مطبات: سوق العاطلين

من حكومة لأخرى يتقافز رقم الخيبات، ويدخل مئات ألوف طالبي العمل سوقاً كاسدة وخاوية، ولا تنظر إليهم ولا تعير شهاداتهم مهما علت فهي لا تتوقف عن الدوران، ولا يعنيها الطارئون الجدد، وقد تمرست بحذفهم وإهمالهم، ورمتهم من حساباتها، ويكفيها ما لديها من فائض بشري شبه مقعد.

وللحكومة الحالية عذرها الدائم في حكومة سبقتها، والتي سلفت قدمت أعذارها ومضت إلى الصمت لا يعرف عنها أحد، ولا يحاسبها أحد، وليست معنية بما خلفت من ويلات على اقتصاد منحته إشارة عتقه من مسؤولياته الاجتماعية، وقالت له ستحيا كغابة، والقوي من يعتليك، والضعفاء لا يستحقون الرأفة والحياة.
وزير الشؤون الاجتماعية والعمل يعلن عن رقم جديد للبطالة في سورية، وبالتأكيد يرتفع من 8.2 إلى 14.8 بين عامي 2011-2012، ويترك خلفه توقعات غير حكومية سابقة عن وصول البطالة إلى سقف الـ 20% عام 2009.
 الارتفاع الأكبر بين العاطلين حسب وزير العمل كان بين عمال القطاع الخاص، والسبب كما يقول هو التسريح التعسفي الذي أفرزت مبرراته المرحلة الصعبة التي يعيشها الاقتصاد السوري في ظل أزمته الحالية.
الوزير لم يسأله أحد عن هذا التعسف والذي يمنعه القانون، ويوجب على الوزارة واتحاد العمال أن يدافعا عن حقوق العامل، وأن يكونا حاضنته الاجتماعية والقانونية.
الوزير الحبيب لم يتحدث عن العمال كونهم - كما في كل خطابات المعنيين بهم، والمستفيدين من أصواتهم، ويعتلون كراسٍي تنسب إليهم – من رعايا وزارته.. لم يتحدث عن دور الوزارة في حماية هؤلاء من التعسف، وما الإجراءات الواجب على وزارته اتخاذها لإعادتهم إلى عملهم أو إنصافهم، وعدم ترك الأمر لـ (الحجي) صاحب العمل كي يمنح تعويضاً كما يشاء، أو بدون تعويض كما يحب.

يتحدث الوزير على أن القانون 17 أقرت فيه وزارته حق العامل في القطاع الخاص باللجوء إلى القضاء في حال تم تسريحه من عمله بشكل تعسفي، وهو نفسه من انتقد المحكمة العمالية، والتي يقاطعها أصحاب العمل وبالتالي حال ذلك دون انعقادها، ولم تتخذ حتى الآن قراراً واحداً إلى جانب العامل.
الوزير الحبيب وصل إلى الوزارة العمالية ولديه من الصعوبات ما لا يحتمل وهذا واقع، ومن الفساد ما لا يستطيع وحده اجتثاثه، وبطالة مستفحلة، وتأمينات اجتماعية لا تشمل الجميع، وقانون عمل تحدث هو عن سلبياته وهناته، ومهمات استثنائية لظرف استثنائي.. ولكن مع كل هذا تستلزم كل هذه الصعوبات قدرة كبيرة على التغيير، وإيجاد البدائل، وعدم تناول المعوقات كتلاوة تقرير محايد.

وكانت وزارة العمل قد أوردت  في تقرير إحصائي أن عدد الوافدين إلى سوق العمل هذا العام سيصل إلى 300 ألف وافد، وهذا يعني وحسب خطط الحكومة وقدرة سوق العمل على الاستيعاب أن الإمكانية لا تتعدى استيعاب ربع هؤلاء، وهذا أيضاً في حال تمكنت الحكومة من تنفيذ خططها، وقد تعثرت سابقاً خطط الحكومة لأسباب متعددة.
وعلى ذكر سوق العمل هل يعرف السيد الوزير أن مسابقة في وزارة الكهرباء لتعيين 150 حارساً ليلياً تقدم لها أكثر من 7000 مواطن ومن بينهم حملة شهادات عليا ضاقت بهم البلاد، واضطروا إلى القبول بأي عمل هرباً من البطالة، وضيق الحال، والحياة عالة على الحياة.
 التناقضات الأخرى هي في الأرقام الصادرة عن الوزارة وبقية الجهات المخولة بإصدار الأرقام الإحصائية، وخصوصاً المكتب المركزي للإحصاء، وخلافهما الكبير مع الأرقام التي تصدر عن جهات غير رسمية أو محلية، ومع ذلك فإن تقديرات الوزارة تزيد بثلاثة أضعاف عن تقديرات المكتب المركزي للإحصاء بشأن عدد العاطلين عن العمل، وبالتالي من المؤكد أن الأرقام الحقيقية هي مجموع تقدير الجهتين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
543