حلب.. ماذا بعد؟!

حلب نموذجاً

إن ما تختصره حلب، حضارياً وثقافياً، عَكَسَ تنوعها الاجتماعي والذي تم استغلاله، غربياً وإقليمياً، كحالة أضداد متناحرة، اليوم يمكن أن تصبح مادة غنية، وقاعدة انطلاق مناسبة، ورافعة للتطور إذا ما تم استثمار هذا التنوع باتجاه التقدم والإبداع، والذي يعتبر أساس الوحدة الوطنية ويظهرها كنموذج مصغر لوحدة شعوب الشرق، وما تمتلكه المدينة من زخم صناعي وزراعي وتجاري الذي يفرضه موقع حلب الجيوسياسي.

ما يتوجب على الدولة، العمل على أساس الضرورات واستثمار خصوصية حلب، ما يجعلها أمام استحقاقات كبيرة تتطلب العمل بوتيرة سريعة وفاعلة، وليست منفعلة ومسوفة ومؤجلة، أمام هذا الكم من الركام والدمار، في بناها التحتية، إضافة إلى غياب دور المؤسسات في «شرقها» وتراجعها «غربيها»، مع ضرورة فتح الطرقات ووصل شرايين المدينة، بأقصى سرعة، وتذليل صعوبات التنقل، وتأمين مقومات العودة للمواطنين، والحياة الضرورية بأقصى سرعة، وإيجاد حلول للأزمات المتفاقمة في المدينة بفعل الأزمة (خبز، محروقات، كهرباء، ماء...إلخ) ومحاولة البدء بعملية تأمين مستلزمات انطلاقة العملية الاقتصادية كلها.

رصاص الفساد

ليس الرصاص وحده من قتل السوريين ولا يزال، فالفساد الذي كان مواكباً لعمليات القتل والتخريب الآن، يأتي كحالة نقيضة تماماً للتضحيات الجسام كلها بأشكالها المادية والمعنوية المختلفة، فما يجري من عمليات تعفيش ونهب لأملاك المواطنين لا يخدم عملية التبرير والذرائع، ولكن الأمر يتطلب المحاسبة والمراقبة لإنهائها، فنحن أمام شلال أزمات واستنزاف متدفق يتطلب التقاء مؤسسات الدولة مع إرادة الشعب لتكون سداً منيعاً صامداً في مواجهة تلك الأزمات ومنع الإنهيار والخراب.

إن التصدي لأعباء الحالة الجديدة القائمة أحد الأمور التي راهن عليها أعداء الشعب السوري وعنواناً بارزاً تم التركيز عليه في وسائل الإعلام والمنابر المختلفة، أي قدرة الدولة السورية وحلفائها على النهوض بأعباء هذه المرحلة واستحقاقاتها الموضوعية، وإن من شأن النجاح بها أن يساعد برسم أولي لمسار المرحلة اللاحقة والمرجوة.