان الاستثمار الخاص لغزو جميع الملكيات العامة بإدارة الوحدات الإدارية والمحافظات جميعها، لتفعل بها ما تشاء وما يحلو لها من مشاريع، تدر لها الأرباح على حساب المواطنين وخدماتهم ووجائبهم ومتنفساتهم.

دور الحكومة الراعي!

لم يغب عن الاجتماع دور الحكومة الراعي والمكمل لهذه المهمة التي تم تكليف الوحدات الإدارية بها، حيث تم الإعلان عن أن الحكومة جاهزة لإصدار التشريعات جميعها، التي تسهم في دعم هذه المشاريع ومنح القروض والدعم المالي والإعلامي لتكون الوحدات الإدارية وحدة اقتصادية رابحة.

في تظهير واضح وفاضح لمفهوم الريعية والربح التي تعتمدها الحكومة بسياساتها الليبرالية المعتمدة، الممالئة للمستثمرين والتجار والسماسرة.

حيث من المفترض أن ربح الوحدات الادارية يتمثل أولاً وآخراً بسد الاحتياجات المطلبية والخدمية للمواطنين، مع توفير التمويل اللازم من أجل تحقيق ذلك، دوناً عن مفهوم حساب الربح والخسارة الضيق الذي يتم التعامل به من قبل التجار والسماسرة، وليس بمقدار ما تجنيه تلك الوحدات من عائدات استثمارية، على حساب هؤلاء ومعيشتهم ومتطلباتهم، لمصلحة حفنة من المتنفذين والسماسرة والمستثمرين والفاسدين.

ومن المؤسف أن يتم الحديث عن ربح وخسارة للدولة على مستوى الخدمات المقدمة لمواطنيها، خاصة وأن خزينتها تملأ من جيوبهم أصلاً، فيما يتم غض الطرف عن جيوب وأرباح كبار التجار والسماسرة والمستوردين، المعفيين من كثير من الأعباء المالية والضريبية بحكم التشريعات والقوانين الليبرالية المعمول بها، بل ويتم منحهم الكثير أيضاً وأيضاً، وهم ما زالوا يقولون: هل من مزيد؟!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
790